هذه النميطة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين 

 

مسائل رئيس

 

 صُممت هذه النميطة لمساعدة المُحاضِرين على إلمام الطلبة بالأسس النظرية والتطبيقات العملية للقيادة الأخلاقية، مع الأخذ بعين الاعتبار التنوع الثقافي للمنظمات المعاصرة. وترتكز هذه النميطة على ثلاثة أسئلة رئيسية: 

  • ماهية القيادة الأخلاقية؟
  • لماذا تُعتبر القيادة الأخلاقية هامة؟
  • كيف يمكن تعزيز القيادة الأخلاقية؟ 

وتُمارَس تلك القيادة بصورة جماعية أحياناً، على سبيل المثال من خلال منظمة، ولكنتُرَكِّز هذه النميطة على القيادة الفردية. وتنطبق النميطة على كل من القيادة الرسمية وغير الرسمية.    

القيادة والأخلاق

 لقد عُرِّفت القيادة بطرق متنوعة (فليشمان وآخرون،1991). وتعتبر أحد التعريفات العامة للقيادة على أنَّها عملية يؤثر بواسطتها فرد على مجموعة من الأفراد لتحقيق هدف مشترك (نورثهاوس، 2016، ص. 16). وتُعتبر المكونات التالية أساساً لهذا التعريف: (أ) القيادة عملية، و(ب) القيادة تنطوي على تأثير، و(ج) تحدث القيادة في مجموعات، و(د) القيادة تتضمن أهداف مشتركة.

 وتحقيقاً للأغراض الحالية، تُشير النميطة إلى الأفراد الذين يمارسون النفوذ على أنهم "قادة"، وإلى أولئك الذين يتأثرون بهم على أنهم "متابعون". ولما كان التمييز بين القادة والمتابعين مفيداً لأغراض توضيحية، فإنه ينبغي الإحاطة بأنَّه يمكن للفرد أنَّ يكون قائداً في سياق ومتابعاً في سياق آخر وذلك في آن واحد. ويبغي الإحاطة أيضاً بأنَّه يمكن للقيادة أن تكون رسمية، على غرار رئيس الوزراء المُنتخب أو الرئيس التنفيذي لشركة. إلا أنَّه أيضاً ثمة حالات للقيادة غير الرسمية، حينما لا ينشأ النفوذ من سلطة رسمية تتجسد من خلال القواعد والإجراءات. وأخيراً، من المهم التنويه بأنَّه يمكن للقادة الارتباط بعالم الأعمال والسياسة والثقافة الشعبية وغيرهم من جوانب الحياة الأخرى.  

 وبالرجوع إلى مفهوم القيادة الأخلاقية، أوضح أيزنبيس(2012) أنَّ هذا المفهوم ينطوي على إعداد الأهداف الأخلاقية ومتابعتها والتأثير على آخرين بأسلوب أخلاقي. وعلى هذا المنوال، عرَّفا كل من دي هوغ ودين هارتوغ ( (2009القيادة الأخلاقية بأنَّها عملية التأثير على أنشطة مجموعة في نحو مسار تحقيق الأهداف بطريقة مسؤولة اجتماعياً، حيث ركَّزا كل منهما على الوسائل التي من خلالها يحاول القادة تحقيق الأهداف وكذلك على الغايات نفسها.

 وكما ورد في النميطة 1 "النزاهة والأخلاق" (المقدمة والإطار المفاهيمي)، تتكون دراسة الأخلاق عامة من دراسة الأسئلة عن الصواب والخطأ، الفضيلة، الواجب، العدالة، الإنصاف، المسؤولية تجاه آخرين. ومن المنظور الأخلاقي، وفقاُ لوجهة نظر سيولا (2014، ص 16) ، فإنَّ الغاية القصوى من دراسة القيادة تكمن في الإجابة على هذا السؤال: ماهية القيادة الجيدة؟ حيث أنَّ مصطلح "جيدة" له معنيين في هذا السياق: جيدة فنياً (أو فعَّالة) وجيدة أخلاقياً. ويُثبت التركيز على مفهوم "جيدة أخلاقياً" أنَّ الأخلاق تقع في قلب دراسات القيادة. 

