هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين

 

الجهات الفاعلة في المجتمع المدني

 

المنظمات غير الحكومية

تضم العديد من (وربما معظم) المنظمات غير الحكومية أنشطة للتوعية والتنمية الاقتصادية المجتمعية ضمن جهودها لمنع الاتجار بالأشخاص. ويقوم عدد كبير منهم بتوفير الدعم والمساعدة في سبيل المساعدة على حماية الضحايا. ويقوم عدد أقل منهم بمساعدة أجهزة إنفاذ القانون في التحقيق في قضايا الاتجار وملاحقتها من خلال توفير معلومات وأدلة حول أنشطة الاتجار المشتبه بها في المجتمعات التي يعملون فيها. وربما يقدمون المساعدة القانونية للضحايا.

كما يمكن للمنظمات غير الحكومية العاملة في المجتمعات النامية أن تساهم بالطرق التالية:

  • جمع وتمرير المعلومات حول أنشطة الاتجار المشتبه بها الواردة من مجتمعاتهم.
  • القيام بدور داعم في عمليات الإنقاذ والاعتقال، بما في ذلك المساعدة في الإشراف الدقيق على الضحايا ورعايتهم في يوم الإنقاذ ومرافقتهم إلى مركز الشرطة والمستشفى وأي مأوى مؤقت سيتم إيواؤهم فيه مباشرةً بعد إنقاذهم.
  • إجراء المقابلات البدائية (الرسمية وغير الرسمية) مع الضحايا المشتبه بهم، بمن فيهم أولئك الذين لم يتم إنقاذهم أو إحالتهم إلى أجهزة الدولة.
  • توفير الحماية والدعم الفوريين للضحايا الذين تم تحريرهم مؤخراً بجهودهم الخاصة أو من خلال عمليات الإنقاذ التي تقوم بها الشرطة أو الذين قام المتجرون بهم بإطلاق سراحهم.
  • مساعدة الضحايا ودعمهم من خلال مختلف التفاعلات التي قد تكون لديهم مع نظام العدالة.
  • مساعدة ودعم الضحايا الأجانب العائدين إلى بلدانهم الأصلية أو المواطنين العائدين من بلدان أجنبية تم ترحيلهم إليها لغرض الاتجار.
  • مساعدة الضحايا ودعمهم لإعادة دمجهم في مجتمعاتهم.

ويمكن أيضاً أن تكون شبكات الدعوة فيما بين المنظمات غير الحكومية من الأمور الهامة، حيث تعمل المنظمات المختلفة معاً لسد الفجوات في الاستجابات الحكومية للاتجار بالأشخاص (نيوري-كوربيت وموكسلي، 2018، الصفحة 955). ويقول روسو (2018، الصفحة 7) إنه يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تكون أكثر فعالية وأن يكون لها تأثير أكثر إيجابية من أجهزة الدولة في بعض المجالات. فعلى سبيل المثال، نظراً لأن المنظمات غير الحكومية تولي اهتماماً أقل لجهود العدالة الجنائية، فإنها في وضع أفضل "لتقديم تدخلات شعبية تُمكِّن الناجين وتُسهِّل إعادة دمجهم على المدى الطويل. ويمكن للمجتمع المدني استخدام تفاعلاته الوثيقة مع الأفراد والمجتمعات المتضررين من الاتجار بالبشر لتطوير نماذج مبتكرة لإعادة الدمج تضع تمكين الضحايا في صميم نظام الرعاية اللاحقة."

وفي دراسة عالمية شملت 1.861 منظمة غير حكومية معنية بمكافحة الاتجار، قدم ليمونسيلي (2016) عدداً من الاستنتاجات المثيرة للاهتمام. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى أن تركيز المنظمات غير الحكومية كان منصباً بدرجة كبيرة على الاتجار الجنسي، حيث ركز الكثير منها على الاتجار الجنسي بالأطفال. وعلى سبيل المقارنة، عمل عددٌ قليلٌ جداً من المنظمات غير الحكومية على التسول القسري أو الأطفال الجنود أو الاتجار لغرض التبني. وفيما يتعلق بالأنشطة التي قامت بها المنظمات غير الحكومية التي شملتها الدراسة، ركز معظمها على جهود التعليم والتوعية، تليها الدعوة القانونية والدعوة للسياسات. وكان أقل من ثلث المنظمات غير الحكومية تقدم خدمات للضحايا أو تشارك في جهود الإنقاذ.

