نشرت النسخة الإنجليزية لأول مرة في تموز(يوليو) 2018؛ تمت مراجعتها في كانون الثاني (يناير) 2019.

نُشرت الترجمة العربية في نيسان (أبريل) 2021.

 

 
  هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين  

 

الموضوع الأول - وضع حد للعنف ضد المرأة

 

تم الاعتراف بالعنف ضد المرأة لأول مرة كمشكلة متعلقة بحقوق الإنسان في أوائل التسعينات، في نصين رئيسيين : إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة (قرار الجمعية العامة 48/104)، والتوصية العامة رقم 19 من لجنة القضاء على التمييز التي اعترفت بالعنف ضد المرأة كشكل من أشكال التمييز.

ومن المستحسن بدء هذا الموضوع من خلال النظر على إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة (قرار الجمعية العامة 48/104). وهذه وثيقة عملية وسياسية شاملة تصف بالتفصيل جوانب انتشار الأشكال المختلفة للعنف القائم على نوع الجنس ضد النساء والفتيات، وكيف يتعارض العنف ضد النساء والفتيات مع معايير حقوق الإنسان، ويضع هذا الإعلان توصيات شاملة للتغيير. كما كان هذا الإعلان هو اللبنة الأساسية لجميع التطورات القانونية الدولية للتصدي للعنف ضد المرأة. وهذا الإعلان يكمن أهميته باعتباره يعبر عن الاهتمام والالتزام العالميين لضمان التغيير، كما تم اعتماده بالإجماع من قبل جميع دول العالم، من خلال المشاركة في المنتدى العالمي لوضع المعايير للجمعية العامة في الأمم المتحدة. وعلى الرغم من مرور أكثر من 25 عامًا منذ أن وافقت جميع الدول على هذه الوثيقة كنهج قانوني وسياسي لمكافحة العنف ضد المرأة، إلا أننا ما زلنا في وضع تتعرض فيه واحدة من كل ثلاث نساء وفتيات للعنف القائم على نوع الجنس (منظمة الصحة العالمية، قسم الصحة الإنجابية والبحوث، كلية لندن للصحة والطب المداري، مجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا، 2013). ومع ذلك، فقد ازداد القلق والالتزام السياسي بإنهاء العنف ضد المرأة بشكل كبير ويرجع ذلك جزئياً إلى وجود تبادل المعلومات عبر الإنترنت والتوعية والتحرك الدائم لوضع حد للعنف.

وعلى إثر ذلك، فقد أقدمت منظمات المجتمع المدني المناصرة لحقوق المرأة، على مدى قرون، بحملة لتوعية المرأة بمجموعة متنوعة من القضايا المتعلقة بها - بما في ذلك حقها في التصويت. وبدأت الحملات ضد العنف على المرأة كقضية عالمية في السبعينيات من القرن المنصرم، مع التركيز خاصة معضلات التي تواجه النساء مثل الملاجئ ومراكز دعم النساء التي تعرضن للاغتصاب. إلا أنه مع تبلور مفهوم العنف ضد المرأة باعتباره قضية من قضايا حقوق الإنسان في أوائل التسعينات، بدأت مرحلة جديدة من الحملة المناصرة لحقوق المرأة، وبدأ مركز شبكة النساء العالميات في جامعة روتجرز بالولايات المتحدة الأمريكية سلسلة دولية من الحملات المحلية. سميت هذه الحركة الشاملة بـ "16 يومًا من النشاط" لأنها ركزت على فترة 16 يومًا، بين 25 نوفمبر (اليوم العالمي للعنف ضد المرأة) و10 ديسمبر (يوم حقوق الإنسان).

وتساهم تكنولوجيات الاتصال الرقمي في سرعة ونطاق جهود الدعوة لإنهاء العنف القائم على نوع الجنس ضد النساء والفتيات. وقد استخدمت الحركة العالمية "V-Day" فقرة من مسرحية، أحاديث المهبل "Vagina Monologues" للكاتب إيف إنسلر، كخطوة مبتكرة للتعبير عن الحركة النسوية باللغة المحلية. وإن حركة "V-Day" هي الآن حركة عالمية متنوعة تعتمد على المسرح والرقص للتضامن مع النساء في كل أنحاء العالم، بما في ذلك توفير مكان للطبابة والشفاء من العنف والتعلم ونشاطات مختلفة في مدينة تسمى مدينة الفرح في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتم إنشاء مواقع على الإنترنت تسمح للنساء بالإبلاغ عن تجاربهن عن العنف والسعي للتضامن والدعم من المستخدمين الآخرين - على سبيل المثال، مواقع "Hollaback" وهو متاح في بلدان مختلفة، يسمح للنساء والفتيات بالإبلاغ عن أعمال التحرش والعنف في الشوارع، وتبادل المعلومات حول الحفاظ على الأمان.

