هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين

 

الموضوع الثالث: حق الضحايا في الاستجابة الملائمة لاحتياجاتهم

 

بشكل عام، من الاعتبارات الهامة التي تنطبق على احتياجات الضحايا، هي حقيقة أن احتياجات الضحايا تتغير بمرور الوقت. كما تنشئ بعض الاحتياجات مباشرة بعد ارتكاب الجريمة، مثل الحاجة إلى تأمين منزل آمن: لذلك عندما يتسلل اللص من باب الشقة، يكون من المهم جدًا للشخص الذي يعيش في الشقة إصلاح الباب كخطوة أولى، ومن ثم يمكنهم النوم في تلك الليلة بطمأنينة. وهناك احتياجات أخرى قد تنشأ، مثل أن يُحترم صوت ورأي الضحية أثناء مباشرة الإجراءات الجنائية. وتجدر الإشارة إلى أنه قد تنشأ احتياجات أخرى حتى بعد الانتهاء من هذه العملية.

ويطابق إعلان الأمم المتحدة احتياجات وحقوق الضحايا، بما في ذلك الحق في الاحترام والاعتراف، والحق في الحماية؛ الوصول إلى العدالة والمعاملة العادلة؛ المساعدة والدعم؛ والتعويض عن الآثار السلبية للجريمة في شكل الرد والتعويض.

 

الاحترام والاعتراف

ينص إعلان الأمم المتحدة، تحت عنوان الوصول إلى العدالة والمعاملة العادلة، على أنه "يجب أن يعامَل الضحايا برأفة وباحترام كرامتهم البشرية".

إلا أنه في الحقيقة، أول وأهم حاجة للضحايا هو الاعتراف. فإن كرامة الإنسان حق أساسي. ولذلك، فإن معاملة الضحايا برأفة واحترام كرامتهم هو جانب أساسي من جوانب توفير العدالة للضحايا. وبالنسبة للعديد من الضحايا، من المهم أن يتم الاعتراف بهم كضحايا أولا، وأن يتم الاعتراف بمعاناتهم التي هي نتيجة لعمل غير مشروع ضدهم.

يجب معاملة الضحايا بكرامة واحترام في جميع الإجراءات مع مأموري الضبط القضائي أو النيابة العامة، والأخصائيين القانونيين، والعاملين القضائيين وغيرهم من المشاركين في العملية القضائية: يجب أن تكون الإجراءات والاتصالات "حساسة للضحية" ويجب على أولئك الذين يتعاملون مع الضحايا أن يتصرفوا مع التعاطف والتفهم لوضعهم الفردي. وينطبق الشيء نفسه من حيث الطريقة التي يجب أن يعامل بها من قبل خدمات دعم الضحايا أو الخدمات الاجتماعية الموجهة للضحايا. ومن أمثلة المعاملة غير المحترمة هي تحديد موعد للمحاكمة دون استشارة الضحية أولاً لأنه قد يكون من المستحيل على الضحية الحضور؛ أو عدم تزويد الضحية بالخصوصية أثناء الفحص؛ أو استجواب الضحية بطريقة غير لائقة أو إلقاء اللوم. كما تعد المعاملة باحترام ذا أهمية بشكل خاص للضحايا الضعفاء، بما في ذلك: ضحايا العنف الجنسي أو ضحايا بسبب النوع القائم على الجنس؛ ضحايا العنف المنزلي؛ كبار السن؛ والمعاقين، على سبيل المثال. ومن المهم أيضا أن يعامل الضحايا غير المباشرين، بمن فيهم أفراد الأسرة باحترام.

كما يجب أن يتلقى جميع المهنيين الذين يتواصلون بشكل منتظم مع الضحايا على التدريب الملائم على حقوق الضحايا وأن يحصلوا على الأدوات المناسبة لإجراء تقييمات للاحتياجات الفردية لتحديد احتياجات الضحايا وحالتهم.

