هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين  

 

المسائل الرئيسية

 

لطالما اعتبرت الصحافة ركيزة للديمقراطية، بالنظر إلى وظيفتها المتمثلة في توصيل المعلومات الحيوية للجمهور فيما يتعلق بالمؤسسات والأفراد من ذوي النفوذ. ويُعد المواطن المستنير أمر بالغ الأغمية من أحل تحقيق الحكم الرشيد وأمر أساسي لكشف الفساد ومنعه، وهذا يفترض أن المعلومات دقيقة وصادقة وغير متحيزة. وفي الواقع، هذه بعضٌ من المسؤوليات الأخلاقية، التي يجب على الإعلاميين أن يتحلوا بها، التي تستكشفها الوحدة التعليمية. وتعتبر المناقشات ذات صلة بالطلاب الذين هم مستهلكون لوسائل الإعلام ويرغبون في فهم الالتزامات الأخلاقية التي يمكن أن يتوقعوا من الإعلاميين دعمها. وبالإضافة إلى استهلاك الوسائط، يلعب العديد من الطلاب دورًا نشطًا في إنتاج الوسائط، وخاصة فيما يتعلق بوسائل الإعلام الاجتماعية. ولذلك، بعد مناقشة الالتزامات الأخلاقية للعاملين في وسائل الإعلام، تشرع الوحدة التعليمية في معالجة مسؤولية جميع الأفراد عن ممارسة السلوك الأخلاقي في إنشاء ونشر وسائل التواصل الاجتماعي. وتبحث الوحدة التعليمية أولاً في المصطلحات والمفاهيم الأساسية.

 

المصطلحات والمفاهيم

المفهومان الرئيسيان المستخدمان في هذه الوحدة التعليمية هما "الوسائط" و"الأخلاقيات". و تأتي كلمة أخلاقيات من الكلمة  اليونانية إيثوس، والتي تعني الشخصية، أو من هو الشخص الجيد، أوماذا يفعل ليكون لديه شخصية جيدة. ويتم استكشاف مفهوم الأخلاقيات بالتفصيل في النزاهة والأخلاقيات، الوحدة التعليمية 1 (مقدمة وإطار مفاهيمي)، والتي تقدم للطلاب تعريف ريتشارد نورمان للأخلاقيات: "محاولة التوصل إلى فهم لطبيعة القيم الإنسانية، وكيف ينبغي لنا أن نعيش، وما الذي يشكل السلوك الصحيح" (نورمان، 1988، ص 1). ويتم تعريف الوسائط من قبل قاموس ميريام ويبستر على أنها "نظام ومؤسسات الاتصال التي يتم من خلالها نشر المعلومات على عدد كبير من الناس". ويوجد تعريف أكثر حداثة وقابلًا للتواصل في موقع Dictionary.com، والذي يعرف الوسائط بأنها "وسائل الاتصال، [مثل] الراديو والتلفزيون والصحف والمجلات والإنترنت التي تصل إلى الناس أو تؤثر عليهم على نطاق واسع".

ويشير مفهوم "أخلاقيات وسائط الإعلام" على نطاق واسع إلى المعايير الصحيحة للسلوك التي ينبغي لمقدمي وسائط الإعلام والناشرين لها أن يحاولوا اتباعها. وهناك العديد من فروع وسائط الإعلام أكثر مما كانت عليه في أوقات سابقة في التاريخ، وذلك مع ظهورالتكنولوجيا الحديثة والعولمة المتزايدة في عالم اليوم. وهذه النماذج الإعلامية الجديدة تثير قضايا أخلاقية جديدة. فعلى سبيل المثال، أثيرت اليوم العديد من القضايا الأخلاقية فيما يتعلق بالإنترنت، والتي لم تكن موجودة قبل أربعين عامًا. ونتيجة لوجود مجموعة متنوعة من المنابر الإعلامية وكون فرص الوصول إليها كبيرة للغاية، قد تظهر مشاكل مختلفة حسب فرع وسائط الإعلام المعني.

