هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين  

 

التحديات التي تواجه وجود تدابير العدالة الجنائية الفعالة

 

ربما تُعزى المستويات المتدنية الحالية للملاحقات القضائية والإدانات للمتجرين بالبشر إلى عوامل عديدة. وفي الواقع هناك العديد من التحديات التي تواجه وجود تدابير العدالة الجنائية المناهضة للاتجار بالأشخاص الفعالة، والتي قد تؤثر جميعها على عدد الملاحقات القضائية للجريمة ونجاحها. وتناقش الفقرات التالية العديد من الأمثلة على هذه التحديات.

 

تفتقر أجهزة إنفاذ القانون في العديد من البلدان إلى الموارد والتدريب

تفتقر أجهزة إنفاذ القانون في العديد من البلدان إلى ما يلزم من تدريب وخبرة وموارد للتحقيق في الجرائم المنظمة المعقدة العابرة للحدود الوطنية، فالقوانين التي تجرم الاتجار في العديد من هذه البلدان جديدة نسبياً ويفتقر المحققون ببساطة إلى الخبرة العلمية والعملية للتحقيق الفعال في هذه الفئة من الجرائم. في الواقع، كما يلاحظ غالاغير وهولمز (2008، الصفحة 320)، لا يزال الاتجار في العديد من البلدان جريمة جديدة تنطوي على "قوانين جديدة وغير مجربة" (انظر أيضاً فاريل وأوينز ومكديفيت، 2014).

كما قد تفتقر بعض البلدان أيضاً إلى القدرة المالية على توفير التدريب والتمويل الكافي للتكنولوجيا وتكاليف التشغيل الباهظة للتحقيق في الجرائم عبر الحدود. وقد يؤدي عدم القدرة على توفير الحماية والمساعدة والدعم المناسبين للضحايا إلى إعاقة التحقيقات والملاحقات القضائية، حيث يكون الضحايا أقل رغبة في أو قدرة على تقديم المعلومات والشهادات للشرطة والمدعين العامين عندما لا تتم تلبية احتياجاتهم المتعلقة بالحماية والتعافي.

 

الطبيعة العابرة للحدود الوطنية للعديد من قضايا الاتجار

تطرح الطبيعة العابرة للحدود الوطنية للعديد من قضايا الاتجار تحديات خاصة لإنفاذ القانون، الذي يجب عليه جمع الأدلة من ولايات قضائية أجنبية، والتي قد يكون بعضها غير راغب أو غير قادر على التعاون. وتم الاعتراف بهذا التحدي في القضية المرفوعة في الولايات المتحدة كروز ضد توليفر، (و. د.كي.، 30 آذار/مارس 2007). وأفادت المحكمة "دعاوى السخرة والاتجار (...) تتطلب المزيد من الوقت والجهد والبحث لمعالجتها (...) لم يكن على محامي المدعي إجراء تحريات هنا في الولايات المتحدة فحسب، بل كان عليه أيضاً السفر إلى الخارج لإجراء تحريات من أجل تقديم الدعوى بموجب هذه القوانين.".

وتشمل التحديات ما يلي :

  • صعوبات لوجستية في التحقيق في النشاط الإجرامي عبر الحدود.
  • قلة التعاون والموارد والتدريب والمهارات والقوانين الملائمة.
  • أوجه القصور والتضارب بين قوانين مختلف البلدان التي تعمل فيها مجموعة معينة من المتجرين، مما يخلق صعوبات في التحقيق مع الجناة والقبض عليهم وتسليمهم وملاحقتهم قضائياً.
  • قدرة المتجرين على التهرب من الاعتقال بالفرار من الولاية القضائية التي تشرع في محاسبتهم.
  • تمكن المتاجرين بسهولة من غسل عائدات أنشطتهم الإجرامية في البلدان التي لديها أنظمة متخلفة لتتبع المعاملات المالية.
  • الصعوبات اللوجستية في توفير الحماية للضحايا والشهود وأسرهم الذين يعيشون خارج نطاق الولاية القضائية التي تجري الملاحقة.
 

قيود التعاون الدولي

ومن النقاط ذات الصلة أن ملاحقة قضايا الاتجار العابرة للحدود الوطنية تتطلب في كثير من الأحيان تعاوناً دولياً بين أجهزة إنفاذ القانون في بلدان المنشأ وبلدان العبور وبلدان المقصد، وهذه العملية صعبة ويُحتمل أن تكون مكلفة وتستغرق وقتاً كبيراً وتتطلب موارد كثيفة. وفي القضية المرفوعة من الولايات المتحدة ضد ماكسيمنكو (إ.د.ميتش، 25 حزيران/يونيو 2005)، اتُهِم المدَّعى عليهم الأوكرانيون بالحصول على عمل وخدمات من نساء أوكرانيات في الولايات المتحدة من خلال استخدام التهديدات والقيود البدنية بما يخالف الباب 18 من مدونة قوانين الولايات المتحدة، المادة 1589. وقررت المحكمة السماح باقتراح الحكومة بتأجيل الإجراءات الجنائية لمدة خمسة أشهر لتمكين المدعون العامون من الحصول على أدلة من أوكرانيا. وجدت المحكمة أن فترة الخمسة أشهر لم تكن زائدة ولم تنتهك الحقوق الدستورية للمدَّعى عليهم في محاكمة سريعة. وقدمت الحكومة طلباً إلى حكومة أوكرانيا بموجب المعاهدة الثنائية بينهما بشأن المساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية، لكن الأمر استغرق وقتاً طويلاً لكي تستجيب الأخيرة للطلب (مطر، 2011).

