لبنان - "من متهم بالإرهاب إلى مؤمن بالحياة": إصدار التقرير الوطني الأول حول إعادة تأهيل الأحداث الموقوفين والمحكوم عليهم بتهم تتعلق بالتطرف العنيف أو الإرهاب

بيروت، لبنان

"عندما أفكر فيما فعلته، أدركت كم كنت أعمى. كيف كنت أؤمن بهم وأتبعهم بلا تردد"؟

وفقاً لآخر تقرير للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة لعام ٢٠١٨، تم التحقق من ٢٤٠,٠٠٠ انتهاك جسيم ضد الأطفال في ٢٠ دولة. وقد تم اخْتطاف ما يقرب من ٢,٥٠٠ طفل على أيدي أطراف النزاع المسلح في كثير من الأحيان تمهيداً لانتهاكات جسيمة أخرى، بما في ذلك التجنيد والاستخدام في النزاعات المسلحة.

في سياق محدد (٢٠١٢ - ٢٠١٦)، ونظراً لتصاعد الهجمات الإرهابية التي هزت القرى المجاورة للحدود السورية وضاحية بيروت الجنوبية، تم اعتقال عدد كبير من الأطفال الذين جندتهم واستغلتهم الجماعات المسلحة، ثم تم نقلهم إلى جناح الأحداث في سجن رومية في الجمهورية اللبنانية. ورداً على هذه التحديات الجديدة المتعلقة بالأحداث الموقوفين والمحكوم عليهم بتهم تتعلق بالتطرف العنيف والإرهاب، كان من الضروري استحداث آليات عمل جديدة تضمن تطبيق المبدأ الأساسي المتمثل في "مصالح الطفل الفضلى". وفي ضوء هذه التوجهات المعتمدة، تسعى إجراءات تأهيل الأحداث فى الجناح الخاص بهم فى سجن رومية إلى تعزيز فرص انفصالهم عن التطرف العنيف وإعادة إدماج الأحداث في المجتمع.

 وبناءً على هذه الجهود، تطلق دولة لبنان التقرير الوطني الأول عن نتائج التجربة اللبنانية لإعادة تأهيل الأحداث الموقوفين والمحكوم عليهم بتهم تتعلق بالتطرف العنيف أو الإرهاب، بتمويل من دولة كندا، بعنوان "من متهم بالإرهاب... إلى مؤمن بالحياة".

يوثق التقرير تجربة مشروع "تطوير إدارة السجون وبرامج تأهيل وإدماج السجناء شديدي الخطورة فى لبنان"، والذي تنفذه وزارة العدل بالتعاون الوثيق مع وزارة الداخلية والبلديات، بمساعدة تقنية من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة،  وبتمويل من دولتي كندا وإيطاليا بجانب الاتحاد الأوروبي.

وعُقِد حدث إطلاق التقرير في مكتب رئيس الوزراء وحضرة السيدة بهية الحريري نيابة عن رئيس الوزراء السيد سعد الحريري، والدكتور ألبرت سرحان وزير العدل، والسيدة إيمانويل لامورو سفيرة كندا في لبنان، والسيدة روبينا أبو زينب رئيسة وحدة منع التطرف العنيف في مكتب رئيس الوزراء، والسيد فيليب لازاريني المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في دولة لبنان، والسيدة كرستينا البرتين الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يهدف هذا التقرير إلى إظهار عملية إعادة إدماج الأحداث فى المجتمع فى إطار برنامج "المصالحة مع الحياة"، باعتماد إجراءات فعالة للتأهيل من خلال تنفيذ أنشطة وبرامج وآليات محدّدة، فضلاً عن الاستعانة بموظفين من ذوي الخبرة لضمان حسن التطبيق.

وقد علقت السيدة لامورو على البرنامج قائلة: "من خلال أنشطة مثل التدريب المهني والدعم النفسي والاجتماعي والأنشطة المدرة للدخل، يُمنح الأحداث الفرصة للإصلاح والتأهيل، مع الهدف النهائي المتمثل في تسهيل إدماجهم في المجتمع والبدء من جديد. منذ بدايتها، وصلت المبادرة إلى أكثر من ٧٣٥ فتى في سجن رومية و٤٣ فتاة في منشأة مبادرة".  

كما أشار الدكتور سرحان إلى أن "ما يميز برنامج إعادة التأهيل هذا، هو أنه يشمل مراحل التدخل التي تعكس واقع الحدث في السجن: من الملاحظة المتخصصة إلى التوجيه المنتج والمشاركة الإيجابية، في سياق استخدام الموارد مع مراعاة الأسرة والمجتمع، لضمان إعادة إدماج الطفل في السياق الموافق لبيئته".

و يعتبر هذا البرنامج جزءاً لا يتجزأ من نهج التأهيل الذي اتبعته مصلحه الأحداث في وزارة العدل منذ عام ١٩٩٩ في الجناح الخاص بالأحداث في سجن رومية، بالتعاون مع إدارة جناح الأحداث بالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلى ووزارة الداخلية والبلديات.

وتأتي هذه الجهود كجزء من تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف التي تقوم بها الحكومة اللبنانية، والتي أبرزتها السيدة أبو زينب، المنسق الوطني لمنع التطرف العنيف. وقد أوضحت السيدة أبو زينب: "إن إحدى خصائص الاستراتيجية الوطنية هي تعميق الشعور بالأمل في الحياة، والتأكيد على أن إعادة الإدماج في المجتمع متاحة دائماً لأي فرد من أفراده".

 كما أعربت السيدة البرتين عن استعداد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لمشاركة ونشر التجربة اللبنانية الفريدة والرائدة لصالح الأطفال إقليمياً وعالمياً. بالإضافة إلى ذلك، فقد شكرت السيدة البرتين الممارسين والخبراء الذين عملوا على التقرير "لوضع الأطفال الموقوفين في قلب عملهم وعدم التخلي عن الأمل لإصلاهم وتأهيلهم".

ولأن نتائج عدم العودة إلى ممارسة الجريمة بعد المشاركة في البرنامج التأهيلي مشجعة، فإن رحلة " التصالح مع الحياة"، شجعت معدي التقرير على اقتراح توسيع البرنامج ليشمل الشباب الموقوفين الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٢٥ سنة.

وفي حين أن لبرنامج تأهيل الأحداث نتائج إيجابية وملموسة في إطار التجربة التي أجريت في جناح الأحداث في سجن رومية، فإن التحدي ما زال قائماً من أجل إعادة إدماج هؤلاء الأحداث فى المجتمع. كما أنه وفي غياب برامج محلية داعمة لإعادة الإدماج الحقيقي للأحداث المعنيين، يبقى خطر العودة للتطرف العنيف قائماً.

شاهد الفيلم الوثائقي " لوين رايح؟" لسماع جانب الأطفال من القصة.