بيروت، لبنان - 18 يوليو
طحين، ماء، خميرة، ملح - هذه المكونات الأولية تنتج ما هو أكثر من مجرد خبز. في كل صباح، تضج زاوية في المطبخ المركزي لسجن رومية بالسجناء الذين يعملون معاً بتناغم في تحضير العجينة لصناعة الخبز. عند تخمر وانتفاخ العجينه، تفوح رائحة الخبز الطازج الدافئة واللذيذة، مما يسترجع اليهم الذكريات الجميلة التي تبعث فيهم شعور الأمان. وسرعان ما تمتلئ رفوف التبريد بحوالي 700 قطعة عجين، حيث كل واحدة منها دليل على العمل الجاد والالتزام من السجناء الذين أنتجوها، ومن بينهم خليل* ومرهف*.
يعتبر مرهف* ان انتاج الخبز هي استراحة من واقعه الحالي في السجن. "أشعر وكأنني في الخارج; إن رائحة ونكهة الخبز الذي ننتجه في المشغل تذكرني بالفرن الذي بجوار منزلي في القرية".
تم تجهيز المشغل بأحزمة العجين، منضدة القطع، صواني وصفائح الخبز، وحراق الفرن الساخن، وجميع هذه اللوازم محظور استخدامها في السجن بموجب بروتوكول السلامة.
يقول الرقيب الأول بلال خ.، وهو في قوى الأمن الداخلي والمسؤول عن مشغل انتاج الخبز "الثقة بين السجناء والمولجين بالمطبخ ومشغل انتاج الخبز هي جزء لا يتجزأ من هذا العمل اليومي". يلتزم السجناء بالنظافة والسلامة، وهو ما ينعكس في المعايير التي يطبقها خليل* على كل رغيف خبز ينتجه، ويقول "الفرصة التي منحتني إياها إدارة السجن للانضمام إلى مشغل إنتاج الخبز لها أهمية كبيرة بالنسبة لي، وأنا أفتخر أمام رفاقي في السجن بأنني أصنع الخبز يومياً ليتم تقديمه طازجاً".
يقول الرقيب الأول بلال "في حين أن دوري هو ضمان الأمن، لا شك في أن هذا النوع من الأنشطة يمهد الطريق للتأهيل وإعادة الاندماج ويساعد في زيادة قدرة السجناء على كسب لقمة العيش الشريفة بعد خروجهم"، وهذا يعكس مضمون قواعد نيلسون مانديلا. ثم أوضح أن مشغل إنتاج الخبز لا يقتصر فقط على اكتساب مهارات جديدة وتنظيم وقت السجناء، بل يعزز أيضًا وجود بيئة سليمة، ويقلل من التوتر والنزاعات.
بدأت رحلة مرهف وخليل وسجناء آخرين في عام 2021، عندما قدم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المساعدة الفنية لإعادة تفعيل مشغل فرن انتاج الخبز في سجن روميه، حيث تصل اليوم نسبة تلبية احتياجات السجن اليومية من الخبز إلى 43٪. كان هذا الدعم أساسيًا، ولا يزال كذلك، في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، والتي تركت أثراً على نظام السجون عموماً، بما في ذلك العاملين والسجناء.
يحلم مرهف بأن يستخدم مهاراته في انتاج الخبز لبناء حياة أفضل "حلمي ان افتح فرن في قريتي لإعالة عائلتي". في سجن رومية، وسط ضجيج المطبخ، تبرز قصة أمل، رغيفاً تلو الآخر.
يحتفل العالم باليوم الدولي لنيلسون مانديلا في 18 تموز 2024 لأنه بمثابة تذكير بأن #السجناء_مهمون. يوجد أكثر من 11.5 مليون سجين/ة حول العالم، كل واحدٍ منهم شخص، كل واحدٍ منهم لديه/ا قصة، وإعادة التأهيل ممكنة لمن يرغب بالتغيير وإحداث فرق إيجابي.
***
ينفذ مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة هذا النشاط في إطار مشروع "تعزيز الوصول إلى العدالة، وضمانات الحقوق الأساسية في نظام العدالة الجنائية، بما فيها السجون"
بتمويل من الاتحاد الأوروبي
يمكنكم مشاهدة الفيلم الوثائقي الحصري والمستوحى من حملة يوم نيلسون مانديلا لعام 2024 #السجناء_مهمون:
YouTube
* مرهف وخليل هي اسماء مستعارة تم استخدامها للحفاظ على السرية.