 

إحجام الضحايا عن الإدلاء بشهاداتهم

يحجم العديد من الضحايا عن المشاركة في المحاكمات الجنائية (انظر ديفي، 2017). وهناك العديد من العوامل التي تعزز ذلك الإحجام، منها، على سبيل المثال، الخوف من انتقام المتجرين ومساعديهم، والوضع غير القانوني والخوف من الترحيل، وعدم الثقة في السلطات، والخزي، والتصور بأن أعمال المتجرين بهم ليست إجرامية أو خاطئة. وقد يرغب آخرون ببساطة في العودة إلى أوطانهم واستئناف حياتهم بدلاً من احتمال البقاء لفترات طويلة في بلد تعرضوا فيه للاستغلال والانتهاك. كما يلاحظ ديفي (2017، الصفحة 123)، "ليس هناك شك كبير في أن تجربة تقديم الأدلة بصفة شاهد يمكن أن تكون حدثاً صادماً، وقد تؤدي إلى "إيقاع ثانوي بالضحايا".

ومن المُسلَّم به على نطاق واسع أن توفير الحماية والمساعدة لضحايا الاتجار يدعم أهداف العدالة الجنائية، حيث يزداد احتمال قيام الضحايا بمساعدة السلطات عندما يشعرون بالأمان وعند تلبية احتياجاتهم. ومن ثم فإن تدابير العدالة الجنائية المناهضة للاتجار بالأشخاص الفعالة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنهج قائم على حقوق الإنسان تجاه الجريمة – فهي تعزز بعضها البعض (مكشيري وكولين، 2007). وتناقش الوحدة التعليمية 8 النهج القائم على حقوق الإنسان تجاه الاتجار على نطاق واسع، في حين يتم استعراض حقوق الإنسان في السياق المحدد لعملية العدالة الجنائية في القسم الخاص بحقوق الضحايا في العدالة والحماية في هذه النمطية.

ومن المسائل المثيرة للجدل داخل مجتمع مكافحة الاتجار بالبشر هي ما إذا كان يجب إلزام الضحايا على الشهادة في المحكمة ضد المتجرين بهم. هناك رأي، تدعمه المبادئ الدولية، بأن هذا يجب أن يقرره الضحية وحده. وهناك رأي معاكس بأن هذا يجب أن يكون قراراً من الدولة لأنه بدون شهادة الضحية لا يمكن ملاحقة المتجرين. وفي الحالة الأخيرة، يجب إلزام الضحايا على الإدلاء بشهاداتهم لضمان تقديم المتجرين إلى العدالة ومن ثم منعهم من الاتجار بأشخاص آخرين. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرأي يتعارض مع التوجيهات الدولية ويتعارض مع النهج الذي يركز على الضحايا تجاه الاتجار. كما أشارت أيضًا عملية بالي (عملية بالي، 2015) :

"يجب عدم إلزام الضحايا بالمشاركة في إجراءات العدالة الجنائية، بل يجب أن يُسمح لهم باختيار ما إذا كانوا يرغبون في ذلك أم لا. وفيما يتعلق بالضحايا الراغبين في والقادرين على المساهمة في التحقيق مع المتجرين وملاحقتهم، تنطبق عليهم اعتبارات حماية خاصة."

 

شهادة الضحية

يشير منشور مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2017بعنوان نبذة عن السوابق القضائية بشأن مسائل الإثبات في حالات الاتجار بالأشخاص إلى الآتي: "ترتبط العديد من التحديات بشهادات الضحايا في قضايا الاتجار. ولا تبدو بعض شهادات الضحايا صريحة ومباشرة وثابتة، بل تبدو غير متسقة أو غير منطقية أو غير مقنعة أو غير صادقة بشكل واضح. وفي بعض القضايا، لا توجد أدلة أخرى موثوقة لتأييد الشهادة. وبالإضافة إلى ذلك، لن يُقدم الضحايا دائماً على الإبلاغ عن الجريمة، وقد لا تكون هناك شهادات من الضحايا أو قد تكون هناك شهادات محدودة" (الصفحة 12). وعندما تعاني شهادات الضحايا من هذه المسائل، فقد يكون من الصعب تحقيق محاكمة ناجحة للمتجرين. ويناقش ديفيد (2008) بعضٍ من هذه المسائل.

