هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين

 

مبدأ عدم التمييز 

 

يعتبر مفهوم عدم التمييز مهماً في كثير من جوانب عمليات مكافحة الإرهاب، على سبيل المثال، يجب أن يتم ممارسة سلطات الدولة في مواجهة التهديدات والأعمال الإرهابية- مثل البحث أو الضبط أو المراقبة أو الاعتقال القيود المفروضة على الحريات الأساسية التي تمت دراستها في هذه النمطية، بطريقة غير تمييزية، ولن يكون كل تمييز في المعاملة سيكون تمييزياً بصورة حتمية. ومع ذلك، وبدون مبرر موضوعي، من المحتمل أن تتعارض أي معاملة تفاضلية بين مجموعات من الناس (على سبيل المثال، الإثنية أو العرقية أو الجنسانية) من جانب الدول في جهودها لمكافحة الإرهاب مع مبدأ عدم التمييز.

الإطار القانوني الدولي

بموجب المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، "تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه. وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب"، بمعنى ينطبق هذا الحظر على التمييز على جميع الحقوق الواردة في العهد، بالإضافة إلى ذلك، هناك مبدأ منفصل لعدم التمييز تنص عليه المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي ينص على أن "الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته"، كما يتجسد حظر التمييز في جميع المعاهدات الإقليمية لحقوق الإنسان.

وهناك شكلان من أشكال التمييز، المباشر وغير المباشر، وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، لاحظ مويكلي أن "التمييز المباشر يحدث عندما يتم التعامل مع شخص، على أساس واحد أو أكثر من الأسباب المحظورة، بشكل أقل تفضيلاً من شخص آخر في ظروف مماثلة" (مويكلي، 2012، الصفحة 600؛ انظر أيضاً ليثغو وآخرون ضد المملكة المتحدة، 1986، الفقرة 177؛ وفريدن ضد السويد، 1991، الفقرة 60). وفي المقابل، يتعرض الشخص للتمييز بشكل غير مباشر "عندما تكون الممارسة أو القاعدة أو المطلب "يتسم بالحيادية" ظاهريًا، ولا يستند إلى أحد أسباب التمييز المحظورة، ولها تأثير غير متناسب على مجموعات معينة محددة بالإشارة إلى واحد من هذه الأسباب" (مويكلي، 2012، الصفحة 600؛ انظر أيضاً وجهات نظر لجنة حقوق الإنسان CCPR/C/37/D/208/1986؛ ووجهات نظر لجنة حقوق الإنسان CCPR/C/78/D/998/2001، الفقرة 10.2؛ دي إتش وآخرون ضد جمهورية التشيك، 2006، الفقرة 184).

ويرتبط مبدأ عدم التمييز بحكم طبيعته بمبدأ المساواة، الذي نُص عليه في إعلان وبرنامج عمل فيينا، اللذين اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في عام 1993، على أنه "قاعدة أساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان" (A/CONF.157/23، الفقرة 15). ويعكس ذلك أيضاً الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1984 والذي ينص على أن: "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق" (المادة 1)؛ وأن "الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز" (المادة 7) (قرار الجمعية العامة 3/ 217 أ)، كما يتجسد مبدأ المساواة في نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادتان 2 و3) كأحد مبادئه الشاملة. وعلاوة على ذلك، ينعكس مبدأ المساواة وعدم التمييز في الاتفاقيات الأخرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادتان 2 (2) و3)؛ والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1966؛ واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979؛ واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2006؛ واتفاقية حقوق الطفل (المادة 2 (1))؛ والاتفاقية الدولية لحقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.

ويعتبر حظر التمييز أساسي للغاية لحقوق الإنسان لدرجة أنه حتى في "وقت الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة"، لا يجوز أن تكون التدابير المتخذة بعدم التقيد حقوق الإنسان تمييزية (المادة 4 (1) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية). وفي الواقع، رأت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، في بيانها بشأن التمييز العنصري وتدابير مكافحة الإرهاب، أن "حظر التمييز العنصري قاعدة قاعدة قطعية آمرة من قواعد القانون الدولي لا يجوز مخالفتها" (تقرير الجمعية العامة 57/ 18، الفقرة 4).