وأدت التكنولوجيا أيضًا إلى ظهور ما يسمى بـ"الصحفيين المواطنين" حيث يسجل الناس الأحداث الإخبارية أثناء وقوعها ويصورونها وتسجيلها بالفيديو (بالكلي، 2012).ولكن يزيد الصحفيون المواطنون من تعقيد قضايا أخلاقيات وسائط الإعلام والتي سيتم مناقشتها في أحد التدريبات. وتتمثل الفكرة الأساسية في موضوع أخلاقيات وسائط الإعلام عبر العديد من فروع الوسائط المختلفة في النزاع المحتمل بين معايير السلوك الأخلاقي ورغبة الشركات في الربح، ويتم  مناقشة هذه المسألة وقضايا مماثلة أخرى في الوحدة التعليمية 11 (النزاهة والأخلاق في قطاع الأعمال)، والتي تتعمق أكثر في القضايا الأخلاقية التي تواجه العناصر الفاعلة في القطاع الخاص، والوحدة التعليمية 14 (الأخلاقيات المهنية)، التي تناقش قضايا مدونات الأخلاقيات المهنية وأخلاقيات الأدوار.

ومن المهم أن يدرك الطلاب وجود تضارب في المصالح عبر العديد من المجالات داخل وسائل الإعلام وأن يقيموا المعايير الأخلاقية المطلوبة للصحفيين والمستهلكين والشركات أو الأفراد الذين يلعبون دورًا في توفير المعلومات ونشرها للجمهور. ونظرًا لأن جميع الأطراف المعنية مطالبة بأن تلتزم بالمعايير الأخلاقية، فإن هذه الوحدة التعليمية تأخذ في الاعتبار المبادئ الأخلاقية لكل من العاملين في مجال الإعلام وغير المهنيين الذين يشاركون في إنشاء ونشر الوسائط، ثم تتيح للطلاب الانخراط بشكل كلي في هذه المواد من خلال التدريبات.

 

المبادئ الأخلاقية للصحفيين وغيرهم من مقدمي خدمات الإعلام

على الرغم من أن هذه الوحدة التعليمية تأخذ بعين الاعتبار الالتزامات الأخلاقية لكل من محترفي الإعلام وغير المحترفين، تجدر الإشارة إلى أن محترفي الإعلام يلتزمون بمعايير أخلاقية أعلى مقارنة بغير المحترفين، وواجبهم تزويد المجتمع بمعلومات دقيقة وصادقة وغير متحيزة، ويتحمل العاملون في مجال الإعلام التزامات أخلاقية تجاه المجتمع عن طريق أنشطتهم كصحفيين أو مراسلين أو مذيعين أو مالكي شركات إعلامية. ويتأثر دور وسائل الإعلام في الوقت المعاصر بتسويق وتنوع الجهات الفاعلة الإعلامية، والتي تشمل القواعد الشعبية ووسائط الإعلام المستقلة، ووسائط الشركات، ومجموعات المناصرة، وشركات الإعلام الموحدة، ووسائل الإعلام المملوكة للدولة والمخصخصة حيث أن الالتزامات الأخلاقية على الوسائط تنطبق على كل هؤلاء.

وطورت العديد من دور وسائل الإعلام ومنصات الإنترنت والجمعيات المهنية وغيرها من المنظمات مدونات أخلاقية للصحفيين، وتم اعتماد أكثر من 400 مدونة أخلاقية للصحفيين في جميع أنحاء العالم، والتي يمكن الوصول إلى الكثير منها في قاعدة بيانات موقع الصحافة المسؤولة. وقد تم اعتبار مدونة المبادئ التي اعتمدها اتحاد الصحفيين الدولي في عام 1954 بمثابة بيان عالمي حول الأخلاق في الصحافة. ووفقًا لقانون اتحاد الصحفيين الدولي، فإن القيم الأساسية للصحافة هي الحقيقة والاستقلال والحاجة إلى التقليل من الضرر إلى الحد الأدنى. وهناك قانون أخلاقيات مؤثر للصحفيين هو الذي تبنته جمعية الصحفيين المهنيين في الولايات المتحدة عام 2014. وتتوفر مدونة الأخلاقيات التي اعتمدتها  جمعية الصحفيين المهنيين بعدة لغات بما في ذلك العربية والصينية والفرنسية والألمانية والفارسية والبرتغالية والروسية والإسبانية. وتنص ديباجتها على أن "الصحفي الأخلاقي يتصرف بنزاهة" وأن المدونة لها أربعة مبادئ أساسية تدعو الصحفيين إلى: (1) البحث عن الحقيقة والإبلاغ عنها ، و(2) تقليل الضرر ، و(3) التصرف بشكل مستقل ، و(4) أن تكون  مسؤولاً وذا شفافية. وتحتوي مدونة الأخلاقيات التي اعتمدتها جمعية الصحفيين المحترفين تحت كل مبدأ على مزيدًا من الإرشادات، وتدعو الصحفيين إلى التعامل مع عملهم وفقًا لأعلى معايير الأخلاق. وتنطبق هذه المبادئ، التي تمت مناقشتها بمزيد من التفصيل أدناه، على الصحافة التقليدية وكذلك على الأشكال الحديثة لوسائط التواصل الاجتماعي مثل Facebook وYouTube وInstagram وTwitter وLinkedIn، وعلى الرغم من  أن بعض الأمثلة أدناه هي تنبع من مدونة الأخلاقيات التي اعتمدتها جمعية الصحفيين المحترفين، إلا انها تنطبق عالميا لأن مبادئ وقيم مماثلة تتبناها رموز الصحافة في جميع أنحاء العالم.

