26 يونيو 2012، طرابلس
اجتمع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة و برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز و منظمة الصحة العالمية و الاتحاد الأوروبي و المركز الوطني لمكافحة الأمراض للاستماع إلى الأدلة الجديدة التي تؤكّد ما كان مشتبهاً به من تمركز وباء فيروس نقص المناعة بين متعاطي المخدرات بالحقن في ليبيا، وللتشاور على الأولويات المحدَّدة وصولاً لاستجابة وطنية قوية ومتعددة القطاعات، وذلك خلال الندوة العلمية والتوعوية بشأن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز التي نظّمها المكتب والمركز الوطني لمكافحة الأمراض تحت رعاية وزارة الصحة في طرابلس.
وبعد ترحيبها بالمشاركين في الاجتماع دعت السيدة فاطمة الحمروش، وزير الصحة الليبي، بالدعوة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بواسطة كافة القطاعات المعنية في ليبيا، وأضافت "إننا بحاجة إلى تطوير وتنفيذ برامج شاملة للتصدّي لوباء فيروس نقص المناعة البشرية المتنامي فيما بين الفئات السكانية الرئيسية في ليبيا."
بعد اختتام الندوة، قدمت كلية ليفربول للطب الاستوائي نتائج دراسة الترصد السلوكية الحيوية التي أُجريت قبل النزاع المسلح في ليبيا، وذلك بفضل الدعم التقني والمالي من الاتحاد الأوروبي. تشير هذه الدراسة التي أُجريت فيما بين الفئات السكانية الأكثر عرضة لخطر انتقال فيروس نقص المناعة البشرية إلى انتشار الفيروس بنسبة 87٪ في صفوف العيّنة المتكوّنة من 328 شخصاً ممّن يتعاطون المخدرات بالحقن؛ و3.5٪ في صفوف العيّنة المتكوّنة من 227 رجلاً يمارس الجنس مع الرجال؛ و15.7٪ في صفوف عيّنة تضم 69 مشتغلاً في تجارة الجنس. ويعتبرّ معدّل انتشار هذا الفيروس فيما بين متعاطي المخدرات بالحقن هو الأعلى من أيْ رقم تم الإبلاغ عنه فيما مضى، الأمر الذي يشير إلى الحاجة الملحّة لاستجابة شاملة مستندة إلى الأدلة. وتشير النتائج أيضاً إلى انتشار التهاب الكبد الوبائي بنسبة 90 في المائة فيما بين متعاطي المخدرات بالحقن، وتداخل السلوكيات عالية المخاطر واحتمال انتشار الوباء إلى عامة السكان من خلال الفئات التي تربط متعاطي المخدرات بالسكان. وفي يومنا هذا، تبقى الكيفية التي زاد بها النزاع المسلح من وباء فيروس نقص المناعة البشرية بشكل أكبر و/أو من انتشاره جغرافياً أمراً غير واضح.
بشّرت الندوة بإعادة إطلاق المساعدة التقنية التي يقدّمها المكتب حول "الوقاية من تعاطي المخدرات وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز فيما بين متعاطي المخدرات ومتعاطيها بالحقن والفئات السكانية الضعيفة في ليبيا". وقد كان هذا المشروع قد توقف خلال النزاع المسلح، حيث عطّل الصراع في ليبيا بشدة تقديم خدمات الرعاية الصحية لعامة السكان وسبل وصولهم إليها، مؤثراً على نحو خاص على الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. وفي إطار مشروع المساعدة التقنية المذكور أعلاه الذي تموّله الحكومة الليبية، يجري حاليا بذل الجهود لدعم المركز الوطني لمكافحة الأمراض في اتخاذ مركز القيادة في الاستجابة للحدّ من الضرر بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني. وهناك خطط لإنشاء أول مركز استقبال في طرابلس لتقديم خدمات شاملة للحدّ من الضرر لمتعاطي المخدرات بالحقن، مثل المشورة والفحص الطوعي الخاص بفيروس نقص المناعة البشرية ومواد الاعلام والتثقيف والاتصالات المقدَّمة من خلال برامج التوعية المجتمعية وبرامج مكافحة الارتهان بالمخدرات والإحالة للعلاج من فيروس نقص المناعة البشرية/التهاب الكبد الوبائي، وغيرها من الخدمات.
هناك حاجة للمزيد من الدعم لإقامة نظام شامل مستند على الأدلة للعلاج من الإدمان على المخدرات ورعاية المدمنين في ليبيا، لكن تعوقه محدودية الموارد البشرية. وفي واقع الأمر، ثمّة حاجة كبيرة لتعزيز الخدمات المتاحة فيما يتعلق بقدرات المنظمات غير الحكومية والأجهزة الحكومية القائمة على العلاج المستند على الأدلة من الإدمان على المخدرات وإعادة تأهيل المدمنين.
من جانبه شدّد السيد مسعود كريمي بور، ممثل المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مرة أخرى على عزم المكتب واستعداده للتصدّي للتحديات الجديدة والمستجدة في ليبيا، مشيرا إلى أن "المكتب يرحّب بحرارة تعابير الإرادة السياسية والالتزام من جانب الحكومة الليبية للتصدّي لفيروس نقص المناعة البشرية وأزمة تعاطي المخدرات باعتبارهما مسألة ذات أولوية وطنية". وسلّط الضوء على أن "المكتب فخور بأن يكون في شراكة مع ليبيا للمساعدة في تقديم استجابة شاملة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية فيما بين متعاطي المخدرات بالحقن وفي السجون ورعايتهم بالتنسيق مع كافة أصحاب المصلحة الوطنيين وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والمجتمع الدولي". ولكونه جزء من فريق الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، سوف يقدّم المكتب الدعم التقني في وضع الإستراتيجية الوطنية بشأن هذا الفيروس.
تزامنت الندوة مع ورشة عمل تدريبية عقدت لمدة يومين خلال الفترة من 27 الى 28 حزيران/يونيو 2012 للعاملين في مجال الصحة حول الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية والرعاية وتعاطي المخدرات في السجون وغيرها من الأماكن المغلقة، شارك فيها 21 عاملاً في مجال الصحة في السجون التابعة لوزارة العدل، وقُدِّمت فيها المجموعة الشاملة التي يوصي بها المكتب والمكوّنة من 15 تدخلاً للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية والرعاية. وقد غطى التدريب عناصر الاستجابة الشاملة إزاء فيروس نقص المناعة البشرية في السجون والترويج للأخلاقيات الطبية وحقوق الإنسان للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في السجون. كما تزامن الحدث مع الإطلاق العالمي للتقرير العالمي عن المخدرات لعام 2012 والاحتفالات السنوية باليوم العالمي لمكافحة المخدرات.