وفي سبيل تحديد ما إذا كانت المعاملة التفضيلية في تدابير مكافحة الإرهاب تشكل تمييزًا أم لا، سوف تنظر المحكمة أو أي سلطة أخرى بشكل عام في المسائل التالية:

  • هل يؤدي التدبير إلى معاملة تفضيلية على أساس محظور (مثل تلك الواردة في المادة 2 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)؟
  • إذا كان الأمر كذلك، فهل يسعى التدبير إلى تحقيق هدف مشروع، مثل منع الاضطراب والجريمة؟
  • هل هناك مبرر معقول وموضوعي للاختلاف في المعاملة؟
  • هل العلاقة بين هدف وتأثيرات التدبير قيد البحث متناسبة؟
  • هل المعاملة التفضيلية ضرورية لتحقيق الهدف المنشود؟
  • هل المعاملة التفضيلية متناسبة؟

التناسبية: في سبيل تحديد ما إذا كانت المعاملة التفضيلية متناسبة أم لا، من المفيد في كثير من الأحيان النظر فيما إذا كان الهدف الذي يتحقق من خلال الاختلاف في المعاملة يمكن تحقيقه بوسائل أخرى بخلاف التدبير الذي يؤدي إلى اختلاف في المعاملة على أساس محظور. ومن ناحية أخرى، للتساؤل عما إذا كانت الوسائل المستخدمة هي الأقل تقييدًا أو ما إذا كان يمكن تحقيق الغرض بفارق أقل أهمية (أو لا) في المعاملة. ومن المفيد أيضًا النظر فيما إذا كانت الضمانات القانونية المناسبة موجودة، مثل التدقيق المستقل أو المراجعة من جانب المحاكم، لحماية مصالح أولئك الذين قد يتم التعامل معهم بشكل مختلف والنظر بشكل مستقل عما إذا كان المبرر معقولًا بالفعل وموضوعيًا ومتناسبًا.

عبء الإثبات: إذا كان هناك اختلاف في المعاملة، فإن عبء الإثبات ينتقل إلى الدولة لإثبات وجود مبرر معقول وموضوعي لها. وعندما يتم تحديد الهدف من المعاملة التفضيلية بشكل غامض من قبل سلطة عامة، سيكون من الأصعب عليها أن توضح أن المعاملة التفاضلية معقولة ومبررة بشكل موضوعي و/أو متناسب حيث من المحتمل أن يكون هناك أي عدد من الوسائل البديلة والتي من خلالها يمكن متابعة الهدف المحدد بشكل غامض.

ومن الجدير بالذكر أن العديد من الاتفاقيات العالمية لمكافحة الإرهاب تحتوي على بنود عدم التمييز: اتفاقية قمع الأفعال غير المشروعة المتعلقة بالطيران المدني الدولي لسنة 2010 (المادة 14) والاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل لعام 1997، والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب لعام 1999.

التنميط

يمكن أن تكون المسألة الحساسة والمثيرة للجدل تلك التي تتعلق "بالتنميط" من قبل مسئولي إنفاذ القانون والاستخبارات، كما في سياق السعي لمنع التطرف العنيف والأعمال الإرهابية، وتم تعريف التنميط على أنه "الربط المنهجي بين مجموعات من السمات المميزة المادية أو السلوكية أو النفسية وبعض الجرائم المحددة، واستخدام هذه السمات كأساس لاتخاذ القرارات المتعلقة بإنفاذ القوانين" (تقرير الجمعية العامة 4/ 26، الفقرة 33).