أهمية القيادة الأخلاقية

تُعتبر القيادة الأخلاقية ذات أهمية لسببين رئيسيين: الأول: لدى القادة مسؤوليات أخلاقية نظراً لما لديهم من مكانة خاصة يتمتعون بها بفرصة كبرى للتأثير على آخرين وعلى النواتج بطرق ذات مغزى. ويود معظم الناس الموافقة على أنَّ كلٌ منَّا لديه مسؤولية التصرف على نحو أخلاقي إلا أنَّه من الجلي أنَّ القادة يتقيدون بمعايير أخلاقية أعلى من تلك التي يتقيدون بها المتابعون.   

وتؤثر قيم القادة على ثقافة منظمة أو مجتمع ما، وعلى ما إذا كان يتصرف على نحو أخلاقي أم لا. ويضع القادة النغمة ويطورون البصيرة وتُشكل قيمهم وسلوكياتهم السلوك الذي ينطوي عليهم في المنظمة أو المجتمع. وعليه، فإنَّ للقادة تأثيراً كبيراً على الأفراد والمجتمعات. وثمة أمثلة للقادة الرسميين وغير الرسميين حول العالم منها، نيلسون ماننديلا، مهاتما غاندي، مالالا يوسفزاي، بينغ ليوان (سيدة الصين الأولى)، الشيخة حسينة واجد (رئيسة وزراء بنغلاديش)، إيفون شوينارد (مؤسس شركة باتاغونيا)، مليندا غيتس، أنجيلينا جولي.ومع ذلك، ليس دائماً ما يكون تأثير القائد إيجابياً، كما هو متضح من قيادة هتلر لألمانيا النازية، حيث كان تأثير قيادته وخيمة لملايين من الأفراد والعالم بشكل عام.

 وعلى نطاق أضيق، فإنه يمكن حتى لقادة الفريق أنَّ يكون لديهم آثار عميقة على أعضاء فريقهم والمنظمة. فكل القادة، بصرف النظر عن عدد من يتبعونهم، يمارسون سلطة. فقد تحمل ممارسة سلطة ما على أفراد آخرين مسؤولية أخلاقية. ويُقصد بالسلطة أنها قدرة فرد واحد (أو إدارة) في منظمة ما على التأثير على أفراد آخرين لجلب النواتج المرغوب فيها. فكلما كانت السلطة أكبر كان للقائد مسؤولية أكبر. وبناء على ذلك، يتحمل القادة في كافة المستويات مسؤولية وضع النغمة الأخلاقية والتصرف كنماذج يقتدي بها الآخرون.  

 وتنقل الممارسة المؤقتة والأدب التركيز في منأى عن أساليب القيادة التقليدية، مثل القيادة الكاريزمية والتبادلية، وتركز بشكل متزايد على أساليب القيادة التي تُشدد على البعد الأخلاقي، مثل القيادة التحويلية أو القيادة الخدمية أو القيادة القائمة على القيم أو القيادة الحقيقية. وبعبارة أخرى، فإنَّ الفرد الذي يُعتبر اليوم "قائداً جيداً" هو الفرد الذي يقود بفاعلية نحو النتائج الأخلاقية وليس من هو ببساطة جيد في القيادة (على نحو ما يكون عليه العديد من الديماغوجيين ممن يؤمنون بمفاهيم متدنية). ولقد ورد أنَّ هذا التطور يُشدد على الروابط القوية فيما بين الأخلاق والقيادة الفعَّالة (نج وفيلدمان، 2015). 

ويمكن استخدام نموذجين لشرح العلاقة فيما بين القيادة الأخلاقية والقيادة الفعَّالة – نموذج "الثقة الشخصية" ونموذج "السلطة الاجتماعية". ويُعزى ما ذُكر آنفاً إلى شندلر وتوماس (1993) ممن أوضحا أنَّ الثقة الشخصية تعتمد على خمسة مكونات: النزاهة والكفاءة والاتساق والولاء والصراحة. وتُشير النزاهة إلى الأمانة والصدق؛ وترتبط الكفاءة بالمعرفة والمهارات الفنية والشخصية؛ ويُعرف الاتساق بأنَّه الموثوقية والقدرة على التنبؤ والحكم الجيد؛ ويُشير الولاء إلى الرغبة في حماية وحفظ ماء وجه شخص ما؛ والصراحة هي الرغبة في مشاركة الأفكار والمعلومات دون مقابل. ويعكس هذا النموذج فكرة أنَّ الأتباع هم الذين يثقون في القائد وهلة استعداد لاتباع تصرفات القائد نظراً لثقتهم في أنَّ حقوقهم ومصالحهم سوف لا يُعتدى عليها. 

