تشكِّل هذه النميطة مرجعاً للمحاضرين.  

 

التعريف الوارد في اتفاقية الجريمة المنظمة

 

أدى إدراك أن ما من بلد واحد، أيا كان مدى قوته، يستطيع منفردا مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود إلى إبرام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي دخلت حيز النفاذ في عام ٢٠٠٣. وأدت المفاوضات التي أفضت إلى إبرام هذه الاتفاقية بالدول الأعضاء إلى النظر في وضع تعريف للجريمة المنظمة تمهيدا للتحرك الدولي.

ولا تتضمن الاتفاقية تعريفا للجريمة المنظمة عبر الوطنية أو الجريمة المنظمة. وهناك العديد من أركان الجريمة المنظمة، وهو ما قد لا يكون هو الحال كل مرة، وقد يتغير كذلك مع مرور الوقت، مما يجعل من الصعب التوصل إلى تعريف محدد بتوافق الآراء. لكن يرد في الاتفاقية تعريف "الجماعة الإجرامية المنظمة." وقد كان من المهم وضع تعريف دقيق، لأن الاتفاقية تهدف إلى توجيه السياسات والقوانين والممارسات في مجال منع الجريمة المنظمة ومكافحتها.

وقد عرفت الاتفاقية (المادة ٢ (أ))، "الجماعة الإجرامية المنظمة" باستخدام المعايير الأربعة التالية:

١- جماعة ذات هيكل تنظيمي، مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر؛

٢- موجودة لفترة من الزمن؛

٣- تعمل بصورة متضافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة؛

٤- تحصل، بشكل مباشر أو غير مباشر، على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى.

وتُعرَّف الجماعة ذات الهيكل التنظيمي تعريفا عكسيا بأنها: لا يلزم أن تكون ذات هيكل تنظيمي أو عضوية مستمرة. وهذا يوسِّع من نطاق التعريف، إذ يشمل الجماعات المنتسبة انتسابا فضفاضا دون أن تكون لأعضائها أدوار محددة رسميا أو يكون لها هيكل متطور.

ولأغراض هذه الاتفاقية، يُقصَد بتعبير "جريمة خطيرة" سلوك يمثل جُرما يُعاقَب عليه بالحرمان التام من الحرية لمدة لا تقل عن أربع سنوات أو بعقوبة أشد (المادة ٢ (ب)). وقد اختِيرت السنوات الأربع بتوافق دولي وقت التفاوض بما يعكس خطورة تلك الجريمة، مع الاعتراف بأن القوانين الجنائية تختلف اختلافا كبيرا حول العالم في تحديد مدد الحرمان من الحرية باختلاف الجرائم. ولا يشترط أن تضع البلدان تعريفا للجريمة الخطيرة أو أن تتبع التعريف الوارد في الاتفاقية. وقد ورد تعريف الجريمة الخطيرة من أجل تحديد نطاق تطبيق الاتفاقية والاحتجاج بالأحكام المتعلقة بالتعاون الدولي المنصوص عليها فيها.

غرض الجماعات الإجرامية المنظمة

تذكر الملحوظات التفسيرية للاتفاقية أن عبارة "من أجل الحصول، بشكل مباشر أو غير مباشر، على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى" ينبغي أن تُفهَم بمعناها الواسع. وهي تشمل، على سبيل المثال، الجرائم التي قد يكون الدافع الغالب فيها هو المتعة الجنسية، كتلقِّي أو مبادلة مواد خلاعية من جانب أفراد عصابات استغلال الأطفال في المواد الإباحية، أو الاتجار بالأطفال من جانب أعضاء عصابات الاستغلال الجنسي للأطفال، أو اقتسام التكاليف بين أعضاء العصابات.

المصدر: الأعمال التحضيرية عن المفاوضات بشأن وضع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظَّمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها.

والانضمام إلى اتفاقية الجريمة المنظمة يكاد يكون عالميا، وهو ما يجعلها ممثلة للأغلبية الساحقة من دول العالم. وللاطلاع على قائمة محدَّثة تضم البلدان التي صدقت على الاتفاقية، يرجى زيارة قسمي الاستراتيجيات (Strategies) والمعاهدات (Treaties) في بوابة الموارد الإلكترونية والقوانين المتعلقة بالجريمة التابعة لمكتب المخدِّرات والجريمة (بوابة "شيرلوك"). وتضم البوابة أيضا تشريعات وسوابق قضائية وغيرها من المعلومات ذات الصلة المتعلقة بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

وتوضح التعاريف أن حجم الجماعة الإجرامية المنظمة يمكن أن يكون صغيرا جدا (رغم أن بعض الجماعات الإجرامية المنظمة يمكن أن يكون كبيرا)، ولا يُشترَط أن تكون موجودة منذ فترة طويلة من الزمن (رغم أن بعضها كذلك). وتشكل خطورة الجرائم التي ترتكبها تلك الجماعات وطبيعتها الربحية ركنين مهمين في تعريفها.

ولا تتناول الاتفاقية سوى الجرائم عبر الوطنية، التي يُخطَّط لها أو تُنفَّذ أو تكون لها آثار عابرة للحدود الوطنية. وهذا التعريف الواسع للطابع عبر الوطني يسلِّم بالطابع المعقد للمسألة، ويمهِّد السبيل للتعاون الدولي على نطاق واسع.

ركن الطابع عبر الوطني

يكون الجرم ذا طابع عبر وطني إذا:

  1.  ارتُكب في أكثر من دولة واحدة؛
  2.  ارتُكب في دولة واحدة ولكن جرى جانب كبير من الإعداد أو التخطيط له أو توجيهه أو الإشراف عليه في دولة أخرى؛
  3.  ارتُكب في دولة واحدة، ولكن ضلعت في ارتكابه جماعة إجرامية منظمة تمارس أنشطة إجرامية في أكثر من دولة واحدة؛
  4.  ارتُكب في دولة واحدة، ولكن له آثارا شديدة في دولة أخرى..
المصدر: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، المادة 3-2.

ومن المهم الإشارة إلى أن الاتفاقية، وإن كانت لا تشمل سوى الجرائم عبر الوطنية، فإنها تنص في المادة ٣٤ (٢) كذلك على أن ركن الطابع عبر الوطني أو ضلوع جماعة إجرامية منظمة لا ينبغي أن يُعتبرا ركنين من أركان تلك الجرائم في التشريعات الداخلية لأغراض التجريم. والغرض من هذا الحكم هو تفادي الثغرات في التشريعات الداخلية. وتقتضي الاتفاقية تجريم أربع جرائم محددة: تستخدم العديد من الجماعات الإجرامية المنظمة غسلَ الأموال والفساد وعرقلة سير العدالة من أجل حماية عملياتها من إنفاذ القانون. وبناء على ذلك، يجب تجريم طريقة ارتكاب الجريمة في جميع الولايات القضائية. وتقتضي الاتفاقية أيضا تجريم المشاركة في جماعة إجرامية منظمة، وهو ما ترد مناقشته في النميطة ٢.

وتتعلق بروتوكولات الاتفاقية الثلاثة بأنواع معينة من الجريمة عبر الوطنية: الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين والاتجار بالأسلحة النارية. وستخضع هذه الأنواع للمناقشة في أدلة أخرى بوصفها أمثلة على الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي كثيرا ما تنطوي على العديد من بلدان المنشأ والعبور والمقصد، وتقتضي بشدة أن تتخذ تلك البلدان إجراءات متضافرة للتصدي لهذه الجرائم أو منعها على نحو فعال.

 

الرجوع إلى البداية