تشمل نقاط الضعف النموذجية في الشهادة ما يلي :

  • عدم تناسق الإفادات.
  • عدم توفر الوقت المناسب لتقديم شكوى. وغالباً ما تأخذ المحاكم في اعتبارها، سواء كانت مصيبة في ذلك أو مخطئة، التوقيت عند تقييم مصداقية الضحية، على افتراض أن الشخص الذي تعرض للظلم سيشتكي في أول فرصة تُتاح له، سواء للشرطة أو الأطراف المناسبة الأخرى.
  • الكشف عن قصص الإتجار جزءاً فجزء على مدى فترة من الزمن. وقد يؤدي هذا إلى خلق انطباع بأن هؤلاء الضحايا يختلقون أو يزينون شهاداتهم، لأنهم لم يخبروا قصتهم بالكامل في أول فرصة.
  • يروي بعض الضحايا قصص الاتجار المؤلمة وهم يؤدون إيماءات تبدو مفاجئة أو ردود فعل عاطفية مثل الضحك. وقد يبدي نفس الضحية في أحد القضايا ردود فعل عاطفية مختلفة أثناء التحقيق أو المحاكمة. وقد تؤدي هذه السلوكيات إلى افتراض أن الضحية ليس شاهداً جديراً بالثقة.
  • تفتقر العديد من شهادات الضحايا إلى أدلة مؤيدة، في حين يكون المدَّعى عليهم ومساعدوهم على استعداد لتأييد بعضهم البعض. ومن الأمثلة الصعبة بشكل خاص الاتجار بالنساء الشابات المستضعفات غير المتعلمات في الاستعباد المنزلي. وتُرتكب الجريمة في أُسر خاصة، يؤكد أفرادها إنكارهم المتبادل. وينتج عن هذا منازعة على المصداقية بين ضحية واحدة مستضعفة والعديد من أفراد الأسرة الذين غالباً ما يكونون مفوهين ومتعلمين جيداً ولديهم موارد كافية.

هذا لا يعني أن التناقضات أو نقاط الضعف في شهادة الضحايا ستضعف دائماً مصداقية أدلتهم. فقد يكون لها تأثير إيجابي في بعض الحالات، على سبيل المثال عندما تكون الإفادات السابقة، على الرغم من أنها غير متسقة مع الإفادات اللاحقة، هي ناتجة بوضوح عن التخويف وتشير إلى سيطرة الجاني على الضحية. في القضية المرفوعة في المملكة المتحدة بين ر ضد كونورز (2013)، المبينة في نبذة عن السوابق القضائية بشأن مسائل الإثبات في حالات الاتجار بالأشخاص (2017، الصفحة 15) :

"أجبرت عائلة كونورز عمالها على العمل مقابل أجر ضئيل وعاملتهم معاملة مهينة. وكان معظم العمال في وضعية استضعاف – عاطلين عن العمل أو مشردين أو مدمنين على شرب الكحول. ووصف أحد الضحايا المدَّعى عليهم بأنهم آباء وأمهات بدلاء وذكر أنه لا يريد أن يتركهم. وفي مقابلات لاحقة ناقض هذه الإفادات السابقة، ووصف سلوك المدَّعى عليهم بأنه عنيف للغاية وذكر أنه يريد تركهم لكنه يخشى التعرض للأذى إذا فعل ذلك. وفي إدانة المدَّعى عليهم الخمسة بتهمة التآمر لجعل شخص يؤدي عمل سخرة أو جبري، وجدت المحكمة أن الإفادة الأولى للضحية كانت ناتجة عن تخويف من جانب المدَّعى عليهم."

ويوضح الملخص العديد من القضايا الأخرى المماثلة (انظر الصفحات 13-16).

وبالنظر إلى الصدمة التي يعاني منها الضحايا عادةً من حالات الاتجار، إلى جانب خوفهم من الانتقام وقلة خبرتهم في إجراءات المحاكم والاستجوابات الدقيقة التي يجب عليهم مواجهته غالباً من محامي الدفاع أو القضاة، فمن المفهوم أن أدلتهم قد تعاني من أوجه قصور (دايفي، 2017). ومع ذلك فإن الاعتماد على شهادة الضحايا فحسب، دون أدلة إضافية مؤيدة، سيجعل من الصعب على المدعي العام إثبات قضيتهم بما لا يدع مجالاً للشك (معيار الإثبات في المحاكمات الجنائية).

كما تسلط تحديات الإثبات هذه الضوء على حاجة الشرطة والمدعين العامين لتلقي تدريب خاص على إجراء المقابلات والتواصل مع الضحايا. كما أن النهج الحذر والاستباقي يحتم على المحققين أن يبحثوا عن أدلة مستقلة لتأكيد شهادة الضحية. وتمشياً مع هذا الرأي، تنص المبادئ والمبادئ التوجيهية الموصى بها فيما يتعلق بحقوق الإنسان والاتّجار بالأشخاص، الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، 2002) على أنه ينبغي على الدول والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية أن تنظر فيما يلي :

" تزويد السلطات القائمة بإنفاذ القانون بالصلاحيات والتقنيات الملائمة للتحقيق تمكينا لقيامها بالتحقيق مع المتجرين المشتبه فيهم ومقاضاتهم بصورة فعالة. وينبغـي علـى الـدول أن تشـــجع وأن تدعــم وضــع إجــراءات تحقيقية استباقية لتجنب الإفراط في الاعتماد على شهادة الضحايا." (المبدأ التوجيهي 5).

وبالمثل، على سبيل المثال، تنص خطة عمل الحكومة النرويجية لمكافحة الاتجار بالبشر (2006-2009) على ما يلي :

"ستنظر الحكومة في إمكانية الاستعانة بشهود دون ذكر هويتهم في قضايا الاتجار بالبشر. وستنظر الحكومة أيضاً في إمكانية استخدام أشكال خاصة من الاستجواب لتجنب الإجهاد وتكرار الاستجواب للأطراف المتضررة بشكل خاص في قضايا الاتجار بالبشر. وقد يستلزم ذلك الاستجواب عن طريق وصلة فيديو [...] طرق لطيفة أكثر لإجراء الاستجوابات خلال الإجراءات الرئيسية (الاستجواب القضائي خارج المحكمة) و/أو التسجيلات الصوتية للإفادات التي يتم الإدلاء بها في البداية."

