Director-General/Executive Director
معالي المستشار أحدم سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في جمهورية مصر العربية،
السادة رؤساء وحدات التحريات المالية،
السيدات والسادة الحضور الكرام،
يسعدني أن أنضم اليكم اليوم لاختتام هذا الحدث الهام حول التدفقات المالية غير المشروعة، ودور وحدات التحريات المالية في مواجهة هذا التحدي.
تناولت مناقشتكم اليوم التأثير السلبي الكبير للتدفقات المالية غير المشروعة، فهذه التدفقات تسلب موارد الدول، وخاصة الدول النامية، بما يعيق جهود التنمية المستدامة، وهو ما دفع المجتمع الدولي لتضمين مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة ضمن مؤشرات تحقيق الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة.
وقد شهدنا مثالاً واضحاً للتأثير السلبي للتدفقات المالية غير المشروعة على ضوء ما يواجه العالم من تحديات في إطار جائحة "كوفيد"، فالدول في أمس الحاجة إلى كافة الموارد المتاحة للتعامل مع تداعيات الجائحة، بما في ذلك الموارد التي تفقدها بسبب التدفقات المالية غير المشروعة والتي من الممكن الحفاظ عليها من خلال تدابير فعالة لمكافحة وخفض هذه التدفقات.
ومما لا شك فيه أن وحدات التحريات المالية هي صاحبة الدور الرئيسي في مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، فهي التي يقع عليها مسئولية كشف وتفكيك شبكات الفساد التي تمكن التدفقات المالية غير المشروعة.
لهذا، أود أن أتقدم بالشكر إلى وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية على تنظيم هذا الحدث الهام الذي يأتي في الوقت المناسب، وإلى كافة المشاركين اليوم لتصديكم لهذا الموضوع الهام.
لقد أكدتم خلال مناقشاتكم على أهمية تعزيز قدرات وحدات التحريات المالية لتمكينها من القيام بدورها، وكذا أهمية التعاون الدولي بين هذه الوحدات، فالتدفقات المالية غير المشروعة هي ظاهرة عابرة للحدود، لا يمكن التصدي لها إلا عن طريق العمل المشترك بين الجهات المعنية في مختلف الدول من خلال تواصل دائم مؤمن وفعال.
إن الأمم المتحدة حريصة كل الحرص على دعم الدول في التصدي لهذه الظاهرة لتأثيرها على الدول النامية، خاصة في ظل جائحة "كوفيد"، ففي عام 2020، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تهدف إلى تمويل جهود التنمية في عصر الجائحة، وركزت ثلاثة من محاورها الستة على مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة.
ولمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة دوراً أساسياً في جهود المنظومة الأممية في هذا المجال، فمكتبنا هو المعني بمتابعة مؤشر أهداف التنمية المستدامة بشأن التدفقات المالية غير المشروعة، بالمشاركة مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، "الأونكتاد".
وعليه، ومن أجل البناء على نتائج مناقشاتكم القيمة اليوم، أود أن أشير إلى بعض المحاور التي سيسعى مكتبنا في التركيز عليها من أجل دعم وحدات التحريات المالية، والدول بشكل عام، في التصدي للتدفقات المالية غير المشروعة خلال الفترة المقبلة.
المحور الأول هو قياس التدفقات المالية غير المشروعة، فلا تزال تواجه الدول تحدياتٍ كبيرة في رصد هذه التدفقات وتحديد كمياتها، وكما شرح لكم زملائي، لقد قام المكتب الأممي المعني بالمخدرات والجريمة، بالاشتراك مع الأونكتاد، بتطوير منهجية جديدة للقياسات الإحصائية الخاصةبالتدفقات المالية غير المشروعة، وهو ما من شأنه أن يساعد على تحقيق فهم أعمق لكيفية منع ومكافحة هذه التدفقات.
وهنا أود أن أشكر مصر على تعاونها مع هذه المبادرة، فهي إحدى الدول التي نعمل معها على اختبار وتطبيق هذه المنهجية.
المحور الثاني الذي أود الإشارة إليه هو بناء القدرات، فيعمل مكتبنا، من خلال برنامجه العالمي لمكافحة غسل الأموال، على دعم وحدات التحريات المالية لتوفير التدريب والموارد اللازمة لها، وفي هذا الصدد سنستمر في العمل معكم في الفترة المقبلة للتعرف على أهم أولويات هذه الوحدات لمواجهة التحديات الراهنة والمستجدة، بما في ذلك في المجالات ذات الأهمية المتصاعدة مثل العملات الرقمية وغيرها من الجوانب ذات الصلة بالتكنولوجيا الحديثة والرقمنة.
وسوف نستمر أيضاً في التعاون مع الشركاء من أجل دعم الأطر الدولية التي تمكن وحدات التحريات من ملاحقة الأموال غير المشروعة عبر الحدود، فيعمل مكتبنا بالتعاون مع مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية، "FATF" وكذا الهيئات الإقليمية المعنية بهذا المجال، فضلاً عن مجموعة "إيجمونت" للتحريات المالية، من أجل تطوير الإرشادات والمناهج الفعالة في مواجهة التدفقات المالية غير المشروعة.
وأود أن انتهز هذه الفرصة لأهنئ جمهورية مصرالعربية على التنظيم الناجح للاجتماع العاملمجموعات العمل المعنية بالإجراءات المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقياالثالث والثلاثين، والذي عقد في القاهرة برئاسة مصرية خلال الفترة من 16 إلى 17 نوفمبر 2021.
ويتمثل المحور الثالث في أهمية تعزيز العمل بين القطاعين العام والخاص، فالقطاع الخاص في واقع الأمر يمثل نصف المعادلة عندما نتحدث عن التدفقات المالية غير المشروعة، وبالتالي فإن إيجاد الآليات السلسة والفعالة لتعاون الشركات، وخاصة التي تعمل في مجال تحويل الأموال، وكذلك البنوك، مع وحدات التحريات المالية هو أمر ضروري.
وعليه، يعمل مكتبنا على دعم هذه الشراكة من الجانبين، لتعزيز قدرة الكيانات المعنية بالإبلاغ عن المخالفات والجرائم من جانب، وكذا لتحسين قدرة وحدات التحريات المالية علىتحليل هذه البيانات والمعلومات بصورة سليمة ودقيقة.
أخيراً وليس أخراً، يعد موضوع استرداد الأصول المسروقة ضمن أهم الأولويات التي ترتبط بشكل مباشر بمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، فالتدابير الفعالة لاسترداد الأصول هي وسيلة رئيسية لعكس مسار التدفقات المالية غير المشروعة، وخصوصاً فيما يتعلق بالعائدات المتصلة بالفساد.
وهنا أدعوكم للتفاعل مع الآليات التي نعمل من خلالها في هذا المجال، ومن ضمن أهمها مبادرة "ستار" بالشراكة بين مكتبنا والبنك الدولي، والتي تقدم الدعم الفني والتشريعي للدول لتعزيز أطر استرداد الأصول، وأيضاً مبادرة "جلوب" التي تم إنشاؤها هذا العام بهدف توفير شبكة دولية مؤمنة للتواصل وتبادل المعلومات بشكل سريع ومباشر بين جهات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد، وتضم عضويتها حتى الآن 80 جهة من 48 دولة.
وختماً، أتقدم بالشكر مرة أخرى إلى وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية، وكافة المتحدثين والمشاركين اليوم، لتسليط الضوء على الدور الهام لوحدات التحريات المالية في مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، ولطرح عدد من العناصر الهامة التي ستسهم في جهودنا لتطوير العمل في هذا المجال خلال الفترة المقبلة.
شكراً.