12 آب 2024 - بيروت، لبنان
في قرية صغيرة تقع على امتداد الحدود الجنوبية اللبنانية، برزت مبادرة يقودها الشباب هادفة إلى الوقاية من الجريمة كرمز للقدرة على تخطي الصدمات والأمل. في ظل الأوقات العصيبة، اتحد الشباب والشابات من أجل إعادة إحياء تقليد يعود إلى قرون مضت، وتجلى ذلك من خلال عزيمتهم التي لا تتزعزع عبر إنتاج صابون زيت الزيتون الطبيعي الذي يساهم في المحافظة على تراثهم الثقافي.
وقد شارك أحد أعضاء المبادرة التي يقودها الشباب والشابات قائلاً: "توفر هذه المبادرة للشباب/ات فرصة اكتساب مهارات جديدة وتعزز الشعور بالانتماء للمجتمع". وبدعم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، دمجت مبادرة الشباب التقنيات التقليدية مع الرؤية المستدامة، حيث أنتجوا ألواح صابون تجسد جوهر أرضهم وتراثهم.
تتجاوز كل حبة صابون هدفها العملي، حيث يوجد على كل غلاف عبارات عن الوقاية من الجريمة والحماية من العنف. "الوقاية والحماية من صُنع ايديكم"، هذه العبارة تجعل من الصابون وسيلة لتوعية المجتمع وتعزيز المشاركة، بهدف المساهمة في خلق بيئة أكثر أماناً للجميع.
بعد وقت قصير من إطلاق مبادرة الشباب، اندلعت الاضطرابات، فبدأت حرب غزة التي كانت لها تداعيات على لبنان، حيث نتج عنها وفاة 481 ضحية ونزوح 98,750 شخص (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية)، وتضرر 1,700 هكتار من الأراضي الزراعية (المجلس الوطني للبحوث العلمية). كما انه لم تنجوا أشجار الزيتون من أضرار الحرب؛ فقد شهدت بساتين الزيتون، التي كانت في السابق مزدهرة، تدمير أكثر من 117 هكتاراً**. لم يقتصر هذا الضرر على تهديد الاقتصاد المحلي ولا على انتمائهم إلى الأرض فحسب، بل أضيف إلى ذلك أيضا تحديات عديدة يواجها الشباب/ات. شارك أحد الشباب: "كان تحدياً كبيراً للشباب في محاولة التعامل مع الوضع الصعب لما في ذلك من شعور عدم اليقين والخوف وأدراك النزوح بسبب القصف اليومي." رغم انه كان من الصعب لهم العمل تحت هذا الضغط الشديد، إلا أنهم لم يرتدعوا وتمكنوا من تنظيم معرض صغير، وقد علق الشباب بفخر "لقد قمنا ببيع معظم الصابون الذي أنتجناه." وقد تمكّنت المبادرة التي يقودها الشباب/ت من إعادة استثمار عائدات بيع الصابون في تنظيم دورات توعية حول الوقاية من الجريمة في مجتمعهم والقرى المجاورة، مما يضاعف من تأثيرها.
هذه المبادرة دليل على كيفية تضافر جهود المجتمعات لتحويل الظروف الصعبة إلى حافز إيجابي. كل سلة صابون ترمز إلى التزام الشباب والشابات بتراثهم ومستقبلهم، وكل قطعة صابون تشع بأمل جديد.
تندرج المبادرة المذكورة أعلاه، تحت اسم "معاً ننهض" في إطار المسابقة الإقليمية "#شارك_بالتأثير"، بدعم من المشروع الإقليمي «أثر الشباب» الذي يتم تنفيذه في 6 بلدان مختلفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (السودان والجزائر وفلسطين وليبيا ولبنان ومصر). إن المشروع ممول من وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي بجمهورية المانيا الاتحادية (BMZ)، ويهدف إلى دعم الشباب والشابات والفتيان والفتيات، بمن فيهم الشباب الأكثر ضعفاً وعرضة للخطر، من أجل اكتساب القدرة على مواجهة مخاطر المخدرات والجريمة والعنف وتمكينهم من مواجهة تحديات الحياة.
****
* إن بساتين الزيتون في لبنان، ولا سيما بعضها يحتوي على أشجار يتجاوز عُمرها أربعة قرون، وتلعب دورًا أساسياَ في تعزيز التنوع البيولوجي، دعم الاقتصاد المحلي، والحفاظ على الجذور الثقافية، وبالتالي المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
** المجلس الوطني للبحوث العلمية ، 7 تشرين الأول 2023 - 18 تموز 2024.