كما توضح دراسات الحالة التالية التحديات المرتبطة بالاعتماد على شهادة الضحية وحدها، إلى جانب فوائد استدعاء الأدلة المؤيدة.

الإطار 2

دراسة حالة من الأرجنتين

تتعلق قضية مارينيو هيكتور أوسكار بفتاة من باراغواي تبلغ من العمر 18 عاماً تعرضت للاستغلال الجنسي في دار بغاء في ملهى ليلي. وصلت الضحية إلى الأرجنتين وهي تعلم أنها ستعمل في الدعارة. ولم يتم استخدام أي خداع أو قوة في تجنيدها لهذا الغرض. ومع ذلك كانت الظروف في دار البغاء مختلفة عمّا قيل لها. فبمجرد وصولها، مارس المدَّعى عليه العنف البدني والنفسي ضدها. كما كانت شهادة الضحية غامضة، فقد ذكرت في شهادتها الخطية أنها تعلم أنها ستعمل في الدعارة، إلى جانب قصتها عن الضرب والتهديد اللذين تعرضت لهما من جانب المدَّعى عليه، وأعربت عن مشاعر إيجابية تجاهه، مشيرةً إلى أنه كان يعاملها بلطف في بعض الأحيان وأنه يعتني بها. واستخدمت المحكمة أدلة أخرى، إلى جانب هذه الشهادة، لتشكيل صورة كاملة للقضية. ومن هذه الأدلة تقرير طبي من الطب الشرعي أكد أن الضحية تعرضت للضرب وتقرير نفسي أثبت أن لديها قدرة فكرية منخفضة نسبياً ونقص في المهارات الاجتماعية ومستوى تعليمي ضعيف للغاية. كما كان لديها ماض صعب بما في ذلك سوء المعاملة من جانب والديها. وتضمن هذا التقرير، الصادر عن فريق الإنقاذ الوطني، تفسيراً لمشاعرها الإيجابية تجاه المدَّعى عليها وهو أن العيش معه أدى إلى خلق آلية للتعرف عليه، مما دفعها إلى الشعور بأن المستغل كان يعتني بها. وهكذا ألِفَت الاستغلال.

 

مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، نبذة عن السوابق القضائية بشأن مسائل الإثبات في حالات الاتجار بالأشخاص (2017).

الإطار 3

دراسة حالة من نيجيريا

كذب الضحايا النيجيريون في هذه القضية أو لم يدلوا بإفادة لأنهم كانوا خائفين من تهديدات "جوجو" ولم يثقوا بالشرطة (كانوا يعتقدون أن الشرطة فاسدة بسبب خلفيتهم الثقافية الخاصة). ولمواجهة ذلك، تأكدت الشرطة من أن الضحايا تحدثوا أولاً إلى ضحية سابقة للاتجار بالبشر (خبير "عملي") وأحد "كهنة جوجو"، والذي ساعد الضحايا على التخلص من اللعنة. وبعد ذلك تستجوب الشرطة الضحية – في بعض الأحيان بحضور خبير "عملي".

مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، نبذة عن السوابق القضائية بشأن مسائل الإثبات في حالات الاتجار بالأشخاص (2017)
الإطار 4

دراسة حالة من الفلبين

تتعلق قضية الشعب ضد ليتو مانالو بإدانة بتجنيد قاصر ونقلها للاستغلال الجنسي. وقد تم إنقاذ الضحية القاصر، التي تم نقلها على متن قارب من أجل استغلالها جنسياً، قبل أن يتم الاستغلال. وبالإضافة إلى ذلك، لم تكن الضحية متاحة للإدلاء بشهادتها أثناء المحاكمة لأنها هربت من مأوى المنظمة غير الحكومية حيث تم إيواؤها بعد الإنقاذ. ومع ذلك أُدين المدَّعى عليه بارتكاب جريمة اتجار كاملة وليس مجرد محاولة. وخلصت المحكمة إلى أنه ليس هناك شك في أن المدعى عليه جنَّد الضحية لغرض البغاء. كما كانت آلية الإدانة أساساً متيناً من الأدلة وتضمنت شهادة أشخاص بخلاف الضحية، مثل مسؤول خفر السواحل وأم الضحية وأخصائي اجتماعي أجرى مقابلة مع الضحية وأقوال الضحية وأشخاص آخرين وأدلة وثائقية.

مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، نبذة عن السوابق القضائية بشأن مسائل الإثبات في حالات الاتجار بالأشخاص (2017) 
 

المفاهيم الخاطئة عن عناصر الجريمة

يكشف تحليل السوابق القضائية من مختلف الولايات القضائية أن محاميي الدفاع (وأحياناً المدعين العامين والقضاة) يسيئون فهم العناصر التي تشكل جريمة الاتجار بالأشخاص. وفيما يلي العديد من الأمثلة على ذلك. حددت المحاكم هذه الأخطاء بشكل صحيح، لحسن الحظ، في القضايا أدناه. ولكن للأسف ليس هذا هو الحال دائماً.