(1) "ابحث عن الحقيقة وأبلغ عنها"

وفيما يتعلق بالمبدأ الأول (البحث عن الحقيقة والإبلاغ عنها)، تدعو مدونة الأخلاقيات التي اعتمدتها جمعية الصحفيين المحترفين الصحفيين إلى تحمل مسؤولية دقة عملهم، والتأكد من المعلومات قبل نشرها، والاعتماد على المصادر الأصلية كلما أمكن ذلك. كما أن المدونة تعمل على تعزيز وتشجيع الصحفيين على استخدام عملهم لتسهيل توفير المزيد من الشفافية لمن هم في السلطة. فعلى سبيل المثال، تتطلب المدونة أن يكون الصحفيين ثابتين وشجعان في جهودهم المستمرة لمحاسبة المسؤولين، كما أنه يجب على الصحفيين، وفقًا لهذه المدونة، توفير منصة لأولئك الذين قد لا يكون لهم صوت في المجتمع. وتنص المدونة أيضًا على أنه ينبغي على الصحفيين دعم الحوار المفتوح والمدني الذي يتم فيه تبادل وجهات النظر المختلفة ، حتى إذا وجد الصحفيون أنفسهم وجهات النظر هذه موضع اعتراض. ويتحمل الصحفيون مسؤولية خاصة في أن يكونوا مراقبين على الحكومة والشؤون العامة. وعلاوة على ذلك، ينبغي على الصحفيين السعي لضمان شفافية السجلات والأعمال العامة، وطبقاً لهذا المعنى ـ فإن مدونة مدونة الأخلاقيات التي اعتمدتها جمعية الصحفيين المحترفين تروج لفكرة أن الصحفيون مدينين للجمهور بتقديم معلومات دقيقة، لتسهيل الوصول المفتوح والشفافية للحكومة والأفراد الآخرين في المناصب الرسمية، وتزويد أولئك الذين ليس لهم صوت في المجتمع بفرصة للتحدث وتبادل معتقداتهم ووجهات نظرهم وخبراتهم.

و يؤكد خبراء أخلاقيات الإعلام علي قيمة وأهمية أن يبحث الصحفيون عن الحقيقة. كما أنه يجب أن يكون الصحفيون والمؤسسات الإخبارية صادقين وأن تمثل تقاريرهم بدقة القضايا أو القصص التي يتم الإبلاغ عنها. ومع ذلك، مع وضع ما ورد في عين الاعتبار، من المهم للغاية أن يحافظ الصحفيون على احترام الخصوصية الفردية أثناء البحث عن الحقيقة. ولكن في بعض الأحيان، قد يتعارض حق الفرد في الخصوصية مع حاجة الجمهور إلى معرفة المعلومات. ولذلك، هناك التزامات أخلاقية على جانبي كل قرار مما يجعل الصحفيين يواجهون خيارات صعبة.

(2) "تقليل التسبب في الأذى"

يؤكد واضعو مدونة الأخلاقيات التي اعتمدتها جمعية الصحفيين المحترفين بموجب المبدأ الثاني على أنه يجب على الصحفيين أيضًا التقليل إلى الحد الأدنى من التسبب في الأذىالذي قد ينجم عن تقاريرهم وأن الصحافة الأخلاقية تتطلب معاملة المصادر والمواضيع والزملاء وأعضاء الجمهور على أنهم بشر يستحقون الاحترام. وعلى هذا النحو، يجب على الصحفيين النظر في حقوق الخصوصية الفردية وكذلك تأثير تقاريرهم على الأفراد بشكل عام. وينص القانون على أنه يجب على الصحفيين إظهار التعاطف مع الأفراد الذين قد يتأثرون بالتغطية الإخبارية، والتي قد تشمل الأطفال أو الأحداث أو ضحايا الجرائم. ويجب على الصحفيين أيضًا مراعاة الاختلافات الثقافية عند التفكير فيما يتعلق بطرق تلقي الأخبار أو المعلومات. وتنصح المدونة الصحفيين بإظهار "الحساسية المتزايدة" في هذه الظروف (جمعية الصحفيين المحترفين،  2014).