ويستخدم إعلان الأمم المتحدة مصطلح "الضحية" بشكل واقعي، ليعكس الضرر الناجم عن الجريمة أو إساءة استخدام السلطة. كما يفضل بعض الأفراد والجماعات الذين يمثلون الضحايا الذين تعرضوا للجرائم والعنف استخدام مصطلح "الناجي"، خاصة في الحالات المتعلقة بالعنف الجسدي أو الجنسي الخطير. وبالنسبة للبعض، يضفي مصطلح "الناجي" إحساسًا بأن الشخص عاملا نشطا في عملية الشفاء الخاصة به، إلا أنه في بعض الأحيان، مصطلح "الضحية" قد يشير إلى أن الفرد سلبي، أو ليس لديه القدرة للتحكم في حياته بعد وقوع الجريمة أو إساءة استخدام السلطة. وفي الوقت نفسه، فإن مصطلح الضحية يحدد بوضوح أن المسؤولية الكاملة عن الفعل تقع على الجاني، وهو أمر مهم بالنسبة للعديد من الضحايا، الذين قد يواجهون اللوم أو الشك في الذات. وهذه هي عينة من الآراء المحتملة التي يعتنقها الأشخاص المتضررون من الجريمة. كما يجب أن يكون الأفراد قادرين على اختيار المصطلح الذي يشعرون براحة أكبر إيزاءه. وبينما يستخدم إعلان الأمم المتحدة مصطلح الضحية، فإنه ينطبق بالتساوي على الأفراد الذين قد يختارون تحديد هوية الناجين.

كما يحتوي إعلان الأمم المتحدة على مجموعة من الأحكام لمطابقة هذه الاحتياجات مع التزامات الحكومات لتوفير الردود المناسبة والحقوق للضحايا.

 

الحماية

يحتاج الضحايا إلى مجموعة متنوعة من الحماية. ويدعو إعلان الأمم المتحدة لعام 1985 الدول إلى تنفيذ تدابير من شأنها "التقليل من الإزعاج الذي يلحق بالضحايا إلى الحد الأدنى" وذلك في خضم إجراءات العملية القضائية والإدارية، "ضمان سلامتها وسلامة أسرها وسلامة من شهدوا لصالحها من أي تهديد أو انتقام".

ويحتاج الضحايا كذلك إلى حماية الخصوصية. ويجب التعامل مع تجاربهم بسرية من قبل جميع أصحاب المصلحة المكلفين. ويمكن للمرء أن يتصور بسهولة أن الضحية قد يقرأ عن محنة الجريمة في تقرير إخباري وهو شكل من أشكال إعادة الإيذاء. وهذا يتطلب تشريعات ولائحة سلوك لوسائل الإعلام، فضلا عن آليات للمساءلة عن الانتهاكات.

وجدير بالذكر أن المهنيون في مجال العدالة الجنائية يتحملون أيضا التزامات فيما يتعلق بحماية الضحايا. وكما ينص إعلان الأمم المتحدة بوضوح، يجب حماية الضحايا من الأعمال الإجرامية الأخرى، بما في ذلك الانتقام والترهيب. وقد يكون الضحايا في خطر مستمر، أو قد يدركون أنهم في خطر مستمر، سواء من الجاني أو من أصدقاء الجاني وأنصاره، أو أولئك الذين من المحتمل أن يحاولوا نسخ الجريمة. ويكون الأمن مصدر قلق رئيسي بالنسبة لضحايا العنف المتكرر أو المستمر، بما في ذلك العنف المنزلي. في الواقع، قد لا يشعر الضحايا بالقدرة على الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم إذا رأوا أنه لا يمكن ضمان حمايتهم.

