هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين  

 

أمثلة أخرى

 

توضح السابقتان القضائيتان الواردتان أدناه التحديات التي تُواجَه في تفسير وتطبيق القوانين الخاصة بتهريب المهاجرين وبالاتجار بالأشخاص، وكذلك الآثار التي يمكن أن ينطوي عليها اختيار إحدى هاتين الجريمتين أو الأخرى:

الإطار 10

قضية الاستئناف رقم 15-80270

المدَّعى عليهما ’أ‘ و’ب‘ (زوجان) ساعدا على دخول امرأتين أجنبيتين إلى فرنسا والبقاء فيها على نحو غير مشروع. فأثناء رحلة إلى السنغال، قامت ’أ‘ باستدراج ’ج‘ (قريبتها) للذهاب إلى فرنسا والعناية ببيتها ورعاية أطفالها الثلاثة. وأوعزت ’أ‘ إلى ’ج‘ بأن تشتري جواز سفر مزورا من أجل دخول فرنسا، ثم احتجزت وثائق هوية ’ج‘ الحقيقية. وعملت ’ج‘ لدى الزوجين المدَّعى عليهما نظير أجر قدره 150 يورو في الشهر، كانت ’أ‘ تحوله تلقائيا إلى عمة ’ج‘ في السنغال. ولم تتلق ’ج‘ أي أجر على عملها قط. ولم يقدم المدَّعى عليهما البيانات اللازمة إلى دائرة الضمان الاجتماعي. وكانت ’ج‘ تأكل وتنام في مكان إقامة المدَّعى عليهما. واتصلت ’ج‘، بدعم من إحدى بنات بلدها، بلجنة مناهضة العبودية الحديثة وحصلت على دعم منها. واغتنمت ’ج‘ فرصة غياب ’أ‘ في أثناء إحدى سفراتها إلى السنغال، فهربت من من‍زل المدَّعى عليهما. وقدمت شكوى إلى الشرطة في آب/أغسطس 2009. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2009، أبلغت لجنةُ مناهضة العبودية الحديثة الشرطة بأن امرأة أخرى (’د‘) تعيش في مكان إقامة ’أ‘ و’ب‘ في ظروف مماثلة للظروف التي عانتها ’ج‘. وشاركت ’ج‘ و’ب‘ بصفتهما طرفين مدنيين في الإجراءات القضائية ضد المدَّعى عليهما. وطلبتا تعويضا عن الأضرار التي لحقت بهما والمظالم التي عانتاها.

وأدانت محكمة الاستئناف في كايين (فرنسا) المدَّعى عليهما بجرم "المساعدة المشدَّدة على إدخال أجنبي إلى فرنسا أو عبوره أو إقامته فيها على نحو غير مشروع" وكذلك بجرم إخفاء العمل واستخدام عمال من دون إذن عمل. ومن ثم، قضت المحكمة بأن يدفع المدَّعى عليهما 000 3 يورو تعويضا إلى ’د‘ و000 9 يورو تعويضا إلى ’ج‘. ورفع الطرفان المدنيان دعوى استئناف بشأن التوصيف القانوني للوقائع وبشأن مبلغ التعويض. وعند الاستئناف لدى محكمة النقض، أيدت المحكمة القرار استناداً إلى السببين التاليين:

  • أن ملابسات القضية والوقائع المعتبر أنها ثَبتتْ تشير فعلاً إلى وضعية اتجار بالبشر.
  • أن المادة 4 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تنشئ التزاماً على الدول باتخاذ التدابير الضرورية لمنع ومعاقبة وقمع الاسترقاق والعمل الجبري. ومن ثم فمن المرجح أن تكون محكمة الاستئناف، بعدم قيامها بإعادة توصيف الوقائع، قد أساءت تفسير القانون. 
قاعدة بيانات SHERLOC للسوابق القضائية بشأن تهريب المهاجرين - فرنسا France
 الإطار 11