ويقدم الإطار 5 بعض الأمثلة التوضيحية على الطرق التي ساهمت بها المنظمات غير الحكومية في جهود مكافحة الاتجار.

الإطار 5

مبادرات المنظمات غير الحكومية لمكافحة الاتجار بالأشخاص

  • أطلقت منظمة أسترا (ASTRA) غير الحكومية الصربية حملة وطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص في عام 2008. وتضمنت الحملة إعلانات تلفزيونية وأناشيد إذاعية ولوحات إعلانية وملصقات وُضعت في مدن محددة في جميع أنحاء صربيا معروفة بأنها أماكن للاستغلال و/أو التجنيد. ونُشرت منشورات تستهدف الشباب لتوعيتهم بمخاطر الاتجار وطرق التماس المساعدة. وكانت جميع المواد تحتوي على رقم الخط الساخن لمنظمة أسترا، والذي يمكن للأشخاص الاتصال به للحصول على المعلومات والمساعدة. وفي الفترة بين عام 2002 وعام 2008، تعامل الخط الساخن مع أكثر من 7500 مكالمة، معظمها من ضحايا الاتجار.
  • أطلقت منظمة تُدعى كوميونيتي ميديا فور ديفيلوبمنت (Community Media for Development)، مقرها في جوهانسبرغ، حملة مبتكرة للتوعية من خلال المسرحية الإذاعية المشوِّقة. وتم نشر القصة المكونة من 13 جزءاً بعنوان "التغيير" على محطات الإذاعة في جميع أنحاء موزمبيق وزامبيا للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية والاتجار بالأشخاص. وتروي هذه المسرحية قصة عائلة من المتجرات المتورطات عن غير قصد في فضيحة مافيا وحلقة لتهريب البشر تحت الأرض. ومن خلال تجاربهن وتجارب من حولهم، يتم تشجيع المستمعين على طرح أسئلة حول مجموعة من المسائل المتعلقة بالاتجار والهجرة. وفي إطار هذه المبادرة، تم تقديم كتيب للصحفيين والمنظمات المجتمعية يحتوي على معلومات لإثارة النقاش حول الشخصيات والمسائل التي يواجهونها.
  • يقوم منظمة العمل من أجل المستضعفات Agir pour les Femmes en Situation Précaire في كمبوديا، وهو منظمة شعبية غير حكومية تأسست في عام 1996، بدعم جهود ضحايا الاتجار المحليين لإعادة الدمج في المجتمع. ويقوم طاقم عمل منظمة العمل من أجل المستضعفات، المكون من مدير ومقدم رعاية ومستشار وطبيب نفساني وطبيب، بالترحيب بالأطفال والنساء الذين يذهبون إلى المركز بعد إنقاذهم. ويهدف المركز إلى تمكين السكان من تحقيق الاكتفاء الذاتي (وخاصةً الاستقلال المالي) من خلال منحهم الفرصة للعثور على عمل أو لإدارة أعمالهم الخاصة. ويوفر منظمة العمل من أجل المستضعفات التدريب المهني الذي يتناسب مع فرص السوق المحلية وتنمية البلاد ورغبات المقيمين؛ وهذا يشمل الخياطة والتدبير المنزلي وتصفيف الشعر وإدارة الشركات التجارية الصغيرة والنسيج وإنتاج الحرف اليدوية ودورات قصيرة حول توليد الدخل والتدريب في مجال العمل الاجتماعي مع إمكانية العمل في وقت لاحق مع منظمة العمل من أجل المستضعفات.
UNODC, Combatting Trafficking in Persons, A Handbook for Parliamentarians (2009)
الإطار 6

