مصر:

               أطفال الشوارع وتعاطي مواد الإدمان

 

الأطفال الذين يعيشون ويعملون في الشوارع هم عرضة للعنف والاستغلال وتعاطي مواد الإدمان. ويلجأ الكثير منهم إلى المخدرات  من أجل تحمّل حياتهم المضنية وأوضاعهم المزرية.

القانون المصري يصفهم بأنهم "أطفال معرّضون للجنوح". وينظر إليهم الكثير من الناس، ومنهم ضباط الشرطة، على أنهم مجرمون ليس إلا. بيد أن المنظمات غير الحكومية والباحثين ينظرون إلى أطفال الشوارع على أنهم ضحايا لا مجرمون. فَهُم، خلافا للتعريف الوارد في القانون المصري للطفل لعام 1996، يعتبرون أطفال الشوارع أحداثا يقضون معظم أوقاتهم في الشوارع بدون حماية أو إرشاد. وهؤلاء الأطفال لهم، على العموم، صلات قليلة بذويهم أو لا تربطهم بهم أي صلة.

ورغم الصعوبات القائمة في استبانة أطفال الشوارع، ثمة ما يكفي من المعلومات التي تساعدنا على فهم ما يدفعهم إلى العيش في الشوارع. فالفقر والبطالة والتفكّك الأُسري وإساءة معاملة الأطفال وإهمالهم هي العوامل الأساسية التي تدفع الأحداث إلى التسكّع في شوارع القاهرة والجيزة وغيرهما من المدن المصرية. ولا تُتاح أرقام دقيقة بشأن عدد أطفال الشوارع ولكن الخبراء المصريين يقدّرون أن هناك ما بين 000 200 ومليون طفل يعيشون في الشوارع ويقومون في غالب الأحيان بأي شيء من أجل البقاء.

ويلجأ بعض أطفال الشوارع إلى تعاطي مواد الإدمان من أجل تحمّل مشاكلهم اليومية. وتشير الدراسات التي أجريت في مصر إلى أن مواد التنشّق تتصدّر قائمة المخدرات المستهلكة. فالأطفال يشمّون الغراء من أجل تحمّل ما يتعرّضون لـه من جوع وألم وعنف في الشوارع. ويفضّل الأطفال الغراء لأن سعره منخفض ومفعولـه طويل الأمد وأعراض الانقطاع عنه معتدلة. ويُستهلك الغراء عادة ضمن مجموعات. ويستهلك العديد من الشباب كذلك التبغ والقنّب والعقاقير التي تُباع بدون وصفة طبية. وهم يجهلون عموما الأخطار المتعددة المتصلة بتعاطي مواد الإدمان أو لا يأبهون لها.

إنَّ التعامل مع أطفال الشوارع يستدعي جهودا من الحكومة والمجتمع المدني والأطفال أنفسهم. وتدعو الضرورة إلى وضع سياسات واضحة وشاملة. وقد أطلقت الحكومة المصرية في عام 2004، واضعة نصب عينيها العوامل التي سبق ذكرها، الاستراتيجية القومية لحماية أطفال الشوارع وإعادة تأهيلهم. وهذه الاستراتيجية تستند إلى المبدأ الذي مفاده أن هؤلاء الأطفال ضحايا يحتاجون إلى دعم من أجل إعادة دمجهم في المجتمع. وقد تضافرت جهود المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وغيرها من الأجهزة من أجل تحقيق ذلك. ويقوم المجلس القومي للطفولة والأمومة بتنسيق الجهود المشتركة في جميع أرجاء مصر. وقد أنشئت مراكز استقبال من أجل حماية أطفال الشوارع وإعادة تأهيلهم، كما أنشئ "خط ساخن" لفائدة الأطفال المعرّضين للخطر وأطفال الشوارع، وأُنشئت أيضا قاعدة بيانات من أجل جمع بيانات موثوقة.

ويولي مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة مسألة حماية أطفال الشوارع من المخدرات اهتماماً خاصاً. فقد درّب المكتب المرشدين الاجتماعيين على علاج الأطفال الذين يتعاطون المخدرات وعلى إعادة تأهيلهم. ونُظّمت حلقات عمل من أجل تحسين فهم ضبّاط الشرطة للمشكلة وتغيير الصورة التي لديهم عن هذه الفئة المستضعفة من الشباب. والهدف هو إعطاء أطفال الشوارع في مصر فرصة في مستقبل أفضل.

ساهم في إعداد هذا التقرير كل من فيصل حجازي ونُهى شكال من المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وكذلك حسين نشأت.

                  من هم أطفال الشوارع؟

في البلدان المتقدمة، أطفال الشوارع هم أطفال لا تتجاوز أعمارهم الثامنة وتشكّل الفتيات بينهم أقلية. أمّا في البلدان النامية، فأطفال الشوارع هم عادة مراهقون تشكّل الفتيات نصف عددهم. وقد يكون طفل الشوارع:

                 طفلاً يعيش في الشارع، لأنه لا يملك بيتا يأويه. فهذا الطفل، بسبب عدم وجود أسرة يرجع إليها، يكافح من أجل البقاء، وقد يعتمد على أصدقاء أو يلجأ إلى مَبَانٍ مهجورة بحثا عن مأوى.

                 طفلاً يتسكّع في الشارع، فهو طفل يزور أسرته بانتظام. بل إنه قد ينام في البيت كل ليلة، ولكنه يقضي معظم الأيام وبعض الليالي في الشارع نظرا لما يشهده في البيت من فقر واكتظاظ واعتداء جنسي أو بدني.

                 طفلاً ينتمي إلى أُسرة شوارع، فهو يضطّر، بسبب الفقر أو الكوارث الطبيعية أو الحروب، إلى العيش والعمل في الشوارع، كما يضطّر إلى نقل ما يملكه من مكان إلى آخر حسب الاقتضاء.

                 طفلا في مؤسسة رعاية، وهو أي طفل كان متشرّداّ، وهو معرّض لخطر العودة إلى الشارع.

 

المصدر: منظمة الصحة العالمي