وضع فرانش ورايفن (1959) نموذج "السلطة الاجتماعية" حيث حددا خمس قواعد عامة وهامة للسلطة، وهي: الشرعية والقسرية (الإجبارية) والمكافأة والخبرة والمرجعية. وتشير القوة الشرعية إلى حق الشخص في التأثير على شخص آخر مقترن بالتزام الأخير بقبول هذا التأثير؛ وتنبثق السلطة القسرية من امتلاك القدرة على معاقبة الآخرين؛ ويُقصد بسلطة المكافأة أن يكون لديك القدرة على تقديم هدايا إلى الآخرين؛ وتعتمد سلطة الخبرة على التصورات لكفاءة القائد؛ وتنبثق السلطة المرجعية من إدراك المتابعين للقائد وحبهم له، حيث تزيد هذه القواعد على حد سواء من قدرة قائد ما على التأثير على اتجاهات الآخرين أو قيمهم أو سلوكياتهم. 

وثمة ثلاثة طرق يمكن للمتابع من خلالها أن يتفاعل مع هذه النماذج من السلطة وفقاً لفرانش ورايفن(1959). أولاً، عندما يستخدم القادة بشكل ناجح السلطة الشرعية أو القسرية أو المكافأة (ويُشار إليهم معاً بسلطة المنصب)، عندئذ فإنَّهم سوف يُحدثون امتثالاً. ويُقصد بالامتثال أنَّ أولئك الأفراد الذين يتبعون توجيهات الشخص بالقوة، سواء ما إذا كانوا موافقين على تلك التوجيهات أم لا. أمَّا الطريقة الثانية التي ربما تكون بمثابة رد فعل المتبع على استخدام القوة، خصيصاً استخدام القوة القسرية التي تتجاوز المستوى الذي يعتبره الأفراد شرعياً، وهي مقاومة محاولة القائد في فرض النفوذ. ويُقصد بالمقاومة أنَّ الموظفين سوف يحاولون عمداً تجنب تنفيذ التعليمات أو سوف يحاولون عصيان الأوامر. أمَّا النوع الثالث من رد الفعل على السلطة هو التعهد، وهو الاستجابة التي غالباً ما تُولد من سلطة الخبرة أو السلطة المرجعية (ويُشار إليهما معاً بالسلطة الشخصية). ويُقصد بالتعهد أن يتبنى المتبعون وجهة نظر القائد وينفذون التعليمات بحماسة. ورغم أنَّ الامتثال وحده ربما يكون كافياً للأمور الروتينية، إلا أنَّ التعهد هاماً خصيصاً عندما يعزز القائد تغييراً (دافت، 2008، ص 365). وبشكل عام، يميل الأفراد إلى التماهي مع القائد الأخلاقي. إذ أنَّ القيادة الأخلاقية ليست المصدر الوحيد للسلطة المرجعية، بل هي إحدى القيادات الهامة، وخصيصاً في عالم يتسم بالتغيير المتزايد والعولمة والشفافية.  

الأبعاد الأخلاقية للقيادة

يتأثر تقييم القيادة من وجهة النظر الأخلاقية بالنظريات الأخلاقية ومبادئ القيادة الأخلاقية بالإضافة إلى الأسئلة العملية، حيث تقدم النظريات الأخلاقية منظومة من القواعد والمبادئ التي تُرشدنا في اتخاذ القرارات بشأن ما هو الصواب أو الخطأ والجيد أو السيء في موقف معين (نورثهاوس، 2016). وثمة نهوج نظرية متعددة لاتخاذ قرار أخلاقي، حيث نُوقشت ثلاث نظريات غربية رئيسية في النميطة 1: مذهب المنفعة (تعتمد الأخلاق على ما إذا كانَ التصرف يضاعف "المنفعة" أو السعادة الاجتماعية الشاملة)، وعلم الأخلاق (تعتمد الأخلاق على التوافق مع المبادئ أو الواجبات الأخلاقية بصرف النظر عن العواقب)، والأخلاق الفضيلة (تعتمد الأخلاق على اتصاف شخصية الفرد بمنتهى الأخلاق). وإذ نشأت التوجيهات العملية لممارسة القيادة الأخلاقية عن طريق مختلف العملاء. فعلى سبيل المثال، أبرز أيزنبيس (2012) أربعة مبادئ من القيادة الأخلاقية: الاتجاه الإنساني والاتجاه إلى العدالة والاتجاه إلى المسؤولية والاستدامة والاتجاه إلى الاعتدال. ويوجد نهج آخر خاص بالعالم، حيث اقترح نورثهاوس (2016) خمسة مبادئ للقيادة الأخلاقية، هي: الاحترام والخدمة والعدالة والأمانة والتواصل الاجتماعي. وتعد هذه المبادئ محور اهتمام التمرين 5 للنمطية. 