وبناء على ذلك، تتطلب حماية الضحايا إجراء تقييمات شاملة للمخاطر. وتلعب الشرطة دوراً هاماً في إجراء مثل هذه التقييمات، كما تفعل الخدمات الإصلاحية بمجرد الحكم على الجناة. وبالتالي، يجب حماية الضحايا من خطر الإيذاء المتكرر أو الإيذاء. ينبغي الإشارة أنه في العديد من البلدان، تم تطوير بروتوكولات لتقييم المخاطر استجابة لأنواع محددة من الجرائم مثل المطاردة والعنف المنزلي والجرائم الجنسية (هارت وكروب، 2000).

وإن تقييم خطر ما إذا كان الجاني سيكرر جريمته، هو أمر معقد ويتطلب فحص كل من العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر إعادة ارتكاب الجريمة، وكذلك استراتيجيات الحد من المخاطر. وفي جميع الحالات، لا يعني عدم وجود عوامل خطر، أن الجاني خالٍ من خطر إعادة ارتكاب الجريمة. وعلى الرغم من أنه لا يمكن التنبؤ بالسلوكيات المستقبلية للفرد بشكل مؤكد، إلا أن التقييم المشترك من قبل مجموعة من المهنيين، بما في ذلك ضباط إنفاذ القانون، وعلماء النفس، ومأموري الضبط القضائي، بالإضافة إلى استراتيجيات التخفيف من المخاطر يمكن أن تقلل من خطر إعادة ارتكاب الجريمة (بونتا، بليز، ويلسون، 2014). ولمزيد من المعلومات حول احتياجات السجناء، انظر الوحدة التعليمية 6 بشأن إصلاح السجون من سلسلة النمائط الجامعية E4J حول منع الجريمة والعدالة الجنائية.

الإيذاء الثانوي

تحتاج الضحية أيضًا إلى الحماية من الإيذاء الثانوي، ويقصد به الضرر الذي يمكن أن يسببه أولئك الذين يستجيبون للضحية، بغرض السعي لتحقيق العدالة (كامبل وراجا، 1999؛ وليام، 2012). وقد تنشأ استجابات معاكسة في إطار العمل المؤسسي، سواء داخل نظام العدالة الجنائية أوفي الإجراءات الأخرى بما في ذلك نظام الرعاية الصحية، وقد تحدث الإيذاء الثانوي من خلال وسائل الإعلام، أو من خلال الإجراءات أو التصريحات غير المقصودة من الأصدقاء والزملاء، إلخ. وتمثل هذه العوامل مجتمعة، خطورة في أن يُصاب الضحايا بالصدمة من المواقف أو أساليب الاستجواب التي قد تنشأ بمجرد معرفة وضعهم كضحية. على سبيل المثال، في الشرطة والهيئات القضائية والصحية، قد يتم استجواب وتشكيك مصداقية الضحية، ويمكن لوم الضحية على سلوكه، وقد يساء تفسير ردود أفعال الضحايا بشأن الغضب أو القلق. كما يمكن أن يحدث الإيذاء الثانوي أيضًا عندما لا تحمي وسائل الإعلام هوية أو معلومات الضحية، وبدلاً من ذلك، تركز التغطية الإعلامية بشكل غير ملائم على تصرفات الضحية أو تقاعسها، بدلاً من تلك التصرفات التي يرتكبها المعتدي. ويتطلب معالجة مخاطر الإيذاء الثانوي فهمًا لاحتياجات الضحايا وتأثير الجريمة على المستوي المهني والمجتمعي. وتشمل الأمثلة على الإيذاء الثانوي، على سبيل المثال: تكذيب الضحية؛ لوم الضحية؛ أو سلوك أو لغة غير ملائمة وغير مسؤولة من قبل أولئك الذين هم على اتصال بالضحية. ويمكن أن تكون الفحوصات الطبية مؤلمة للغاية لضحايا العنف الجنسي.