ومن المحتمل أن ينتهك أي استخدام لسلطات إنفاذ القانون في جهود مكافحة الإرهاب، على سبيل المثال، حيث يُنظر إلى الأشخاص "المشتبه بهم" لسبب وحيد وهو الانتماء إلى مجتمعات عرقية أو دينية معينة، حقوق الإنسان على أساس التمييز. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تخاطر بأن يكون لها تأثيراً سلبياً كبيراً على منع الجرائم الإرهابية والتحقيق فيها. وفي تقرير حول ممارسات "التنميط"، أوضح المقرر الخاص المعني بحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب كيف أن ممارسات التنميط الإرهابية التي تميز الأشخاص بخصوص "تعزيز" اهتمام إنفاذ القانون لمجرد انتمائهم لمجموعة معينة يمكن أن تؤدي إلى التسبب في تأثير عاطفي عليهم فضلاً عن وصم مجموعة كاملة على أنها مجتمع مشتبه فيه، وكما لاحظ:

وقد يسبب هذا الوصم بدوره شعوراً بالاغتراب في نفوس الجماعات المستهدفة. ويرى المقرر الخاص أن إيذاء جماعات إثنية ودينية معينة واغترابها قد يسببان آثاراً سلبية كبيرة بالنسبة لجهود إنفاذ القوانين، لما يترتب عليهما من ارتياب شديد تجاه الشرطة..... وقد يكون انعدام الثقة بين الشرطة والمجتمعات كارثياً بشكل خاص في سياق مكافحة الإرهاب، حيث يعد جمع المعلومات الاستخباراتية مفتاح النجاح في عمليات إنفاذ القانون الوقائية إلى حد كبير... وحتى تكلل بالنجاح، يجب أن تسعى سياسات إنفاذ القوانين في سياق مكافحة الإرهاب إلى تعزيز الثقة بين الشرطة والمجتمعات المحلية. (تقرير الجمعية العامة 4/ 26، الفقرة 58).

وبالمثل، عند إمعان النظر في تجربة عدة عقود من عمليات مكافحة الإرهاب في أيرلندا الشمالية، رأت لجنة حقوق الإنسان في أيرلندا الشمالية أن الاستخدام التمييزي لسلطات مكافحة الإرهاب من جانب أجهزة إنفاذ القانون كان له تأثير سلبي طويل الأمد على فعالية منع الجريمة:

أدى التصور بأن قوة الشرطة، التي كانت طوال النزاع تعاني من نقص التمثيل بشكل كبير في المجتمع الكاثوليكي، والقوات المسلحة، التي مارست صلاحياتها في حالات الطوارئ بشكل أكثر تواترًا وقوة في المناطق الكاثوليكية إلى شعور مستمر بالاستياء تجاه أجهزة إنفاذ القانون، وسوف يستغرق التغلب على هذا الاستياء وضمان وجود قبول أوسع نطاقاً لخدمة الشرطة سنوات عديدة، وتترك الفعالية الضعيفة للشرطة بسبب عدم كفاية الدعم المجتمعي تلك المجتمعات نفسها عرضة للجريمة والسلوك المعادي للمجتمع (لجنة حقوق الإنسان في أيرلندا الشمالية، 2006، الفقرة 22).

وفي 4 مايو 2016، في إعلان مشترك حول حرية التعبير والتصدي للتطرف العنيف، أوصى المقررون الخاصون للأمم المتحدة والمقررون الخاصون الإقليميون بأنه "لا ينبغي للدول أن تقيم المراقبة أبداً على التنميط العرقي أو الديني أو استهداف مجتمعات بأكملها، مقارنة بأفراد معينين. وينبغي أن تضع أنظمة قانونية وإجرائية ورقابية مناسبة لمنع إساءة استخدام سلطات المراقبة" (مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير وممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) المعني بحرية الإعلام والمقرر الخاص لمنظمة البلدان الأمريكية (OAS) المعني بحرية التعبير والمقرر الخاص للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (ACHPR) المعني بحرية التعبير والوصول إلى المعلومات، الفقرة 2 (ز)).

ويتم تسليط الضوء على المسائل التي يمكن أن تنشأ من استخدام ممارسات المراقبة المختلفة في دراسة الحالة 1 في هذه الوحدة التعليمية، من ألمانيا، والتي تتعلق بما يُطلق عليه أحيانًا مصطلح تحقيقات "دراغنت".

 
التالي
العودة إلى الأعلى