هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين   

 

الولاية القضائية

 

يعتبر تهريب المهاجرين، كما هو محدد في المادة 3 من بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين، جريمة عبر وطنية. وهو يتطلب تدبير الدخول غير المشروع لشخص إلى دولة ما. وللاطلاع على تعريف لعنصر الجنسية العابرة، يرجى مراجعة الوحدة التعليمية الأولى من سلسلة الوحدات التعليمية الجامعية المعنية بالجريمة المنظمة.

وبناء على ذلك، فمن المهم للغاية أن تعتمد الدول مقاربة على أسس قضائية تشمل سلوكا قد يكون قد حدث خارج أراضيها، وذلك لمنع ومكافحة وقمع تهريب المهاجرين بصورة فعالة. وبدون هذا النهج، قد تفتقر الدول إلى الأدوات اللازمة لتقديم الأفراد الذين يقومون بتهريب المهاجرين إلى المياه الدولية إلى العدالة (انظر على سبيل المثال الوارد في الإطار الموالي أدناه) أو الذين ينظمون العملية أو يوجهون إليها من موقع آمن تابع لبلد ثالث.

وبشكل عام، يشير مفهوم الولاية القضائية إلى سلطة الدولة في التصرف بصورة قانونية، من خلال ممارسة الإجراءات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية. هناك العديد من المبادئ فيما يتصل باختصاص الدول، والتي تعكس الاستقلال السيادي. فعلى سبيل المثال، في حين أن للدول عموما ولاية على أراضيها ومواطنيها، فإن ولايتها في أماكن خارج أراضيها وعلى مواطني دول أخرى قد تكون محدودة أكثر. وتحدد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تهريب المهاجرين عدداً من الأحكام المتعلقة باختصاص الدول فيما يتصل بالجرائم التي تندرج تحت الاتفاقية وبروتوكولاتها.

وتقتضي المادة 15 من اتفاقية الأمم المتحدة (اتفاقية باليرمو) بأن تنص الدول على الولاية القضائية على الجرائم المرتكبة في '1' داخل إقليم كل منها (مبدأ الإقليمية)، '2' على متن سفينة ترفع علم الدولة المعنية، أو طائرة مسجلة بموجب قوانين الدولة المعنية، وقت ارتكاب الجريمة (مبدأ دولة العلم). وبالإضافة إلى ذلك، ينص على إنشاء مبدأ "إما التسليم أو المحاكمة" (واجب التسليم أو المحاكمة). وهذا يعني أنه ما لم يطلب تسليم المجرمين من دولة أخرى أو يمنح لها، فإنه يتعين على الدولة أن تبدأ إجراءات قضائية ضد شخص ما. والغرض من هذا المبدأ هو تجنب إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب، لعدم وجود طلب لتسليم المجرمين، أو رفض طلب التسليم.

وتترك اتفاقية الأمم المتحدة (اتفاقية باليرمو)، سلطة تقديرية الدول، اعتماد الولاية القضائية فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب في الخارج '1' ضد أحد رعاياها من جانب مواطن أجنبي (مبدأ الشخصية السلبية) و'2' في الخارج من جانب أحد رعاياها، أو شخص عديم الجنسية كان وقت وقوع الأحداث يقيم بصفة اعتيادية في الدولة (مبدأ الشخصية النشطة). والدول حرة أيضا في اعتماد أسس أخرى للولاية القضائية.

الاطار 24

Mother Vessel modus operandi

حينما بدأ المهربون في استخدام قوارب أكبر بكثير، عادة ما يعاد توزيعها على العديد من عمليات التهريب. وعادة ما تبدأ رحلتهم على سفينة كبيرة، يصل طولها إلى 75 مترا، ويتم إعادة تدويرها من محرري الشحن الذين تم إيقاف تشغيل نظام التعرف التلقائي على الهوية (نظام التعرف التلقائي الخاص بهم على أي قارب كبير). والنتيجة هي جعل القارب غير قابل للكشف إلكترونيا من قبل سلطات البحث والإنقاذ لكسب الوقت للمهربين في حالة الهروب، وبالتالي تجنب الاعتقال. وعندما تقترب السفينة الضخمة (أو ما يسمى "السفينة الأم") من الحدود الإيطالية، على بعد نحو 100 ميل بحري عادة من السواحل، فإن المهاجرين ينقلون على قوارب أصغر حجماً وأرخص تكلفة، فيزودهم بهاتف محمول من الأقمار الصناعية يمكن استخدامه للاتصال لإنقاذ وإرسال الإحداثيات. ولابد من التأكيد على أن هذه الطريقة الجديدة تعني ضمناً تهديداً أعظم لسلامة المهاجرين في الجزء الأخير من رحلتهم، لأنهم يُترَكون في بحر مفتوح على قوارب غير قابلة للإبحار ولا يستطيعون الوصول إلى الساحل، حتى يتمكن المهربون من استغلال الواجب القانوني القائم لمساعدة الناس المعرضين للخطر في البحر. وعندما تُرسل نداء استغاثة، فإن السفينة التجارية، وهي الأقرب إلى الموقع، ملزمة بموجب القانون البحري الدولي بالذهاب إلى الميناء وإنقاذه، ثم تنزل المهاجرين في ميناء الدعوة التالي.