القرار القضائي 658/2015

اتصلت أربع نساء تايلنديات (’أ‘ و’ب‘ و’ج‘ و’د‘) بمجموعة من الأشخاص في تايلند لغرض تلقي المساعدة على الدخول إلى إسبانيا بطريقة غير قانونية. ودبرت مجموعة الأشخاص المشار إليها تأشيرات للنساء وبطاقات سفر بالطائرة وحجزاً في الفنادق، وقدمت لكل منهن مبلغا نقديا - يتراوح بين 100 يورو و200 يورو - لكي يمكنهن أن يتظاهرن في أثناء إجراءات المراقبة الحدودية بأنهن متيسرات مالياً فيما يخص الفترة التي يُفترض أنهن سيبقين فيها في إسبانيا. وبذلك تكبدت التايلنديات ديونا تتراوح بين 000 15 يورو و000 17 يورو على تكاليف السفر والوثائق. وكان من المفترض أن يسددن ما عليهن بالعوائد التي يكسبنها من عملهن في إسبانيا. وكانت اثنتان منهن (’أ‘ و’ب‘) قد ذهبتا إلى إسبانيا بقصد العمل مومسات. أما الثالثة (’ج‘)، ففي حين أنها عُرض عليها أن تعمل مُدلِّكة، فقد وافقت لدى وصولها إلى إسبانيا على أن تعمل في البغاء. وأخيرا، كان المقصود أن تعمل المرأة الرابعة (’د‘) نادلة. ولم تنخرط هذه المرأة في البغاء قط، لأنه بعد يوم من وصولها إلى إسبانيا، نُفذت عملية الشرطة التي كشفت القضية. وقد وصلت ’أ‘ إلى مطار مدريد - باراخاس (إسبانيا) في 17 أيلول/سبتمبر 2009. وقابلتها المدَّعى عليها رقم 2 (شريكة حياة أحد الأشخاص الذين اتصلت بهم التايلنديات الأربع في تايلند من أجل الحصول على المساعدة في دخول إسبانيا على نحو غير قانوني) ولديها طفل منه. ووصلت ’ب‘ إلى المطار نفسه في 18 أيلول/سبتمبر، حيث قابلها المدَّعى عليهما رقم 2 ورقم 3، وقاما فورا بنقل المرأتين في شاحنة صغيرة مغلقة إلى ملهى "لابوهيم"، الذي يقع على مسافة 234 كيلومترا تقريبا من مدريد، بالقرب من بلدة بورغوس، حيث استقرَّتا.

ووصلت ’ج‘ إلى مطار برشلونة (إسبانيا) في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2009، وقابلها المدَّعى عليه رقم 1. ورافق ذلك الشخص المهاجرة غير النظامية إلى محطة الحافلات، واشترى لها بطاقة رحلة إلى بورغوس. ولدى وصولها، تسلمها المدَّعى عليهما رقم 2 ورقم 6.

ووصلت ’د‘ إلى مطار مدريد - باراخاس في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2009. وقابلها هناك المدَّعى عليه رقم 1. واتُّبع إجراء المتابعة نفسه الذي اعتُمد بالنسبة إلى ’ج‘. واصطُحبت المرأتان ’ج‘ و’د‘ أيضا على الفور إلى الملهى "لابوهيم".

وبدأت ’أ‘ و’ب‘ و’ج‘ عملهن كمومسات في الملهى "لابوهيم" بعد يوم من وصولهما. وكان الملهى يحتفظ بنسبة 50 في المائة من ثمن المشروبات التي يدعوهن الزبائن إلى تناولها. وعندما يريد الزبائن ممارسة العلاقات الجنسية، كانت المدَّعى عليها رقم 5 تطلب منهم 5 يوروهات مقابل حزمة مكونة من ملاءة سرير ومنشفة وواق طبي. وكانت أجرة غرفة النوم والخدمة الجنسية تبلغ 50 يورو. وكانت تلك الأجرة مخصصة لسداد ديون النساء للمدعى عليهم. ومن المهم أن النساء كنَّ يدفعن 50 يورو في اليوم مقابل الإقامة والإعاشة في "لابوهيم".

وكان يدير الملهى "لابوهيم" المدَّعى عليه رقم 4. وكان ذلك الشخص هو المسؤول الإداري لشركة مخصصة لإنشاء وتطوير أماكن مختلفة، منها فنادق ومشارب ومراكز استجمام. وكان حاضرا بانتظام في الملهى "لابوهيم". وكانت المدَّعى عليها رقم 2 تعمل أيضا طاهية في تلك المنشأة، في حين كان المدَّعى عليه رقم 6 يعمل نادلا وموظف أمن هناك. وكان المدَّعى عليه رقم 3 مستخدما في "لابوهيم" حيث يشتغل سائقا وعامل صيانة في المنشأة. وكانت المدَّعى عليها رقم 5 امرأة تعمل موظفة استقبال في القسم من الملهى "لابوهيم" الذي تسكن فيه النسوة التايلنديات الأربع ويمارسن البغاء فيه. ومن ثم فقد كانت هي التي تقبض في العادة الدفعات المالية من الزبائن مقابل الخدمات التي تقدمها النسوة التايلنديات.