والتوتر بين الأهداف المتنافسة المتمثلة في نشر المعلومات من أجل تحقيق مصلحة أكبر للجمهور والامتناع عن مشاركة هذه المعلومات من أجل حماية حقوق الخصوصية الفردية يثير أسئلة أخلاقية ويتطلب من الصحفيين النظر في مختلف العوامل في هذه القرارات الاستراتيجية ووزنها. كما أن الأذى الذي يلحق بالفرد قد يتخذ شكل غزو للخصوصية أو نشر المعلومات التي تسيء إليه أو تضر به بطريقة أو بأخرى.

وفي هذه القرارات، قد يأخذ الصحفيون بعين الاعتبار مدارس فكرية مختلفة، بما في ذلك أخلاقيات الفضيلة، والنفعية وعلم الأخلاق (آس، 2016، ص 262)، والتي تم بحثها في الوحدة التعليمية 1 من سلسلة النمائط "النزاهة والأخلاق". كما أن الفرضية الأساسية للنفعية هي أن أخلاق العمل تعتمد على ما إذا كانت تزيد من "المنفعة" الاجتماعية الشاملة (أو السعادة). وبشكل أكثر تحديدًا، النفعية هي فكرة أن الهدف من العمل يجب أن يكون تحقيق أكبر توازن ممكن من المتعة على الألم أو أكبر سعادة لأكبر عدد من الناس (انظر الوحدة التعليمية 1 لمزيد من التوضيح والمصادر).

ويمكن للنفعية أن تبرر نشر المعلومات للجمهور على الرغم من حدوث انتهاك بسيط لحقوق الخصوصية، أو يمكن أن تبرر حجب المعلومات من أجل حماية حقوق الخصوصية في ظروف معينة. ويمكن للنفعية أن تبرر الخصوصية الفردية، بشكل تناسبي، وحقوق الملكية، حيث أن هذه الأشياء تؤدي إلى أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس، على عكس ذلك بالنسبة للفرد فقط. ويمكن استخدام النفعية لتبرير خصوصية بعض الأفراد إذا كان ذلك سيسهل لعامة الناس وصولاً أكبر إلى المعلومات.

ويقدم علماء الأخلاق، من ناحية أخرى، وجهة نظر متنافسة توفر دفاعًا أكثر وضوحًا عن حقوق الخصوصية الفردية، باعتبار هذه الحقوق ضرورية لوجودنا وممارساتنا الأساسية كعوامل أخلاقية مستقلة. وبالتالي، فإن أخصائيي علم الأخلاق يفضلون حماية الخصوصية الفردية على الإفصاح عن المعلومات التي من شأنها أن تخدم الصالح العام على حساب الفرد. ويتم تعريف علم الأخلاق أيضًا في الوحدة التعليمية 1. وفرضيته الأساسية، وفقًا لتلك الوحدة التعليمية، هي أن الأخلاق تعتمد على التوافق مع مبادئ أو واجبات معينة بغض النظر عن العواقب. ولذلك، سيكون رد علماء الأخلاق على هذا السؤال في أخلاقيات وسائل الإعلام هو أننا يجب ألا ننتهك حقوق الخصوصية الفردية للآخرين، لأننا لا نريد انتهاك حقوق خصوصيتنا .

ووجهات النظر المتنافسة هذه تسترشد بالنُّهج الخاصة بالأسئلة في أخلاقيات وسائط الإعلام وهي ذات صلة خاصة عند معالجة أسئلة حماية الخصوصية الفردية وتقليل الأذى الذي يلحق بالفرد، من ناحية، وخدمة الصالح العام الأكبر من ناحية أخرى.