وفي حين أنَّ نظريات ومبادئ القيادة الأخلاقية وثيقة الصلة، إلا أنَّ الأسئلة العملية مهمة أيضاً للأزمات الأخلاقية، وبخاصة أنَّه ليس من المجدي دائماً أنَّ تُطبق تحليل نظري مُفَصَّل قبل اتخاذ القرار. وفي هذا الصدد، من المُجدي أنَّ تستخدم قائمة مرجعية للاسترشاد بها في صنع القرار. وهذا أحياناً ما يُشار إليه على أنَّه "اختبارات سريعة للأخلاق" أو نماذج اتخاذ القرارات الأخلاقية، وكلتاهما تجسدان في أشكال مختلفة، مثل قواعد سلوك الشركات الكبرى. وقدَّم هودجز وستاينهولتز (2018) المثال التالي لنموذج اتخاذ القرار الأخلاقي.

  

 يوجد مثال آخر وهو الاختبار السريع للأخلاق الذي قدَّمه مركز الأخلاق، بمنظمة أسترالية قائمة غير ربحية، حيث يقترح المركز أن نسأل الأسئلة الست التالية قبل اتخاذ أي قرار:   

 هل سأكون سعيداً بهذا القرار عندما يكون عنواناً لأخبار الغد؟

  1. هل توجد قاعدة عالمية تنطبق هنا؟
  2. هل ستجلب الدورة الدراسية المُقترحة نتيجة جيدة؟
  3. ماذا سيحدث إذا قام كل فرد بهذا؟
  4. ماذا سيفعل هذا السلوك المُقترح لشخصيتي أو لكيان منظمتي؟
  5. هل الدورة الدراسية المُقترحة للسلوك متناسقة مع قيمي ومبادئي؟ 

 وغالباً ما يواجه القادة الفعَّالون مآزق غير ممكنة حينما لا يوجد حل نموذجي. وفي هذا الموقف، يكون القادة بحاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة تنطوي على التضحية ببعض السلع من أجل ترويج آخرين. ومن الأمثلة القديمة هو قرار الخوض في الحرب مع العلم أنَّ العديد من الناس، فبما في ذلك المواطنون، سوف يلقون حتفهم. وأحياناً ما تُعرف هذه الأزمة بمشكلة الأيدي المتسخة.    