وخلال المضي في الإجراءات الجنائية، كثيراً ما يتعرض الضحايا للإيذاء الثانوي. ومن أجل تجنب الضرر الناجم عن الإجراءات الجنائية، على غرار ما يحدث من خلال المقابلات المتكررة والمكثفة أو الاضطرار إلى مواجهة الجاني في نفس منطقة الانتظار قبل المحاكمة في المحكمة، وعليه، من المهم ضمان حماية الضحايا طوال التحقيقات الجنائية وإجراءات المحكمة. وهذه الحماية ضرورية للضحايا المعرضين للخطر بشكل خاص مثل الأطفال. ومن المهم أيضًا تدريب الطواقم العاملة في مجال العدالة الجنائية بشكل مناسب على كيفية التعامل مع الضحايا باحترام وتعليمهم احتياجات الضحايا الناتجة عن تأثير الجريمة. إلا أنه في الحقيقة، قد أشار الفقه في أن التدريب والمبادئ التوجيهية في المؤسسات متعددة القطاعات التي تعمل مع الضحايا لديها القدرة على الحد من خطر الإيذاء الثانوي (رايلري وجيسيكا، 2017).

المساعدة والدعم

إعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة التابع للأمم المتحدة (1985)

الأحكام بشأن تقديم المساعدة (الفقرات 14-17)

"ينبغي أن يتلقى الضحايا ما يلزم من مساعدة مادية وطبية ونفسية واجتماعية من خلال الوسائل الحكومية والطوعية والمجتمعية والمحلية.

ينبغي إبلاغ الضحايا بمدى توفر الخدمات الصحية والاجتماعية وغيرها من المساعدات ذات الصلة، وأن يتاح لهم الحصول على هذه الخدمات بسهولة.

ينبغي أن يتلقى موظفو الشرطة والقضاء والصحة والخدمة الاجتماعية وغيرهم من الموظفين المعنيين تدريبا لتوعيتهم باحتياجات الضحايا، ومبادئ توجيهية لضمان تقديم المعونة المناسبة والفورية.

ينبغي لدى تقديم الخدمات أو المساعدة إلى الضحايا إيلاء اهتمام لمن لهم احتياجات خاصة بسبب طبيعة الضرر الذي أصيبوا به أو بسبب عوامل كالتي ذكرت في الفقرة 3 (أي، بند عدم التمييز) أعلاه."

وبشكل عام، يحتاج الضحايا إلى الدعم والمساعدة، وهذا غالبًا ما يكون أساسيًا لتعافيهم. وقد يحتاج الضحايا إلى مساعدة عاطفية أو نفسية أو مالية أو قانونية أو عملية. كما يمكن أن يساعد تقديم الدعم المبكر في منع حدوث مشاكل أكبر وأكثر تعقيدًا مقارنة ما قد يواجهها الضحايا في المستقبل. ولذلك، فإن الصدمة الطفيفة التي تم علاجها قبل أن تصبح الاكتراب التالي للصدمة يفيد أن الضحية لم تستمر في مرض الاكتئاب، وإساءة استخدام المواد، وفقدان العمل والديون.

وغالبًا ما يحتاج الضحايا إلى دعم طويل الأمد، بما في ذلك (واعتمادًا على شدة الجريمة) على المساعدة والتدريب المهني لبدء عمل جديد أو المساعدة في الانتقال إلى المنزل (خاصة فيما يتعلق بضحايا المطاردة أو العنف المنزلي). وجدير بالذكر أن هناك مجموعة من الجهات التي يمكنها بل ويجب عليها تقديم الدعم، بما في ذلك على وجه الخصوص، الجهات المنوطة في نظام العدالة الجنائية، وخدمات مساعدة الضحايا ولكن أيضًا المهنيين من نظام الصحة والتعليم ومن المنظمات الدينية.

 

الوصول إلى العدالة والمعاملة المنصفة

إعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة التابع للأمم المتحدة (1985)

الوصول إلى العدالة والمعاملة المنصفة (الفقرات 4-6)

"4. ينبغي معاملة الضحايا برأفة واحترام لكرامتهم. ويحق لهم الوصول إلى آليات العدالة والحصول على الإنصاف الفوري وفقا لما تنص عليه التشريعات الوطنية فيما يتعلق بالضرر الذي أصابهم.