1. جادل بعض محاميي الدفاع بأنه إذا لم يقم المتجر بتقييد تحركات الضحية أو السيطرة عليها، فلا يمكن أن يكون ضحية للاتجار.

الإطار 5

هروب الضحايا ليس عائقاً أمام الملاحقة القضائية

محكمة الاستئناف (ECLI: NL: HR: 2015: 1100 (هولندا) 486) والمحكمة العليا (ECLI: NL: GHARL: 2013: 8522 (هولندا)، 487)

إن مجرد احتمال هروب الضحية من وضعها، كما يتضح من سفر الضحية إلى الخارج، لا يكفي لإبراء المدَّعى عليه من تهم الاتجار. وقابلت الضحية المدَّعى عليه في المغرب وتزوجته وانتقلت إلى هولندا عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها وهي غير متعلمة. وقد سافرت إلى الخارج عدة مرات خلال فترة الاستغلال المزعومة. ولحسن الحظ في هذه القضية، أظهرت الأدلة أن المدَّعى عليه قد انتهكها وأجبرها على العمل في البغاء وتسليم ما كسبته له. وقد أُدين بالاتجار بالبشر.

مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، نبذة عن السوابق القضائية بشأن مسائل الإثبات في حالات الاتجار بالأشخاص (2017)

2. جادل بعض محاميي الدفاع بأنه يجب استغلال الضحايا لكي تكون جريمة الاتجار بالأشخاص مكتملة. ومع ذلك، كما لوحظ في الوحدة التعليمية 6، من الضروري فقط أن يتصرف الجاني "بغرض الاستغلال". ولذلك، يكون الجرم مكتملاً إذا قام الجاني بتجنيد الضحية أو نقلها أو إيواؤها باستخدام إحدى الوسائل المحظورة، على الرغم من أن الجاني لم يستغل الضحية بعد – بافتراض وجود نية للقيام بذلك.

الإطار 6

كفاية نية استغلال الضحية

في قضية أنوس، وهي قضية من الفلبين، رفضت الضحية الامتثال لأوامر المدَّعى عليها بإقامة علاقات جنسية مع الزبائن في إحدى الحانات ولم تُجبّر على ذلك. ومع ذلك كان لا يزال يُطلب من الضحية الجلوس على طاولة في الحانة وترفيه الزبائن. وقد أُدينت المدَّعى عليها بالاتجار بالبشر. كما ركزت المحكمة عند التوصل إلى هذا الاستنتاج على مجمل ملابسات القضية، والتي تضمنت قيام المدَّعى عليها بتجنيد الضحية ونقلها وتنقيلها إلى ماليزيا، واستقبال الضحية وإيواؤها بمجرد وصولها إلى ماليزيا، وخداع الضحية، ونيتها استغلال الضحية في الدعارة والاستغلال الجنسي.

مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، نبذة عن السوابق القضائية بشأن مسائل الإثبات في حالات الاتجار بالأشخاص (2017)

3. جادل بعض محاميي الدفاع (في القضية الأولى بنجاح) بأن وجود الضحية والسهولة النسبية لوصول الضحية إلى شبكة الأسرة والأصدقاء، يخلق شكاً معقولاً فيما إذا كانوا محتجزاً ضد رغبته.

الإطار 7

العوامل التي تساهم في خلق حالة الاستضعاف للضحية

في قضية أوريزار (كندا)، في حين لاحظت المحكمة أن علاقة الضحية بأسرتها كانت صعبة، فقد وجدت أيضاً أن الضحية كانت مواطنة كندية على دراية باللغة والثقافة وقد عادت في الواقع إلى أسرتها بمجرد تدهور وضعها. وبالإضافة إلى ذلك، كان والداها يعيشان بالقرب من دار المدَّعى عليه حيث تم انتهاكها. ومع ذلك فإن هذه العوامل الإيجابية لم تجدها المحكمة قاطعة، ومع ذلك أُدين المدَّعى عليه بتهمة الاتجار وجرائم أخرى. ولاحظت المحكمة أن الضحية لم يكن لديها مال عندما التقت بالمدَّعى عليه وأن علاقتها بأسرتها كانت صعبة وأن المدَّعى عليه أجبرها على تعاطي المخدرات. وقد أدت هذه العوامل مجتمعةً إلى جعلها مستضعفة، على الرغم من وجود نظام دعم محتمل. وقد تناولت محكمة الاستئناف هذه النقطة بشكل صريح في تأكيد الإدانة على هذا النحو: "حقيقة أن هذا التحكم، هذا التوجيه، هذا التأثير على تحركات صاحبة الشكوى التي حدثت في مكان بالقرب من منزل والديها، ليس له أي تأثير على ذنب أوريزار.

مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، نبذة عن السوابق القضائية بشأن مسائل الإثبات في حالات الاتجار بالأشخاص (2017)
 

الحصانة الدبلوماسية

عندما يكون الجناة دبلوماسيين، تظهر تحديات إضافية. وبما أن الدبلوماسيين يتمتعون بحصانة دبلوماسية، فقد يكونوا محميين من الملاحقة القضائية. وقد تم الكشف عن العديد من القضايا التي تم فيها الاتجار بالنساء والأطفال لاستغلالهم في الخدمة المنزلية من قبل دبلوماسيين أجانب.