أن تصبح قائداً أخلاقياً

 تعد مسألة القيادة الأخلاقية مسألة قديمة. فعلى سبيل المثال، أوضح أرسطو أنَّ الشخص الأخلاقي الذي يحتل منصب القيادة يُجسد فضائل الشجاعة والاعتدال والكرم وضبط النفس والأمانة والتواصل الاجتماعي والتواضع والإنصاف والعدالة. وبالنسبة للعالم الصيني كونفوشيوس، تعتبر الحكمة والنزعة إلى الخير والشجاعة جوهر الفضائل. وبغية تطبيق الأخلاق على القيادة والإدارة، لقد اقترح فيلاسكيز (1992) أن يطور المديرون فضائل مثل المثابرة والغيرة على المصلحة العامة والنزاهة والصدق والإخلاص والنزعة إلى الخير والتواضع. حيث ترتبط القيادة الأخلاقية أيضاً بالمفهوم الأفريقي للحكيم. وبحث هنري أوديرا أوروكا (1944-1995)، من كينيا، عن التقاليد الحكيمة الصحراء الكبرى الأفريقية وقدَّم تفسيراً للحكمة التي تعتبر أفريقية بشكل واضح. وقدم المؤلف المعاصر لأفريقيا الجنوبية رويل خوزا تفسيرات للقيادة الأخلاقية من منظور أوبونتو والتي، من بين أمور أخرى، تُميز التفسير المجتمعي للفضيلة الناشئة في أفريقيا. وقدَّم الفيلسوف الفارابي (827-950) رؤى حول القيادة الأخلاقية من المنظور الإسلامي. وقد وُلد الفارابي في العصر الحديث في أسيا الوسطى وتجول في جميع أنحاء المدن الكبرى من العالم الإسلامي، مثل بغداد ودمشق. وكانت فلسفته واسعة النطاق، ولكن يمكن الكشف عن رؤيته حول القيادة في كتاباته عن الأخلاق والسياسة. وفي تلك الأعمال، بما في ذلك كتابة الشهير المدينة الفاضلة، أوضح الفاربي أنَّه ينبغي على القادة أيضاً أن يكونوا فلاسفة، حيث أنَّها فكرة استوحاها من الفيلسوف اليوناني القديم أفلاطون. بالنسبة للفارابي، هذا يُعني أنَّه لا يجب على القائد أن يكون فرداً ذا تصرف وسلطة فحسب، بل كذلك شخص يعكس ما هو الأفضل للمجتمع الذي يحكمه. وعلى عكس أفلاطون، أوضح الفارابي أنَّ المدينة الفضلى لم تكن مدينة أحادية الثقافة، بل تلك التي تعتنق التنوع، حيث اكتشف القادة الأكثر حكمة طرقاً من خلالها يمكن للأشخاص من ذوي مختلف الأعراق والمعتقدات أن يعيشوا مع بعضهم البعض. ولقد شدَّد مفكرون آخرون على مجموعات أخرى للفضيلة، غير أنَّ الاختلافات لم تكن كبيرة مثلما يمكن أنَّ يعتقد الفرد. وفي الواقع، ربما يكون لدى الأشخاص من ذوي الثقافات المتنوعة أراء مشابهة إلى حد ما حول الفضائل الأساسية.  

 وفيما يتعلق بتطوير الفضائل، وفقاً للطريقة الأرسطية، عندما تُمارس الفضائل مع مرور الوقت، من مرحلة الشباب إلى مرحلة البلوغ، تُصبح القيم الحميدة عادة وجزءً من الأشخاص أنفسهم. فعند قول الحقيقة، يصبح الأشخاص صادقين؛ وعن طريق التصدق على الفقراء، يصبح الأشخاص خيِّرين؛ وبكونك منصفاً للآخرين، يصبح الأشخاص عادلين. وتبدأ الطريقة الكونفوشيوسية لتهذيب النفس البشرية من الحصول على المعرفة العميقة بالكيفية التي يسير بها العالم وتنتقل خلال اتخاذ إجراءات وغايات معينة بجانب الهدف الأكثر طموحاً للشخص، بغية شرح الفضيلة عبر العالم. وهذا ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفكرة "المعرفة" و"الفعل" و"الوجود" وهي ثلاثة مكونات مترابطة فيما بينها للشخص الخلق. وفي كتاب العِلم الأكبر (The Great Learning)، الذي كُتب في حوالي عام 500 سنة قبل الميلاد، وهو الكتاب الأول من ضمن الأربعة كتب التي اختارها تشو شي خلال السلالة الحاكمة لسونغ كمدخل تأسيسي إلى الكونفوشيوسية، وصف كونفوشيوس العملية على النحو التالي:

 قاموا القدماء، الذين رغبوا في شرح الفضيلة المرموقة خلال المملكة، أولا بتنظيم الدول الخاصة بهم تنظيماً جيداً. وانطلاقا من رغبتهم في تنظيم دولهم تنظيماً جيداً، نظموا أولاً عائلتهم. وانطلاقا من رغبتهم في تنظيم عائلاتهم، هذَّبوا أولاً الأشخاص التابعة لهم. وانطلاقا من رغبتهم في تهذيب الأشخاص المتابعة لهم، صححوا قلوبهم أولاً، وانطلاقا من رغبتهم في تصحيح قلوبهم، سعوا إلى أن يكونوا صائبين في أفكارهم. وانطلاقا من رغبتهم في أن يكونوا صائبين في أفكارهم، مالوا أولاً إلى التقصي عن أقصى ما لديهم من معرفة، ويكمن هذا الميل إلى المعرفة في التقصي عن الأشياء