وتجاوزت حركة "أنا أيضا" (#MeToo) حملات المجتمع المدني المنظمة إلى الاستجابات الفردية الفورية باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لتقديم الشهادة فردية للمعفنات، والتضامن مع الناجين الآخرين، وكذلك كطريقة للمطالبة لتغيير الواقع الاجتماعي. وقد أثبتت طريقة عمل حركة "أنا أيضا" أنها مرنة للغاية عبر الحدود الافتراضية كوسيلة لتسليط الضوء على الموضوع الأوسع ألا وهو العنف ضد النساء، ولتعزيز الأعراف والأفكار المحلية والحجج المؤدية إلى التغيير الاجتماعي. ولفهم بعض المناقشات الحالية، تتم دعوة المحاضرين والطلاب للاطلاع على ثلاث من العروض التقديمية على الإنترنت، من قبل شيماماندا نغوزي أديتشي ،ولورا بايتز  وتارنا بايك.

 

الأشكال المتنوعة للعنف القائم على نوع الجنس ضد النساء والفتيات

تتعد أشكال العنف ضد المرأة، إلا أنه ينحصر ضمن ثلاثة صور؛ العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي يرتكب من قبل إما الدولة، أو المجتمع أو الأسرة (الجمعية العامة للأمم المتحدة، 1993). ويشمل العنف القائم على نوع الجنس في جميع الظروف: عمليات القتل على أساس الجنس؛ الاغتصاب والعنف الجنسي؛ الزواج القسري والذي يشمل زواج الأطفال من دون سن 18؛ التحرش الجنسي في أماكن العمل والمدارس والأماكن العامة؛ تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والممارسات الضارة الأخرى؛ الاتجار والعنف عبر الإنترنت ضد المرأة؛ العنف الاقتصادي، بما في ذلك إساءة استخدام المهر؛ وكذلك الإساءات النفسية. وإن النساء والفتيات هم الأكثر عرضة للتهميش بسبب جوانب أخرى من هوياتهن - على سبيل المثال، الإصابة بإعاقة، أو كونهم نساء وفتيات مثليات أو مزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية – هم أكثر عرضة للاستهداف من قبل الجناة (الأمم المتحدة للمرأة، 2017).

وعلى الرغم من تنوع وتفرع أشكال العنف، إلا أنها مترابطة. فعلى سبيل المثال، زواج الأطفال، هو ممارسة تحدث في جميع مناطق العالم، وترتبط بشكل مباشر بارتفاع مستويات العنف العائلي، بما في ذلك الاغتصاب داخل الزواج. وإن مرور الأيام والسنين يسلط المزيد من الضوء على الأشكال المتنوعة للعنف القائم على نوع الجنس، ويسهل ذلك من خلال تحديد الجناة الذين يستهدفون الفتيات والنساء في مختلف الأعمار لمختلف أنواع العنف المختلفة.

 

التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للعنف القائم على نوع الجنس ضد النساء والفتيات

إن التكاليف الناتجة عن العنف القائم على نوع الجنس لا يتحملها ضحايا العنف فقط. ففي الواقع تثير التكاليف الاقتصادية التقديرية للعنف ضد المرأة القلق على الصعيد الدولي. وتشير الملاحظات التالية، التي أدلى بها الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ونائب المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إلى حجم وتعقيد هذه التكاليف حيث :

تشير البحوث المختصة إلى أن تكلفة العنف ضد المرأة يمكن أن تصل إلى حوالي 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وإن العنف ضد النساء والفتيات يجلب تكاليف اقتصادية باهظة لأي مجتمع. وإن التأثير السلبي على مشاركة المرأة في التعليم والعمل والحياة المدنية يقوض الجهود الرامية من الحد من الفقر. العنف يؤدي إلى فقدان الوظائف والإنتاجية، ويستنزف الموارد من الخدمات الاجتماعية ونظام العدالة ووكالات الرعاية الصحية وأرباب العمل. (هيئة الأمم المتحدة للمرأة، 2016).