الإطار 8

الحصانة الدبلوماسية وحماية ضحايا الاتجار

في قضية سابيثي ضد الصالح (المحكمة الإقليمية لمقاطعة كولومبيا، 20 آذار/مارس 2009)، عمل المدَّعون لدى المدَّعى عليه وزوجته في الكويت لمدة تتراوح بين ثمانية أشهر ونصف إلى خمس سنوات ونصف. يُزعم أن المدَّعين في الكويت يعملون سبعة أيام في الأسبوع، لساعات طويلة كل يوم، ويتقاضون أجراً ما بين 35 دينار كويتي (حوالي 121 دولار أمريكي) و40 دينار كويتي (حوالي 138 دولار أمريكي) في الشهر. واصطحب المدَّعى عليهما المدَّعين فيما بعد إلى الولايات المتحدة لمواصلة العمل في الخدمة المنزلية. ووقّع المدَّعى عليهما عقداً قبل القدوم إلى الولايات المتحدة تعهدا فيه بأن يدفعا للمدَّعين مبلغ 1314 دولار أمريكي في الشهر، لكنهما لم يتمكنا من الامتثال لأحكام العقد وأرسلا بدلاً من ذلك أجوراً تتراوح بين 70 دينار كويتي (حوالي 242 دولار أمريكي) و100 دينار كويتي (حوالي 346 دولار أمريكي) في الشهر لعائلاتهم في الخارج. بالإضافة إلى ذلك، تم سحب جوازات سفر المدَّعين منهم وتم تهديدهم بضرر بدني.

وأخيراً، هربوا في 18 كانون الثاني/يناير 2007. وجادل المدَّعون بأن "الاتجار بالبشر هو نشاط تجاري مربح ينتج عنه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" وأن جلب المدَّعين من الكويت إلى الولايات المتحدة للعمل في الخدمة المنزلية يشكل اتجاراً بالبشر ومن ثم كان نشاطاً تجارياً يُعد استثناءً من الحصانة الدبلوماسية.

ولم تتفق المحكمة مع ذلك، معتبرةً أن "الاستعانة بمساعدة منزلية أمر عرضي في الحياة اليومية للدبلوماسي، ومن ثم ليس نشاطاً تجارياً لأغراض الاستثناء من اتفاقية فيينا". وخلصت المحكمة إلى أن "قانون حماية ضحايا الاتجار لعام 2000لا يلغي الحصانة الدبلوماسية. ولم يذكر قانون حماية ضحايا الاتجار شيئاً بشأن ما إذا كان ذلك يحد من حصانة الدبلوماسيين، ولا ينبغِ للمحاكم قراءة أحد القوانين لتعديل الالتزامات التعاهدية للولايات المتحدة في عدم وجود بيان واضح من الكونغرس."

ولقد اعترفت المحكمة بأن منع وصول المدَّعين إلى المحاكم قد يكون له آثار قاسية، بما في ذلك حتى رفض المعونة القانونية أو النقدية. وبحسب المحكمة: "إن تطبيق مبدأ الحصانة الدبلوماسية "يحرم الآخرين حتماً من سبل الانتصاف من الضرر الذي لحق بهم." ولكن الكونغرس هو الهيئة المناسبة التي يتعين على المدَّعين أن يُبدو لها مخاوفهم من أن تؤثر الحصانة الدبلوماسية على فعالية تطبيق ممارسات العمل العادلة في الولايات المتحدة."

ومع ذلك فإن الحصانة الدبلوماسية ليست مطلقة (منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، 2014) :

  • الحصانة هي امتياز لصاحب العمل في الدولة، وليست امتيازاً للفرد الدبلوماسي. وبناءً على ذلك يجوز لصاحب العمل في الدولة أن يتنازل عن الحصانة للسماح بملاحقة أحد الدبلوماسيين.
  • من واجب جميع الأشخاص الذين يتمتعون بهذه الامتيازات والحصانات احترام قوانين وأنظمة الدولة المستقبلة. وينبغي على سلطات إنفاذ القانون التحقيق في ادعاءات الاتجار والانتهاك على نحو متسق مع الحصانات الدبلوماسية. وبمجرد انتهاء وظيفة الوكيل الدبلوماسي في هذا المنصب، فإنه لا يستفيد إلا من الحصانة الجنائية والمدنية فيما يتعلق بالأفعال الرسمية، ويمكن ملاحقته أو مقاضاته مدنياً بسبب الانتهاك والاتجار.
  • يتمتع الموظفون الإداريون والفنيون (بما في ذلك أسرهم)، كما هو الحال مع الوكلاء الدبلوماسيين، بالحصانة الجنائية الكاملة، باستثناء الدعاوى المدنية المتعلقة بالمخالفات المرتكبة خارج سياق واجباتهم. بالإضافة إلى ذلك، بمجرد أن تنتهي مدة خدمة أحد أعضاء الهيئة الإدارية والفنية، فإنه لا يستفيد من الحصانة إلا فيما يتعلق بالأعمال الرسمية. ولا يعتبر توظيف العمالة المنزلية بمثابة عمل رسمي.

كما أن الحكومات المضيفة لديها مجموعة من الإجراءات الدبلوماسية لمعاقبة أصحاب العمل الدبلوماسيين الفاسدين مثل ممارسة الضغط وسحب الامتيازات.