5. ينبغي إنشاء وتعزيز الآليات القضائية والإدارية، حسب الاقتضاء، لتمكين الضحايا من الحصول على الإنصاف من خلال الإجراءات الرسمية أو غير الرسمية العاجلة والعادلة وغير المكلفة وسهلة المنال. وينبغي تعريف الضحايا بحقوقهم في التماس الإنصاف من خلال هذه الآليات.

6. ينبغي تسهيل استجابة الإجراءات القضائية والإدارية لاحتياجات الضحايا بإتباع ما يلي:

(أ) تعريف الضحايا بدورهم وبنطاق الإجراءات وتوقيتها وسيرها، وبالطريقة التي يبت بها في قضاياهم، ولا سيما حيث كان الأمر يتعلق بجرائم خطيرة وحيثما طلبوا هذه المعلومات،

(ب) إتاحة الفرصة لعرض وجهات نظر الضحايا وأوجه قلقهم وأخذها في الاعتبار في المراحل المناسبة من الإجراءات القضائية، حيثما تكون مصالحهم عرضة للتأثر وذلك دون إجحاف بالمتهمين وبما يتمشى ونظام القضاء الجنائي الوطني ذي الصلة،

(ج) توفير المساعدة المناسبة للضحايا في جميع مراحل الإجراءات القانونية،

(د) اتخاذ تدابير ترمى إلى الإقلال من إزعاج الضحايا إلى أدنى حد وحماية خصوصياتهم، عند الاقتضاء، وضمان سلامتهم فضلا عن سلامة أسرهم والشهود المتقدمين لصالحهم من التخويف والانتقام،

(هـ) تجنب التأخير الذي لا لزوم له في البت في القضايا وتنفيذ الأوامر أو الأحكام التي تقضى بمنح تعويضات للضحايا.

7- ينبغي استعمال الآليات غير الرسمية لحل النـزاعات، بما في ذلك الوساطة والتحكيم والوسائل العرفية لإقامة العدل أو استعمال الممارسات المحلية، حسب الاقتضاء، لتسهيل استرضاء الضحايا وإنصافهم."

وأما فيما يتعلق بالحقوق في سياق نظام العدالة الجنائية، فإن حق الضحية في الوصول إلى العدالة والمعاملة العادلة هو التزام أساسي من قبل الحكومات تجاه ضحايا الجريمة.

وينطوي الوصول إلى شكل إجرائي من العدالة ونزاهة الإجراءات على التطبيق العادل لإجراءات العدالة على الضحايا والجناة على حد سواء، بما في ذلك الأبعاد الرئيسية التالية:

  • اجعل صوتك مسموعًا: وهي فرصة لكي يُستمع إليك.
  • تحسين التوقيت: التأكد من أن الإجراءات تتكشف بطريقة فعالة تحترم حاجة الضحية للإغلاق.
  • الاحترام والكرامة: الحفاظ على الكرامة واحترام الذات في التفاعل مع ضباط إنفاذ القانون والمدعين العامين والقضاة والمحامين وموظفي المحكمة.
  • الحياد: عملية صنع قرارات غير منحازة.
  • الثقة: وهي عملية تلهم ثقة الضحية والجاني.
  • الفهم: تمكين الضحية والجاني من فهم القضية بشكل كامل، والإجراءات ونتائجها، بما في ذلك أي أوامر من طرف المحكمة.
  • المساعدة: الاعتقاد بأن الممارسين في نظام العدالة يغلبون المصلحة بين أمرين: الوضع الشخصي لاحتياجات الضحايا والمدعى عليهم.