ومن الجلي أنه بالإضافة إلى الأضرار الشخصية الخطيرة التي يعاني منها ضحايا العنف القائم على نوع الجنس، فإن التكاليف المالية لهذا العنف تتحملها المجتمعات ككل. وإذا تم القضاء على العنف القائم على نوع الجنس، يمكن توجيه الأموال التي يتم إنفاقها حاليًا على الوقاية من العنف والاستجابة له في الخدمات المجتمعية الأخرى (الرعاية الصحية والتعليم ومشاريع التنمية، على سبيل المثال).   

 

معالجة الأسباب الجذرية للعنف القائم على نوع الجنس

إن اتخاذ خطوات فعالة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات يتطلب فهم أسباب وجذور النعف. وينظر "النموذج البيئي المجتمعي" في كيفية كون تعدد القوانين التي تتضمن الاستحقاق والتصاريح - داخل الدولة، في المواقف الاجتماعية في المجتمعات، والأسر، التي تترسخ لدى الأفراد - تعزز العنف ضد المرأة، وهيمنة الرجال على النساء في المجالات السياسية والثقافية القوة الاقتصادية. النموذج البيئي المجتمعي الذي اقترحته لوري هايز لأول مرة في عام 1998 (هايس، 1998). تم تلخيصه في مقال لارا فيرغوس (2013) بعنوان "ما الذي يسبب العنف ضد المرأة ؟ يتطلب إنهاء العنف ضد المرأة التغيير على جميع مستويات النظام الاجتماعي السياسي".

وإن العوامل المسببة في الدول والمجتمعات المدنية والمجتمعات المحلية والأسر، تتفاعل لإدامة التمييز الهيكلي الذي يسمح العنف ضد المرأة ليتفاقم ويستمر. ولذا يجب فهم المشكلة بشكل منهجي. ولذلك فإن "تفسيرات العنف التي تركِّز بالدرجة الأولى على السلوك الفردي أو التاريخ الشخصي، كتعاطي المشروبات الكحولية أو التعرُّض المسبق للعنف، تتغاضى عن الأثر الأوسع نطاقاً للتفاوت المنهجي بين الجنسين وتبعية المرأة" (فيرغس، 2013).

وفي حين أن مصطلح "الضعف" يُستخدم أحيانًا لوصف سبب تعرض النساء والفتيات لأشكال مختلفة من العنف، إلا أنه شكل من أشكال إلقاء اللوم على الضحايا، والذي يحرف الانتباه عن الأسباب الهيكلية للعنف، والأفراد الذين يرتكبون أفعال العنف قائمة على أساس جنس الضحية. ولذلك، فإن الطريقة الأكثر دقة لوصف الأسباب هي أن "الجناة يختارون استهداف النساء والفتيات" بطرق مختلفة، وفقًا لمراحلهم في دورة الحياة، ولكن أيضًا بسبب جوانب أخرى من هويتهم، مثل التوجه الجنسي أو العرق أو عجز. وإنه من المستحسن عند عرض الصور المتعددة للعنف ضد النساء والفتيات، النظر في الطرق التي يُتوقع من النساء والفتيات أن يقدمن أنفسهن بها (ملابسهن وسلوكياتهن وخطط حياتهن وما إلى ذلك) للتوافق مع القوالب النمطية وتجنب التعرض لأهداف العنف القائم على نوع الجنس. من المثير أكثر التفكير في كيف أن هذه الخطوات الاستباقية غير كافية لحماية النساء والفتيات من العنف. وهذه النقطة مهمة، أي مسألة تعريف المرأة لنفسها وعرض صورتها للعالم، لأنها توضح أن مشكلة العنف ضد النساء والفتيات ليست مشكلة تكون فيها النساء والفتيات السبب أو الحل. ولا يتعلق الأمر بما تفعله أو لا تفعله النساء والفتيات، بل يتعلق بكيفية إلقاء النساء والفتيات وتقييدهن من خلال المواقف وأنماط السلوك الراسخة التي تعمل على مستوى الأسرة والمجتمع والدولة.

 

التالي

العودة الى الأعلى