3) "تصرف بشكل مستقل"

يُدعى الصحفيون أيضًا إلى التصرف بشكل مستقل، وهو المبدأ الثالث الموضح في مدونة الأخلاقيات التي اعتمدتها جمعية الصحفيين المحترفين. وبموجب هذا المبدأ، يؤكد واضعو المدونة على أن المسؤولية الأساسية للصحافة الأخلاقية هي خدمة الجمهور (جمعية الصحفيين المحترفين، 2014 ، الحاشية 6). وعلى هذا النحو، يجب على الصحفيين اعتبار الجمهور أولاً، ورفض أي معاملة خاصة للمعلنين أو المانحين أو أي مصالح خاصة أخرى، ومقاومة الضغط الداخلي والخارجي للتأثير على التغطية الإعلامية. وهذا يتطلب من الصحفيين رفض الهدايا وتجنب أي تضارب في المصالح.

والذي حدث في كندا عام 2015 يعتبر مثالا للسلوك الذي يتعارض مع مبدأ التصرف بشكل مستقل عندما استقال ليزلي روبرتس، مذيع الأخبار في جلوبال تورنتو، وهي وكالة أنباء في كندا، من منصبه في الشبكة بسبب مزاعم خطيرة بتضارب المصالح (أخبار عالمية، 2015)،  حيث أن  روبرتس اعترف  علنا ​​بأنه كان يملك حصة في  شركة علاقات عامة في السر ظهر عملاؤها في برامج جلوبال نيوز. ولم يعلم روبرتس روبرتس إدارة شركة جلوبال نيوز أبدًا بصلته بشركة العلاقات العامة. ويثير مثل هذا التضارب في المصالح مخاوف أخلاقية خطيرة، حيث يقع على عاتق وسائل الإعلام واجب توفير معلومات غير متحيزة ومستقلة. فإذا قام مذيع ووكالة أخبار بتقديم معلومات إلى الجمهور تميل إلى التفضيل لدى الضيوف الذين يحضرون العرض والذين ربما يتم تحفيزهم لإرسال رسالة معينة إلى الجمهور، فقد تم انتهاك واجب تقديم الحقيقة. ويتعارض هذا السلوك مع مبدأ التصرف المستقل المنصوص عليه في المدونة.

ويُعتبر تسليم "مظاريف بنية" تحتوي على مبالغ نقدية كبيرة للصحفيين في لقاءات صحفية مقابل نشر قصصهم، مثال آخر على السلوك الذي لا يفي بالمبدأ القائل بأن الصحفيين يجب أن يتصرفوا بشكل مستقل هو. واتجاه صحافة "المظروف البني" يتعارض  بشكل أساسي مع مبدأ الاستقلال في الصحافة ويسمح لوسائل الإعلام بتقديم معلومات مشوّهة أو متحيزة إلى الجمهور (نوباني ، 2015).

(4) "كن مسؤولاً وشفافاً"

تنصح مدونة الأخلاقيات التي اعتمدتها جمعية الصحفيين المحترفين الصحفيين بضرورة خضوعهم للمساءلة والشفافية، وهذا ما يمثل المبدأ الرابع. ويجب على الصحفيين شرح الخيارات والعمليات الأخلاقية للجماهير ويجب أن يعترفوا علنًا بأي أخطاء، ويجب عليهم أيضا تصحيح هذه الأخطاء على الفور وبشكل بارز. وفي المثال المشار إليه أعلاه، أدرك ليزلي روبرتس أنه على أن الصحفيين ملزمين أن الكشف عن السلوك غير الأخلاقي في الصحافة للجمهور، بما في ذلك أي سلوك داخل مؤسساتهم ، حيث تنص المدونة أيضًا على أن الصحافة الأخلاقية تعني "تحمل مسؤولية عمل الفرد" وشرح قرار الفرد للجمهور". واعترفت "غلوبال نيوز" بالسلوك الغير الأخلاقي للسيد روبرتس وأدلت بالبيان التالي بعد استقالته: "لا تزال "غلوبال نيوز" ملتزمة بالصحافة المتوازنة والأخلاقية التي تخدم مصلحة الجمهور." وأظهرت خطاب استقالته علناً والذي أقر فيه بأن سلوكه غير الأخلاقي كان سبب استقالته من الشبكة واعتذر بالقول: "أنا آسف على هذه الظروف، وعلى وجه التحديد عدم الكشف عن المعلومات، مما أدى إلى هذه النتيجة "(أخبار عالمية ، 2015).وإن الطريقة المستقيمة أخلاقيا التي تعاملت بها "غلوبال نيوز" مع تضارب المصالح هي الطريقة التي تحافظ على المبادئ المنصوص عليها في المدونة وتلتزم بالمعايير العالية لسلوك الصحفيين والتي تشكل جزءًا أساسيًا من أي نقاش حول أخلاقيات الإعلام.