وبناء على ذلك، تعد الصفة المهمة المتصلة في الحقوق الإجرائية للضحية هي الحق في الحصول على المعلومة. وهذا الحق مفاده أنه يجب إبلاغ الضحية في أقرب وقت، وطوال عملية العدالة الجنائية، بما في ذلك المسائل الإجرائية، عن ودور الضحية (إن وجد) في خضم هذه الإجراءات، وتقديم التقارير عن تقدم الإجراءات (وتوضيح أي تأخير في التقرير)، ونتائج الإجراءات الجنائية. ويجب تزويد الضحايا بمعلومات حول مكان الحصول على مزيد من المساعدة بما في ذلك الحماية والدعم والمساعدة القانونية والتعويض. ومن المهم أيضا التأكد من أن الضحايا يفهمون المعلومات المقدمة لهم، ويجب أن يتم تزويدهم بشخص للمساعدة في مناقشة أو توضيح المعلومات المقدمة معهم.

ويمكن تعزيز العدالة الإجرائية بتدابير محددة، منها على سبيل المثال:

  • تدريب أصحاب المصالح في نظام العدالة الجنائية على الممارسات المستنيرة للتعامل مع الصدمات والكفاءة الثقافية؛
  • إنشاء أماكن آمنة للضحايا سواء في مكتب الشرطة أو في مكتب المدعي العام أو في المحكمة؛
  • تسهيل تواجد محامو الضحايا الذين يساعدون الضحايا على شرح الإجراءات؛
  • توفير المواد المكتوبة بلغات متعددة، وخدمات الترجمة الفورية للضحايا ذوي الكفاءة اللغوية المحدودة؛
  • توفير الدعم العاطفي وآليات الإحالة التي تساعد الضحايا على الوصول إلى الخدمات، بما في ذلك الخدمات الطبية والنفسية.
 

التعويض الجابر للضرر

قد يواجه ضحايا الجريمة مجموعة متنوعة من الخسائر نتيجة الجريمة.

وينص إعلان الأمم المتحدة لعام 1985 في المادة 8 منه على أنه "ينبغي أن يدفع المجرمون أو الغير المسؤولون عن تصرفاتهم، حيثما كان ذلك مناسبا، تعويضا عادلا للضحايا أو لأسرهم أو لمعاليهم. وينبغي أن يشمل هذا التعويض إعادة الممتلكات ومبلغا لجبر ما وقع من ضرر أو خسارة، ودفع النفقات المتكبدة نتيجة للإيذاء، وتقديم الخدمات ورد الحقوق". وفي بعض البلدان، يمكن للضحايا أن يطلبوا من الجاني التعويض عن الضرر المتمثل في الخسارة خلال المحاكمة الجنائية، بينما في بلدان أخرى يُمنح هذا التعويض في مكان آخر بشكل منفصل عن المحاكمة كجزء من الإجراءات أمام المحاكم المدنية (ويمرز، 2017).

وتنص المادة 12 من إعلان الأمم المتحدة لعام 1985 على أنه "حيثما لا يكون من الممكن الحصول على تعويض كامل من المجرم أو من مصادر أخرى، ينبغي للدول أن تسعى إلى تقديم تعويض مالي إلى: (أ) الضحايا الذين أصيبوا بإصابات جسدية بالغة أو باعتلال الصحة البدنية أو العقلية نتيجة لجرائم خطيرة؛ (ب) أسر الأشخاص المتوفين أو الذين أصبحوا عاجزين بدنيا أو عقليا نتيجة للإيذاء، وبخاصة من كانوا يعتمدون في إعالتهم على هؤلاء الأشخاص".

ويتضح من نص المادة 12 من إعلان الأمم المتحدة لعام 1985 أنه يقع على عاتق الجاني، وليس الدولة، الالتزام الأساسي بتدارك أثر الجريمة على الضحية. ومع ذلك، هناك العديد من الظروف التي تجعل هذا الخيار غير ممكن، أو استحالة حدوثه في الممارسة العملية. وهذا يشمل جميع الحالات التي لم يتم فيها تحديد الجاني (مايرز، 2014)، أو عندما لا تتوفر لدى الجاني أو الأموال اللازمة. وعلاوة على ذلك، غالبًا ما تستغرق الدعاوى المدنية وقتًا طويلاً وتكلفة عالية والنتيجة كذلك غير مؤكدة.