وللتغلب على صعوبة ملاحقة الدبلوماسيين قضائياً، سنَّت الولايات المتحدة قانون إعادة التفويض بحماية ضحايا الاتجار لسنة 2008، الذي ينشئ تدابير وقائية مثل الحد من إصدار تأشيرات A-3 وG-5 إذا كانت البعثات الدبلوماسية أو المنظمات الدولية تتساهل في مسائل الانتهاك أو الاستغلال، والذي ينص على ما يلي :

يُعلِّق الوزير إصدار تأشيرات A-3 أو G-5، للمدة الذي يراها الوزير مناسبة، للمتقدمين الراغبين في العمل لدى موظفين في بعثة دبلوماسية أو منظمة دولية إذا رأى الوزير أن هناك دليل معقول على أن موظف أو أكثر من موظفي هذه البعثة أو المنظمة الدولية انتهكوا أو استغلوا شخصاً أو أكثر من غير المهاجرين الذين يحملون تأشيرة A-3 أو تأشيرة G-5، وأن البعثة الدبلوماسية أو المنظمة الدولية تساهلت في هذه الإجراءات.

وثمة تغيير ملحوظ آخر أدخله قانون إعادة التفويض بحماية ضحايا الاتجار لعام 2008 وهو سلطة حكومة الولايات المتحدة لإلغاء جواز سفر فرد أُدين بالمشاركة في السياحة الجنسية الدولية.

كما توضح القضايا التالية المسائل التي تنشأ عندما يكون الجناة دبلوماسيين.

الإطار 9

هل قيام أحد الدبلوماسيين بتوظيف عاملة منزلية يعتبر نشاطاً تجارياً ؟

في قضية رايس ضد المالكي [2017] UKSC 6، عملت السيدة رايس، وهي مواطنة فلبينية، لدى السيد والسيدة المالكي كخادمة منزلية في دارهم في لندن في الفترة ما بين 19 كانون الثاني/يناير و14 آذار/مارس 2011. وكانت واجباتها هي التنظيف والمساعدة في المطبخ في أوقات الوجبات ورعاية الاطفال. وكان السيد المالكي في ذلك الوقت موظفاً دبلوماسياً في سفارة المملكة العربية السعودية في لندن. وتزعم السيدة رايس أنها دخلت المملكة المتحدة بتأشيرة من المستوى 5 حصلت عليها من السفارة البريطانية في مانيلا من خلال تقديم وثائق قدمها لها السيد المالكي، ومنها عقد يوضح أنها ستتقاضى أجراً قيمته 500 جنيه إسترليني في الشهر. وتدعي أن السيد والسيدة المالكي قد أساءا معاملتها أثناء عملها بإلزامها بالعمل لساعات طويلة وعدم توفير سكن لائق لها ومصادرة جواز سفرها ومنعها من مغادرة المنزل أو الاتصال بأحد؛ وأنهما لم يدفعا لها شيئاً إلى أن انتهى عملها عندما هربت في 14 آذار/مارس. كما تتعلق المسائل الرئيسية في الاستئناف بتأثير المادة 31 (1) (ج) من الاتفاقية، والتي تتضمن استثناء الدبلوماسي من الحصانة من الولاية القضائية المدنية حيث تتعلق الإجراءات "بأي نشاط مهني أو تجاري يمارسه المبعوث الدبلوماسي في الدولة المعتمد لديها خارج نطاق وظائفه الرسمية." ويثير هذا مسائل منها التساؤل عن كيفية تطبيق هذا الاستثناء، إذا تم تطبيقه، على حالة الاتجار بالبشر. وبما أن هناك بعض الأدلة على أن الاتجار بالبشر تحت غطاء الوضع الدبلوماسي يمثل مشكلة متكررة، فهذه مسألة ذات أهمية عامة... توظيف الخدم في المنازل لتقديم خدمات شخصية بحتة لا يُعد "نشاطاً مهنياً أو تجارياً يمارسه المبعوث الدبلوماسي." ومن ثم فإنه لا يقع ضمن الاستثناء الوحيد ذي الصلة من الحصانات، وإن حقيقة أن توظيف السيدة رايس ربما حدث نتيجةً للاتجار بالبشر لا يُعد أمراً هاماً في هذا الصدد.

الإطار 10

التصدّي لتورط الدبلوماسيين في الاتجار بالبشر

الانتصار الإبداعي للتقاضي

بذل ديشيرت [مكتب محاماة] جهوداً متواصلةً لملاحقة المتجرين الدبلوماسيين عن طريق الدعاوى المدنية المرفوعة في المحاكم الاتحادية. لقد كان في الواقع انتصاراً هاماً لديشيرت قبل عقد من الزمن جعل مثل هذا السبيل ممكناً. وفي قضية سابقة لخرق الحصانة الدبلوماسية في سيناريوهات الاتجار، ادعت عاملة منزلية تُدعى فيشرانتهامما سوارنا أن أحد الدبلوماسيين الكويتيين وزوجته مارسا ضدها جرائم السخرة والاستعباد والاسترقاق الجنسي.