وباختصار، على الصحفيين (1) البحث عن الحقيقة والإبلاغ عنها، و(2) نشر المعلومات بطريقة تقلل إلى أدنى حد من التسبب في الأذى الذي يمكن أن يلحق بالجمهور، و(3) التصرف بشكل مستقل في تقديم هذه المعلومات، و(4) أن يكونوا مسؤولين وشفافين في العملية. وهذه الواجبات الأخلاقية الخاصة بالصحفيين هي مفاهيم أساسية في أخلاقيات الإعلام.

(5) الموضوعية

الواجب أو المبدأ الأخلاقي الخامس الذي يمكن مناقشته في الفصل هو مفهوم الموضوعية الذي يعتبرمنذ فترة طويلة  قاعدة في الصحافة، والموضوعية هي حاليا موضوع نقاش كبير يميل إلى الاعتراف بالشفافية كمبدأ مفضل. وفي حين أن البشر قد لا يكونوا أبدًا هدفًا حقيقيًا، يمكننا على الأقل الكشف عن أطرنا المرجعية. وتقدم ألكسندرا كيتي المزيد من التفاصيل حول هذه الفكرة في مقالتها "الموضوعية والصحافة: هل يجب أن نكون متشككين ؟" (2017).

 

المبادئ الأخلاقية للصحفيين المواطنين ومستهلكي وسائل الإعلام

في حين أن أكثر الالتزامات الأخلاقية المعروفة على نطاق واسع في عالم الإعلام هي تلك التي يدين بها الصحفيون للجمهور، فإن الأفراد الذين ليسوا محترفين في مجال الإعلام ما زالوا يتحملون مسؤولية التصرف بنزاهة في استخدامهم واستهلاكهم لوسائط الإعلام.

ولتوضيح هذا الالتزام، ستبحث هذه الوحدة التعليمية أولاً في حالة الأشخاص الذين يشار إليهم غالبًا باسم "الصحفيين المواطنين"، وهم أشخاص ليسوا محترفين في مجال الإعلام. في كثير من الأحيان ، هم ببساطة المارة الذين معهم هاتف ذكي.، ومع ذلك، يمكن لهؤلاء الأشخاص في بعض الأحيان الوصول إلى الأحداث التي لا يتكشف عنها الصحفيون التقليديون دائمًا. ونظرًا للطبيعة العالمية لوسائط التواصل الاجتماعي ، يمكنهم مشاركة تسجيلاتهم وصورهم مع عدد غير محدود تقريبًا من الأشخاص.وقد شوهدت أمثلة على هذه الظاهرة عندما كان الآلاف من الناس على الأرض ينشرون تجاربهم على الإنترنت خلال إعصار ساندي 2012، وزلزال فوكوشيما 2011، وتفجير ماراثون بوسطن 2013، وهجمات باريس الإرهابية عام 2015 ، والصراعات العالمية المختلفة. ورغم أن هذا كان مفيدًا من نواح كثيرة، إلا أنه قد أدى أيضًا إلى انتشار الشائعات الخطيرة والبيانات غير الصحيحة.

ولا ينبغي أبدًا محاولة إثناء المواطنين العاديين عن مشاركة ما يرونه. ومع ذلك، فإن السلطة المتزايدة لمواقعهم بسبب منصات التواصل الاجتماعي تخلق واجبًا أخلاقيًا يتطلب العمل بحذر. ويجب على الصحفيين المواطنين السعي لتحقيق نفس النزاهة المتوقعة من وسائط الإعلام الإخبارية المحترفة ، مما يعني طرح أسئلة مثل ما يلي قبل مشاركة المواد عبر الإنترنت :

  • هل ما أقوم بنشره دقيق ؟
  • هل تم التحقق من مصادر المعلومات الخاصة بي ؟
  • هل سيتضرر أي شخص من خلال مشاركة هذه المعلومات ؟

وينبغي أن يكون هدف الصحفيين المواطنين هو المساهمة في أن يفهم المجتمع بشكل أفضل كل ما ينقلونه. ولا ينطبق هذا المعيار فقط على الأشخاص الذين ينشرون الأحداث الجارية عبر الإنترنت، ولكن أيضًا على الأشخاص الذين يقومون بتدوين أو إنشاء محتوى بأي طريقة.