ويشجع إعلان الأمم المتحدة لعام 1985 على إنشاء وتعزيز وتوسيع الصناديق الوطنية لتعويض الضحايا، وبالفعل، وضعت عدة دول خطط للتعويض (ويمرز، 2012) وتبعاً لأحكام الدول يمكن أن تتخذ الخطط أشكالاً مختلفة. فعلى سبيل المثال، يعد الإبلاغ عن الجريمة في بعض البلدان جزءًا من عملية العدالة الجنائية أمرًا ضروريًا إذا كان الضحايا يسعون إلى الاستفادة من مخطط تعويض الضحايا، بينما قد يستفيد الضحايا من التعويض في بلدان أخرى ممن يقررون عدم الإبلاغ عن الجريمة.

وقد قيل في هذا الصدد أن خطط التعويض الفعالة يمكن أن تكون فعالة من حيث التكلفة، بدلاً من العبء على الدولة (مايرز، 2014)، لأنها يمكن أن تقلل من التكاليف التي قد ترتبط بالعواقب طويلة الأجل للجريمة. ووجب الإشارة أنه في الحالات التي يترك فيها تأثير الجريمة دون علاج، كما هو الحال في حالات الصدمة الشديدة التي تهدد قدرة الفرد على مواصلة العمل، تكون أثارها مكلفة للغاية ليس فقط بالنسبة للفرد المتضرر ولكن للمجتمع ككل.

وقد اعتمد الاتحاد الأوروبي في عام 2004 و2012 توجيهين ملزمين قانونًا بشأن التعويض وحقوق الضحية، مع إعادة تأكيد وتنفيذ حقوق الضحايا في التعويض، بما في ذلك الحق في الحصول على قرار بشأن التعويض من قبل الجاني. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة. وعلى وجه الخصوص، هناك عدد قليل جدًا من ضحايا الحالات العابرة للحدود الذين يستغلون إمكانية تقديم الطلبات إلى صناديق التعويض الأجنبية من خلال المنظمات الشقيقة في بلدانهم الأصلية على المستوى الأوروبي. وعلاوة على ذلك، تطبق هذه الصناديق معايير الجدارة التي تختلف اختلافا كبيرا بين الأنظمة القضائية، وغالبا ما تحد من احتمالات مطالبة الضحايا بالتعويض. إلا أنه على الصعيد العالمي، فإن الوضع أسوأ من ذلك، حيث تظل خطط تعويض ضحايا الجريمة في العديد من البلدان بعيدة المنال. وقد قيل في هذا الصدد أن "تحسين هذا الوضع على مستوى العالم قد يبدو أحد التحديات الرئيسية لحركة حقوق الضحايا في القرن الحالي" (يتشيرت وقرونهوسين، 2011).

وبالإضافة إلى ذلك، تعرضت برامج تعويضات الدولة لانتقادات بسبب تنظيمها الشديد، وافتقارها إلى المرونة لتقديم التعويض في الوقت المناسب. في كثير من الأحيان، يحتاج الضحايا إلى مساعدة مالية بعد الجريمة فورًا: على سبيل المثال، في قضية سطو حيث اقتحم الجاني منزلًا لسرقة محتوياته، لا يواجه الضحايا خسارة مادية فحسب، بل يحتاجون أيضًا إلى وضع أقفال وأبواب جديدة وربما أيضًا نظام إنذار. وبناءً على ذلك، من المهم أن تضمن خطط تعويض الضحايا تزويد الضحايا بالأموال اللازمة بطريقة سريعة وغير بيروقراطية.

التالي: الموضوع الرابع: جمع بيانات الضحايا
العودة إلى الأعلى