أوضح كل من إيفينو، هارتمان وبراون (2000) أنَّ القيادة الأخلاقية تتكون من جانبين: "الشخص الخلوق" و"المدير الخلوق". ويجب على الشخص أولاً أن يكون شخصاً خلوقاً لكي يصبح مديراً خلوقاً. ويُشير الجانب الإداري إلى الجهود الهادفة للقائد للتأثير في الآخرين وإرشاد الأتباع بالسلوك الأخلاقي – مثل نشر المعايير الأخلاقية وتأديب الموظفين ممن يتصرفون على نحو غير خلوق. وتعتمد القيادة الأخلاقية على قدرة القائد على تركيز اهتمام المنظمة على الأخلاق والقيم وغرس المنظمة بالمبادئ التي سترشد أفعال كافة الموظفين. ويحدد أيضاً تريفينيو وآخرون ثلاثة تدابير التي عادة ما يتخذها المديرون الخلوقون الفعَّالون. أولاً، أن يتصرفوا كنموذج يُقتدى به في السلوك الأخلاقي بطريقة مرئية للموظفين. وثانَياً، أنَ يتحدثوا بانتظام وبالإقناع مع الموظفين حول المعايير والمبادئ والقيم الأخلاقية. وثالثاً، أن يستخدموا نظام المكافأة باستمرار عند خضوع كافة الموظفين للمساءلة عن المعايير الأخلاقية.

 ولا ينبغي تجاهل السياق الذي يتصرف فيه القادة، حيث إنَّه يمكن حتى للشخص الخلوق من ذوي الغايات الأخلاقية أنَّ يتصرف بلا أخلاق نتيجة لأبعاد سلوكية و/أو ضغوط نظامية. وتُستكشف هذه الأمور بدرجة بالغة في النمائط 6 و7 و8. وبالإضافة إلى ذلك، قد تختلف القيادة الأخلاقية في مختلف الثقافات، منها، فيما يتعلق بالأسلوب والقيم بجانب السلوكيات التي يؤثر من خلالها القائد على الأتباع. 

المراجع

  • Ciulla, Joanne B. (2014). Ethics, the Heart of Leadership. 3rd ed. Santa Barbara, California: Praeger
  • Daft, Richard L. (2008). The Leadership Experience. 4th ed. Stamford, CT: Cengage.
  • de Hoogh, Annebel H.D., and Deanne N. den Hartog (2009). Ethical leadership: the positive and responsible use of power. In Power and Interdependence in Organizations, Dean Tjosvold and Barbara Wisse, eds. Cambridge: Cambridge University Press.
  •  Eisenbeiss, Silke Astrid (2012). Re-thinking ethical leadership: an interdisciplinary integrative approach. The Leadership Quarterly, vol. 23, No. 5, pp. 791–808.
  •  Fleishman, Edwin A. and others (1991). Taxonomic efforts in the description of leader behavior: a synthesis and functional interpretation. The Leadership Quarterly, vol. 2, No. 4, pp. 245–287.
  •  French, John R. P., Jr. and Bertram Raven (1959). The bases of social power. In Studies in social power, ed. Dorwin Cartwright. Ann Arbor, MI: Institute for Social Research.
  •  Hodges, Christopher and Ruth Steinholtz (2018). Ethical Business Practice and Regulation: A Behavioural and Values-Based Approach to Compliance and Enforcement. Oxford: Hart Publishing.
  •  Ng, Thomas W. H., and Daniel C. Feldman (2015). Ethical leadership: meta-analytic evidence of criterion-related and incremental validity. Journal of Applied Psychology, vol. 100, No. 3, pp. 948-965.
  • Northouse, Peter G. (2016). Leadership: Theory and practice. 7th ed. Los Angeles: SAGE.
  •  Schindler, Paul L., and Cher C. Thomas (1993). The structure of interpersonal trust in the workplace. Psychological Reports, vol. 73, No. 2, pp. 563-573.
  •  Treviño, Linda Klebe, Laura Pincus Hartman and Michael E. Brown (2000). Moral person and moral manager: how executives develop a reputation for ethical leadership. California Management Review, vol. 42, No. 4, pp. 128–142.
  •  Velasquez, Manuel G. (1992). Business Ethics: Concepts and Cases. 3rd ed. Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall

 

   التالي
   الرجوع إلى البداية