"أنا أيضًا أستحق فرصة ثانية": إعادة تأهيل ودمج الأطفال المخالفين للقانون

القاهرة، مصر 

محمد خميس: إيمان من حولي بي، ومساعدتهم لي، وثقتهم بي هو ما دفعني لتغيير حياتي للأفضل.  الإيمان بمحمد، وإتاحة إمكانية التعلم له، وإطلاعه على نماذج حياة إيجابية، ومنحه الثقة والحب، وتقبله كما هو وما هو قادر عليه، جعله قادر على تغيير حياته وإثبات أن الأطفال الذين مروا بتجربة مماثلة يستحقون فرصة أخرى.

 محمد خميس، هو شاب عمره 23 سنة من بني سويف(مصر)، يملك متجر صغير للخياطة، حيث يعمل به مع والدته وشقيقه منذ ما يقرب من خمس سنوات. وقد حُكم على محمد وهو في سن الخامسة عشرة، بالسجن ثلاث سنوات لقيامه بالسرقة، وتمت إحالته إلى المؤسسة العقابية للأحداث بالمرج (وهو مركز احتجاز لمرتكبي الجرائم من الذكور صغار السن). ومنذ هذه اللحظة، بدأ محمد حياته المهنية في المؤسسة العقابية، حيث شارك في برامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج التي أعدها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كما أتم دروس محو الأمية وحصل على الشهادة، ثم تعلم الخياطة في إحدى ورش العمل المهنية التي أُنشأت في إطار برنامج إعادة الإدماج. وقد كانت أمه هي السبب وراء قراره بتعلم الخياطة، حيث كانت تعمل خياطة في مصنع بعيد عن المنزل. وفي إطار برنامج إعادة الإدماج لدعم السجناء بعد إطلاق سراحهم، تم منح محمد آلة خياطة لتوفر له دخل بعد إطلاق سراحه. وقد بدأت أعمال عائلته تزدهر بعد خمس سنوات حيث سرعان ما أصبحت خدماته معروفة في قريته، وكان قادرًا على شراء آلتين أخرتين، ساعداه على التوسع في أعماله. وحاليًا يساعد محمد الأطفال الآخرين المطلق سراحهم من خلال توفير وظائف لهم في متجر الخياطة الخاص به.

ما الذي جعل محمد ينجح؟

لا شك أن استعداد محمد لتغيير حياته هو العامل الرئيسي، ومع ذلك، لم يكن ليتاح له إعادة الإدماج في المجتمع بسهولة من دون أن يتوفر له توجيه وفرص مناسبة للتعلم، تمكنه من بناء حياته بعد إطلاق سراحه. وتقوم البرامج التي يقدمها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لإعادة تأهيل وإدماج الأطفال خلال فترة وجودهم في المؤسسة العقابية بإعدادهم لحياة جديدة بعد الاحتجاز.

القبول والتصنيف المهني

 تم استقبال محمد عند وصوله إلى المؤسسة العقابية في قسم التسجيل من قبل أخصائي اجتماعي، أخبره عن حقوقه وواجباته داخل المؤسسة، ثم أمضى محمد أسبوعين في عنبر الاستقبال قبل أن تقوم لجنة التصنيف بإحالته إلى العنبر الذي يستقبل الأطفال في نفس الفئة العمرية ومن لديهم ملفات مشابهة.

دعم نفسي واجتماعي متخصص

ولمساعدته في التكيف على وضعه الجديد تلقى محمد عدة جلسات من الدعم النفسي والاجتماعي والدعم الفردي لمساعدته على قبول وضعه الجديد وتزويده بالإرشادات اللازمة حتى يتمكن من الانخراط في أنشطة إعادة التأهيل وفقًا لقدراته.

التسجيل في ورش إعادة التأهيل وإعادة الإدماج

حضر محمد فصول محو الأمية، وحصل على شهادة، كما تعلم الخياطة من ورش العمل المهنية المقدمة في إطار البرنامج، وشارك في العديد من الأنشطة الترفيهية والرياضية والبستنة، مما ساعده على تطوير مهاراته الاجتماعية. وقد أتيحت لمحمد الفرصة للحصول على بعض التوجيه الديني لضمان فهمه الجيد لقيم التسامح والأمانة التي يحض عليها الدين. وعندما تعرض محمد للإصابة خلال مباراة كرة قدم، حصل على الرعاية الطبية اللازمة، والتوعية الجيدة بشأن إشارات سن البلوغ والمراهقة والأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي. 

"خطة حياة" مبنية على نهج تشاركي

انضم محمد قبل ستة أشهر من مغادرته للمؤسسة العقابية إلى "برنامج الإعداد لإعادة الادماج" حيث تمكن من بناء "خطة حياة"خاصة به، تُهيئه على المستوى النفسي والاجتماعي والاقتصادي. فتعلم كيف يتعامل مع التهكم أو المعايرة المحتملة من أقرانه، كما تعلم كيف يتجنب الشجار الذي قد يؤدي به للعودة إلى الاحتجاز مرة أخرى، وكيف يحترم القوانين واللوائح، وكيف يقوم بإجراء دراسة جدوى لمشروع صغير يولد له الدخل وغيرها من الأمور الكثيرة. بالإضافة إلى مساعدته على تحديد كيف يريد أن يواصل حياته بعد مغادرة المؤسسة العقابية وأي نوع من المساعدات يحتاجها لضمان حياة جيدة لا تعود به إلى فقدان حريته مرة أخرى. وبعد إطلاق سراحه تمكن محمد من تنفيذ "خطة الحياة" بدعم من منظمات المجتمع المدني، واستعاد ثقته بنفسه وبالمجتمع، وأثبت بالفعل أنه يستحق فرصة ثانية.

شاهد الفيلم الوثائقي "الفرصة الثانية"  

في إطار هذا المشروع ،استفاد 440 طفلًأ من دروس محو الأمية، وحصل 320 طفلًا على شهادة محو الأمية، واستفاد 540 طفلًا من خدمات الدعم النفسي والاجتماعي،كما استفاد حوالي 370 طفلًا من الأنشطة الترفيهية، مثل الفن والمسرح والحرف اليدوية ودروس الحاسب الألي، وتم إنشاء 10 ورش مهنية بالكامل، كما استفاد 1,696 طفل من ورش التدريب المهني، واستفاد 1500 طفل من خدمات العيادة الطبية، واستفاد 972 طفل من برنامج إعادة الإدماج، و827 طفل من الدعم القانوني، و260 طفل من توفير فرصة عمل، كذلك استفاد 50 طفل وعائلاتهم من تحسين ظروف السكن.

تم تغيير اسم الطفل لحماية خصوصيته وخصوصية أسرته.

تم تنفيذ هذا المشروع بفضل الدعم المالي المقدم من المملكة المتحدة وهولندا والمملكة المتحدة ومؤسسة دروسوس.