وتستحق الالتزامات الأخلاقية لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الاهتمام أيضًا. وعلى الرغم من أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي قد لا يقومون دائمًا بإنشاء محتوى جديد، إلا أنهم ما زالوا يتخذون قرارات بشأن المحتوى الذي يجب مشاركته مع الآخرين. وعلى عكس ما حدث في وسائل الإعلام المطبوعة في الماضي، فإن الكثير من وسائل الإعلام المنشورة الآن على الإنترنت لم تعد محددة بوضوح كأخبار أو آراء. وتشبه الإعلانات في كثير من الأحيان عبارات الوقائع كما أن المقالات في كثير من الأحيان لا تذكر الكاتب أو المصدر. ويمكن رؤية هذا الالتباس في المناقشات العالمية حول مسألة "الأخبار المزيفة".

وأظهر استطلاع للرأي نشره مركز بيو للأبحاث في 16 ديسمبر 2016، بالولايات المتحدة، بعد فترة وجيزة من الانتخابات الأمريكية، أن 23 في المئة من المشاركين شاركوا قصة إخبارية ملفقة على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء عن علم أم لا. ووفقًا للاستطلاع نفسه، قال 64 بالمائة من المشاركين أن ظاهرة الأخبار المزيفة تسببت في حدوث ارتباك كبير فيما يتعلق بالأحداث الحالية.

وإن مشاركة هذه القصص على وسائل التواصل الاجتماعي والترويج لها قد لا يسبب التشويش فحسب، بل قد يكون ضارًا أيضًا، حيث أنه يمكن للإشاعات والأكاذيب أن تلحق الضرر بالسمعة بل وتعرض الآخرين للخطر. وفي حين أن شخصًا واحدًا يشارك قصة مزيفة، قد لا يلاحظه أحد، إلا أنه غالبًا ما يكون له تأثير جماعي.

والمسار الأخلاقي للعمل لمستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي هو الامتناع عن المساهمة في انتشار المعلومات الخاطئة. ولتجنب ذلك، يجب على مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي تقييم المحتوى بشكل نقدي قبل المشاركة.

ولتقييم مصداقية مقال أو قصة، يجب على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي طرح أسئلة مشابهة لما يلي :

  • من هو المصدر؟ المؤلف ؟
  • هل الكاتب يؤكد حقيقة أم رأي ؟
  • هل تحتوي القصة على مصادر أو علامات اقتباس يمكن التحقق منها ؟
  • هل تستخدم القصة لغة تهدف إلى إثارة ردود الفعل العاطفية ؟

وتشير الدراسات إلى أن أفراد الجمهور يجدون صعوبة كبيرة في تقييم مصداقية المحتوى على وسائط التواصل الاجتماعي. وعند معرفة ذلك، من المهم للغاية التفكير في الآثار الأخلاقية لما نشاركه عبر الإنترنت.

وفي الختام، توضح هذه الوحدة التعليمية أن أخلاقيات وسائل الإعلام تنطبق علينا جميعًا، سواء كنا نعتزم أن نصبح متخصصين في وسائل الإعلام أم لا. ومع وضع ذلك في الاعتبار، يقترح القسم التالي أنشطة الفصل التي يمكن للطلاب من خلالها التعامل مع المشكلات التي تمت مناقشتها أعلاه.

 

المراجع

  • Barthel, Michael, Amy Mitchell and Jesse Holcomb (2016). Many Americans believe fake news is sowing confusion. Pew Research Center: Journalism and Media, 15 December.
  • Bulkley, Kate (2012). The rise of citizen journalism. The Guardian, 10 June.
  • Ess, Charles M. (2013). Global media ethics? Issues, requirements, challenges, resolutions. Stephen J.A. Ward, In Global Media Ethics: Problems and Perspectives, Stephen J.A.Ward, ed.Chichester, Sussex, United Kingdom: John Wiley & Sons.
  • Global News (2015). Leslie Roberts resigns from Global News in wake of internal investigation, 15 January.
  • Kitty, Alexandra (2017). Objectivity and Journalism: Should We Be Skeptical?
  • Norman, Richard (1998). The Moral Philosophers. Oxford: Oxford University Press.
  • Nwaubani, Adaobi Tricia (2015). Nigeria's 'brown envelope' journalism. BBC News, 5 March.
  • Society of Professional Journalists (2014). SPJ code of ethics, 6 September.

 

 التالي

 العودة الى الأعلى