وجادل الزوجان الدبلوماسيان بأن الحصانة الدبلوماسية تحميهما من الدعاوى القضائية، حتى بعد انتهاء فترة منصبهما في الولايات المتحدة. ومع ذلك قضت المحكمة الإقليمية للمقاطعة الجنوبية من نيويورك بأن "الحصانة المتبقية" – وهي شكل من أشكال الحماية من بعض القوانين الأمريكية التي تستمر بعد انتهاء فترة شغل الدبلوماسيين لمناصبهم – لا تنطبق على طريقة معاملة الدبلوماسيين لعمال منازلهم. وأكدت الدائرة الثانية ذلك في وقتٍ لاحقٍ، وبذلك أنشأت سابقة اتحادية.

وكانت سوارنا نقطة تحول من خلال إظهار أن الحصانة الدبلوماسية لم تعد لا تُقهر، وقد أدى ذلك إلى فتح الباب أمام نجاح عدد كبير من الدعاوى القضائية ضد كبار المسؤولين الدبلوماسيين.

الملاحقة المستمرة للمتجرين الدبلوماسيين

لم يوقف ديشيرت معركته منذ قضية سوارنا واستمر في تمثيل المزيد من الخدم والعمالة المنزلية.

وقالت مارتينا فاندينبرغ، مؤسسة ورئيسة مركز برو بونو القانوني لمكافحة الاتجار بالبشر في واشنطن العاصمة: "وضع محامو ديشيرت سابقة هامة في إظهار أن الحصانة الدبلوماسية ليست درعاً لا يُقهر. فقد حصل محامو ديشيرت، الذين يعملون بدون مقابل، بمهارة هائلة على معونة هجرة للناجين من الاتجار، ورفعوا قضايا مدنية متطورة ضد دبلوماسيين، وحصلوا على تعويضات كبيرة من المتجرين."

وقد حصل مؤخراً فريق ديشيرت الذي يعمل بدون مقابل بحكم غيابي في نيويورك نيابةً عن عامل منزلي من بنغلاديش يُدعى ماشود رانا كان يُعامَل معاملة وحشية من القنصل العام البنغلاديشي السابق في نيويورك، والذي أصبح الآن سفير البلاد في إثيوبيا، لمدة 18 شهراً أُرغم فيها السيد رانا على العمل من 16 إلى 20 ساعة بدون أجر وتعرض لتهديدات بالقتل إذا حاول الهرب. وحصل فريق ديشيرت أولاً على حكم مفاده أن الدبلوماسي وزوجته لم يكونا محصنين من الدعوى. وأصدرت المحكمة الإقليمية للمقاطعة الجنوبية من نيويورك لاحقاً حكماً غيابياً ضد مختطفي السيد رانا السابقين لإصلاح الأضرار الناتجة عن تأخير الأجور والاضطراب العاطفي بتعويض يزيد عن 920000 دولار أمريكي.

كما اتبعت أفرقة ديشيرت سبل الانتصاف في عدد من القضايا للعمالة المنزلية تم الاتجار بهم من بلدان أخرى. وفي إحدى القضايا المدنية المرفوعة أيضاً في المحكمة الإقليمية للمقاطعة الجنوبية من نيويورك، اتخذ المكتب إجراءات ضد دبلوماسية كينية سابقة لدى الأمم المتحدة انتهكت القوانين الاتحادية الخاصة بالاتجار بالبشر من خلال إجبار العاملة المنزلية ومربية الأطفال لديها على العمل على مدار الساعة مقابل 150 دولار أمريكي في الشهر. وبعد إحباط اقتراح الرفض بنجاح، حصل فريق ديشيرت على تسوية مواتية للضحية لتمكينها من إحضار أطفالها إلى الولايات المتحدة ومواصلة حياتها.

ديشيرت شركة أشخاص محدودة المسؤولية، مكافحة التدخل الدبلوماسي في الاتجار بالبشر، (20 تشرين الأول/أكتوبر 2017)
 

فترات التقادم القانونية

ثمة عقبة أخرى أمام الملاحقة القضائية تنشأ في بعض الولايات القضائية وهي فترات التقادم القانونية التي تمنع ملاحقة الجاني قضائياً بعد فترة محددة من السنوات من تاريخ ارتكابه للجرم أو اكتشاف جرمه. وغالباً ما تستغرق قضايا الاتجار وقتاً طويلاً للتحقيق فيها بسبب الطبيعة الخفية والتعقيد المتأصل وتحديات الإثبات للجريمة. ومع ذلك، بمجرد انتهاء فترة التقادم، قد يفرّ مرتكبو الجريمة من العدالة.

وتدعو اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الدول الأطراف إلى سن فترات تقادم طويلة. وتقضي المادة 11 (5) بأن "تحدد كل دولة طرف في إطار قانونها الداخلي، عند الاقتضاء، مدة تقادم طويلة تستهل أثناءها الإجراءات الخاصة بأي جرم مشمول بهذه الاتفاقية، ومدة أطول عندما يكون الجاني المزعوم قد فرّ من وجه العدالة." وبالمثل، تنص المادة 29 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على أنه "تحدد كل دولة طرف في إطار قانونها الداخلي، عند الاقتضاء، فترة تقادم طويلة تبدأ فيها الإجراءات القضائية بشأن أي فعل مجرَّم وفقاً لهذه الاتفاقية. وتحدد فترة تقادم أطول أو تعلّق العمل بالتقادم في حال إفلات الجاني المزعوم من يد العدالة."

 

 التالي

 العودة الى الأعلى