شبكة التدريب القضائي الأوروبية
 تهريب المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط: تحد قانوني على مستوى الاتحاد الأوروبي  (2015)
 

الولاية القضائية في البحر

إن ممارسة الولاية القضائية في البحر مسألة معقدة. ولن يتم التعمق في المسألة بشكل مكثف في هذه المرحلة من النميطة، ولكن يتم تقديم بعض الأفكار كمقدمة موجزة.

الشكل البياني رقم 3: الولاية القضائية في البحر 

 

يعرض الشكل البياني رقم 3 نظرة عامة حول المناطق البحرية.

وبموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، يجوز للدول أن تمارس الولاية القضائية في المناطق التالية، التي تقاس من خط الأساس البحري الإقليمي :

  • المياه الداخلية (كل المياه التي تضاريس منطقة مجلس المعايير الدولية في القطاع العام) ؛
  • البحر الإقليمي (12 ميلاً بحرياً من مجلس المعايير الدولية في القطاع العام) ؛
  • المنطقة المتاخمة (من 12 إلى 24 ميلاً بحرياً من خط أساس البحر الإقليمي) ؛
  • المنطقة الاقتصادية الخالصة (لا تتجاوز 200 نانومتر من خط أساس البحر الإقليمي) ؛
  • الجرف القاري ؛
  • وأعالي البحار.

ويقل حق الدولة الساحلية في ممارسة ولايتها القضائية تدريجيا كلما زاد ذلك من خارج خط الأساس البحري الإقليمي الذي تصل إليه. وينبغي إبراز ما يلي :

  • في المنطقة المتاخمة، يجوز للدولة أن تمارس السلطات اللازمة (1) لمنع انتهاك قوانينها ولوائحها الجمركية أو الضريبية أو قوانين الهجرة أو الصحية داخل أراضيها أو بحرها الإقليمي؛ (2) معاقبة التعدي على القوانين والأنظمة المذكورة أعلاه التي ترتكب داخل إقليمها أو بحرها الإقليمي (المادة 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار).
  • إن أعالي البحار مفتوحة أمام كل الدول، سواء كانت ساحلية أو غير ساحلية (المادة 87 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار).
  • يحق للدولة الساحلية مطاردة سفينة (خارج المنطقة المتاخمة) التي يكون لدى الدولة الساحلية أسباب وجيهة للاعتقاد بأنها انتهكت قوانين وأنظمة تلك الدولة الساحلية داخل أراضيها أو بحرها الإقليمي أو منطقتها المتاخمة. ويجب أن يبدأ السعي عندما تكون السفينة الأجنبية أو أحد القوارب التابعة لها داخل المياه الداخلية أو البحر الإقليمي أو المنطقة المتاخمة للدولة المتلاحقة، ولا يجوز مواصلة السعي إلا خارج البحر الإقليمي أو المنطقة المتاخمة إذا لم يتوقف السعي. ينطبق حق الملاحقة الساخنة، مع إجراء ما يلزم من تعديل، على الانتهاكات في المنطقة الاقتصادية الخالصة أو على الجرف القاري (المادة 111 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار).

ويطرح بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين إطاراً محدداً يهدف إلى ضمان ممارسة الولاية القضائية على البحر والاستفادة منها إلى أقصى حد.

الاطار 25

المادة 8 من بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين

1. يجوز للدولة الطرف التي تكون لديها أسباب معقولة للاشتباه بأن إحدى السفن التي ترفع عَلَمها أو تدَّعي أنها مسجَّلة لديها، أو لا جنسية لها، أو تحمل في الواقع جنسية الدولة الطرف المعنية، مع أنها ترفع عَلَما أجنبيا أو ترفض إظهار أي عَلَم، ضالعة في تهريب مهاجرين عن طريق البحر، أن تطلب مساعدة دول أطراف أخرى لقمع استعمال السفينة في ذلك الغرض. وتبادر الدول الأطراف التي يُطلب إليها ذلك إلى تقديم تلك المساعدة بالقدر الممكن في حدود إمكانياتها.