وكان المدَّعى عليهم كلهم على علم تام بأن أولئك النسوة ’1‘ دخلن إسبانيا على نحو غير قانوني و’2‘ تكبدن ديونا فادحة نتيجة لذلك. وكان المدَّعى عليهم جميعا يستفيدون من وجود النسوة الدائم في المنشأة، وكذلك من أنشطة البغاء التي يقمن بها.

ولكن لم يتقرر أن أنشطة البغاء التي كانت المواطنات التايلنديات يزاولنها فُرضت عليهن بالقوة أو القسر أو الخداع أو التهديد أو إساءة استغلال وضعية استضعاف لديهن. وكانت النسوة التايلنديات يعلنَّ دائما أنهن انخرطن في تلك الأنشطة طواعية. وبالفعل، فقد تم الاستيقان من أن النسوة كن يتحركن بحرية ويستطعن مغادرة الملهى "لابوهيم" بمفردهن أو بصحبة أشخاص آخرين، وكانت لديهن جوازات سفرهن وهواتفهن الجوالة، التي كان يمكنهن استعمالها لطلب المساعدة إذا شئن ذلك. وكذلك لم يتقرر أن أولئك النسوة التايلنديات أُخضعن لظروف عمل استغلالية (مثلا عدم السماح لهن بأيام إجازة، أو عدم السماح لهن بالتخلي عن البغاء، أو إجبارهن على العمل لساعات زائدة عن الحد) مما من شأنه أن يُعدَّ انتهاكا لحقوق العمال.

وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 تلقت سفارة تايلند في إسبانيا مكالمة هاتفية زُعم فيها وجود ست نساء محتجزات في مكان معيَّن ويُجبرن على ممارسة البغاء. وكانت اثنتان من أولئك النساء قد تمكنتا من الفرار والتمستا المساعدة من السفارة التايلندية. واتصل قنصل تايلند بالشرطة في بورغوس (إسبانيا)، طالباً إجراء تحقيق في الموضوع. وفي اليوم نفسه، فتّش عملاء من جهاز إنفاذ القانون الملهى "لابوهيم"، وتعرفوا على سبع نساء تايلنديات، واقتادوهن إلى مخفر الشرطة، وكانت منهن المدعوات ’أ‘ و’ب‘ و’ج‘ و’د‘. وبعد الاستجواب الأولي (لدى سلطات الشرطة والقضاء المختصة)، أُعيدت النسوة إلى وطنهن تايلند. واتهم النائب العام المدَّعى عليهم بجرمي ’1‘ تهريب المهاجرين المشدَّد و’2‘ الإجبار على البغاء. واتُّهم المدَّعى عليه رقم 4، علاوة على ذلك، بجرائم انتهاك حقوق العمال. وأدانت محكمة مقاطعة بورغوس المدَّعى عليهم بجرم تهريب المهاجرين المشدَّد (بسبب الحصول على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى). وحكمت على كل مدَّعى عليه بعقوبة السجن لمدة ست سنوات. وبرئ جميع المدَّعى عليهم من جريمة الإجبار على البغاء. وبرئ المدَّعى عليه رقم 4، إضافة إلى ذلك، من جرائم انتهاك حقوق العمال. ولم توافق المحكمة العليا على التماس الاستئناف إلا بخصوص مقدار العقوبة فحسب، فخفضتها بدرجة ملحوظة، وذكرت تحديدا ما يلي:

  • أن الإصلاح القانوني المفعَّل بموجب القانون الأساسي 1/2015 المؤرخ 31 آذار/مارس خفض بقدر كبير إطار عقوبة تهريب المهاجرين. فقبل إعادة النظر التي انطوى عليها ذلك القانون، كانت العقوبة السارية هي السجن لمدة تتراوح بين أربع سنوات وثماني سنوات (السجن من ست سنوات إلى ثماني سنوات إذا كانت الجريمة قد ارتكبت لغرض الحصول على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى). وبإصلاح القانون في عام 2015، خُفضت العقوبة إلى الغرامة أو السجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر و12 شهرا. وإذا اقتُرفت الجريمة لغرض الحصول على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى، كانت العقوبة هي السجن لمدة تتراوح بين سبعة أشهر ونصف الشهر إلى سنة واحدة.
  • أنه ينبغي تطبيق الصيغة الجديدة للمادة 318 (مكررا) من القانون الجنائي - على الرغم من أنها لم تكن نافذة المفعول في وقت وقوع تلك الأحداث - بالنظر إلى أنها توفر نظاما قانونيا أكثر فائدة للمدعى عليهم. وذلك ما تفرضه أيضا مبادئ إصدار الأحكام في الإجراءات الجنائية.
  • أنه بصدور القانون الأساسي 5/2010 المؤرخ 11 شباط/فبراير، توقَّف النظر في جريمة الاتجار بالأشخاص في إطار المادة 318 (مكررا)، وخُصص لها مرسوم مستقل؛ ومن ثم فقد قُصرت المادة 318 (مكررا) من القانون الجنائي على المعاقبة على جرائم أقل خطورة بكثير. وعندئذ أصبح التمييز بين تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص واضحا.
  • أن الاتجار بالأشخاص ينطوي على خطورة فادحة، وذلك تحديداً لكونه ينطوي على استخدام البشر كالآلات، من خلال آليات تجب حريتهم في اتخاذ القرارات والموافقة عليها. والغرض النهائي منه هو إخضاع الضحايا لمختلف أوضاع الاستغلال (مثلا الاستعباد، والاستغلال الجنسي).
  • أنه، في المقابل، يُسند إلى جُرم تهريب المهاجرين - بمقتضى القوانين الوطنية وقوانين الاتحاد الأوروبي - طابع أقل خطورة (ولذلك يستتبع جزاءات أقل شدة) مقارنة بالاتجار بالبشر. وهذا تحديداً لأن تهريب المهاجرين يرتكز على اتفاق مع المهاجرين أو موافقة منهم على الانخراط في عملية التهريب.
  • أن المدَّعى عليهم يستفيدون من أن الادعاء العام لم يوجه إليهم تهمة الاتجار بالأشخاص. ولو كان فعل ذلك لاقتضى الأمر اختلافاً كليا في عمليات التقدير والتحقيق والتقييم القضائي. ولا يمكن صرف النظر عن المزاعم الأولية المقدمة إلى السفارة التايلندية في إسبانيا ومن القنصل التايلندي إلى الشرطة بشأن حرمان النسوة من حريتهن لغرض إجبارهن على مزاولة البغاء. وهناك عدة أسباب قد تجعل ضحايا الاتجار بالبشر يخفون تفاصيل ظروفهن الحقيقية. كما أن العقوبات المفروضة على الاتجار بالأشخاص أعلى بكثير من العقوبات المفروضة على تهريب المهاجرين
قاعدة بيانات SHERLOC للسوابق القضائية بشأن تهريب المهاجرين - اسبانيا Spain

وجدير بالذكر أن التحديات التي سُلط عليها الضوء في القضية الواردة أعلاه قد تتحول بطبيعة الحال إلى صعوبات في التحقيق. وقد يكون بمستطاع المسؤولين عن إنفاذ القانون والمدعين العامين، من خلال الصلاحية التقديرية المتاحة لهم، أن يلاحقوا قضائيا جرائم تهريب المهاجرين أو الاتجار بالأشخاص. وعلى سبيل المثال، في حين قد تكون السلطات مقتنعة بأنها تواجه قضية اتجار، فقد يؤدي عدم وجود الأدلة بخصوص الاستغلال إلى توجيه السلطات نحو ملاحقة قضية تهريب أقوى بدلا من ملاحقة اتهام ضعيف بالاتجار.

ويمكن أيضا أن يستخدم المحاضِرون المثالين الواردين في الإطارين 10 و11 لإجراء تمارين في قاعة الدراسة. ومن خلال تحليل القضيتين، ينبغي أن يحدد الطلبة التحديات أو عناصر التداخل المحتملة التي يمكن أن تسبب صعوبات في التمييز بين تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص (على نحو مماثل للتمرين 1). ويمكن أن ينظر المحاضر في الامتناع في البداية عن عرض حجج المحكمة، فلا يعرضها إلا بعد إجراء مناقشة أولية. ثم ينبغي أن تناقش بعد ذلك مع بقية طلبة الصف نتائج التقييم الذي يجريه الفريق.

 
 العودة إلى الأعلى