2. يجوز للدولة الطرف التي تكون لديها أسبـاب معقولة للاشتباه في أن إحدى السفن التي تمارس حرية الملاحة وفقا للقانون الدولي وترفع عَلَم دولة طرف أخرى أو تحمل علامات تسجيل خاصة بتلك الدولة الطرف تعمل في تهريب المهاجرين عن طريق البحر، أن تبلِّغ دولة العَلَم بذلك وتطلب منها تأكيد التسجيل، وأن تطلب من دولة العَلَم، في حال تأكيد التسجيل، إذنا باتخاذ التدابير المناسبة تجاه تلك السفينة. ويجوز لدولة العَلَم أن تأذن للدولة الطالبة بإجراءات منها :

أ- اعتلاء السفينة ؛

ب- تفتيش السفينة ؛ 

ج- اتخاذ التدابير المناسبة إزاء السفينة وما تحمله على متنها من أشخاص وبضائع، حسبما تأذن به دولة العَلَم، إذا وجد دليل يثبت أن السفينة تعمل في تهريب المهاجرين عن طريق البحر.

3. تبلغ الدولة الطرف التي تتَّخذ أي تدبير وفقا للفقرة 2 من هذه المادة دولة العَلَم المعنية على وجه السرعة بنتائج ذلك التدبير.

4. تستجيب الدولة الطرف دون إبطاء لأي طلب يرد من دولة طرف أخرى لتقرير ما إذا كانت السفينة التي تدّعي أنها مسجلة لديها أو ترفع عَلَمها يحق لها ذلك، وأن تستجيب لأي طلب استئذان يُقدَّم وفقا للفقرة 2 من هذه المادة.

5. يجوز لدولة العَلَم، اتساقا مع المادة 7 من هذا البروتوكول، أن تجعل إصدار الإذن الصادر عنها مرهونا بشروط تتفق عليها مع الدولة الطالبة، بما فيها الشروط المتعلقة بالمسؤولية ومدى ما سيتخذ من تدابير فعلية. ولا تتخذ الدولة الطرف أي تدابير إضافية دون إذن صريح من دولة العَلَم، باستثناء التدابير الضرورية لإزالة خطر وشيك على حياة الأشخاص أو التدابير المنبثقة من اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف تتصل بالموضوع.

6. يتعيّن على كل دولة طرف أن تعيّن سلطة أو، عند الضرورة، سلطات لكي تتلقى طلبات المساعدة وطلبات تأكيد تسجيل السفينة أو حقها في رفع علمها، وطلبات الاستئذان باتخاذ التدابير المناسبة، وترد على تلك الطلبات. ويتعيّن إبلاغ جميع الدول الأطراف الأخرى بذلك التعيين، عن طريق الأمين العام، في غضون شهر واحد من تاريخ التعيين.

7. إذا توافرت للدولة الطرف أسباب وجيهـة للاشتبـاه في أن إحدى السفـن ضالعة في تهريب المهاجرين عن طريق البحر، ولا تحمل أية جنسية أو ربما جُعلـت شبيهة بسفينة ليس لها جنسية، جاز لها أن تعتلي تلك السفينة وتفتشها. وإذا عُثر على دليل يؤكد الاشتباه، تتخذ تلك الدولة الطرف التدابير المناسبة وفقاً للقانونين الداخلي والدولي ذوَي الصلة.

وسوف يتم تحليل المواد 7 و8 و9 من بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين - التي تتناول على وجه التحديد تهريب المهاجرين عن طريق البحر - بمزيد من التفصيل في الوحدة التعليمية 3. ومع ذلك، ونظرا لأن المادة 8 تنطوي على أحكام تتعلق بالولاية التنفيذية، ينبغي التأكيد في هذه المرحلة على الجوانب التالية :

  • دولة لديها أسباب معقولة للاعتقاد بأن سفينة ما، لا ترفع علم لها أو قد تكون شبيهة بسفينة بلا علم، يشارك في تهريب المهاجرين، ويمكن أن يكون على متن السفينة ويبحث عنها. إذا وجد دليل يدعم الشك الأولي، تتخذ الدولة التدابير المناسبة، بما يتفق مع القانون الوطني والقانون الدولي.
  • حيثما ترفع السفينة المشتبه في تورطها في تهريب المهاجرين علم دولة أخرى، تطلب الدولة المتدخلة من دولة العلم الإذن باتخاذ التدابير المناسبة. يجوز لدولة العلم أن تأذن للدولة الطالبة، في جملة أمور، '1' أن تصعد السفينة وتبحث فيها، '2' إذا ثبت وجود أدلة على ضلوعها في تهريب المهاجرين، أن تتخذ التدابير المناسبة فيما يتعلق بالسفينة، الحمولة والأشخاص الذين كانوا على متنها.

 

 التالي

 العودة الى الأعلى