برنامج خاص لدعم الضحايا وحمايتهم –تشيكيا

في تشيكيا، وضعت وزارة الداخلية برنامجاً خاصاً لدعم ضحايا الاتجار الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً وحمايتهم. والهدف من البرنامج هو تزويد الضحايا المحتملين بالدعم والحماية على أساس تقييم مخاطر فردي، وتمكينهم من الوصول إلى برنامج حماية الشهود. كما يحمي البرنامج ضحايا الاتجار المحتملين الذين هم شهود في محاكمة ويتعاونون مع سلطات إنفاذ القانون. إذا قبل الضحية المحتمل طوعاً عرضاً للمشاركة في البرنامج، فإنه يعبئ ويوقع على بيان مبدئي يشمل الحقوق والواجبات المتعلقة بمشاركته في البرنامج. ويحصل الضحايا على السكن والخدمات النفسانية والاجتماعية والخدمات القانونية والتدريب المهني وما إلى ذلك. وفي إطار البرنامج، يُمنح الضحايا فترة تفكير مدتها 60 يوماً يمكنهم خلالها تحديد ما إذا كانوا يريدون التواصل مع أجهزة إنفاذ القانون أم لا. كما يتضمن البرنامج نظاماً للعودة الطوعية لمواطني دول العالم الثالث ومواطني الاتحاد الأوروبي من ضحايا الاتجار بالأشخاص في الجمهورية التشيكية والمواطنين التشيكيين الذين تم التعرف على هويتهم في الخارج على التوالي.

المشاركون

يمكن للمنظمات غير الحكومية المتخصصة أو الشرطة ترشيح أشخاص لتوظيفهم في البرنامج، وبعد ذلك تتم استشارة وزارة الداخلية بصفتها مقدم البرنامج.

ما الذي يجعل هذه الممارسة ناجحة

وافق جميع الضحايا المسجلين في البرنامج لعام 2014 على تزويد الشرطة بالأدلة المتعلقة بقضاياهم. وهكذا يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تقدم مساهمة هامة في استعداد الضحايا للتعاون مع الشرطة. وتقوم المنظمات غير الحكومية بتحفيز الضحايا خلال فترة تفكيرهم من خلال تزويدهم بمعلومات عن حقوقهم بالإضافة إلى الالتزامات التي تنشأ عن كونهم في وضع الشاهد في المحاكمة.

Government of The Netherlands, Manual for experts on multidisciplinary cooperation against trafficking in human beings for labour exploitation (18 January 2016)

يمكن للمنظمات غير الحكومية المساهمة في عمل أجهزة إنفاذ القانون ومساعدتها في التحقيق في قضايا الاتجار بالأشخاص المشتبه بها وإنقاذ الضحايا واعتقال المتجرين وملاحقتهم قضائياً. وغالباً ما يحدث التعاون بين المنظمات غير الحكومية وإنفاذ القانون في اجتماعات لفرق متعددة التخصصات تتألف من ممثلي الأجهزة الحكومية والمنظمات غير الحكومية. وتهدف هذه الاجتماعات إلى تنسيق عمليات جمع المعلومات الاستخبارية، والتحقيق في قضايا الاتجار المشتبه بها، وتخطيط عمليات الاعتقال والإنقاذ وتنفيذها، وحماية الضحايا ورعايتهم.

وعلى وجه التحديد، بعض المنظمات غير الحكومية في وضع فريد يسمح لها بتلقي هذه المعلومات الاستخبارية حول الاتجار بالأشخاص. وقد يكون ذلك:

  • من خلال أنشطة التنمية التي تنفذها في المجتمعات المحلية. وغالباً ما تقيم المنظمات غير الحكومية علاقات ثقة وثيقة مع القادة والمجتمعات التي يسعون إلى مساعدتها. وغالباً ما تكون هذه المجتمعات مصادر قيِّمة للمعلومات.
  • من خلال اتصالاتها بضحايا الاتجار وعلاقات الثقة التي تتمتع بها معهم. وقد أثبتت التجربة أن الضحايا الذين يعيشون في مآوي أو يتلقون المساعدة والدعم من المنظمات غير الحكومية غالباً ما يرغبون في الإفصاح عن معلومات حول استغلالهم لإنفاذ القانون بهدف ضمان تقديم المتجرين بهم إلى العدالة. وقد يختارون القيام بذلك من خلال المنظمات غير الحكومية التي تقدم لهم المساعدة أو من خلال المشاركة مع موظفي المنظمات غير الحكومية الذين أقاموا معهم علاقة ثقة.

ويقدم الشكل 1 لمحة عامة عن المساهمات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية في التعرف على هوية ضحايا الاتجار المحتملين أثناء قيامهم بأنشطتهم الأخرى.

الشكل 1: تعرف المنظمات غير الحكومية على هوية ضحايا الاتجار

ومن المسائل الهامة أن يتم فصل الأدوار بين الدول والمنظمات غير الحكومية التي تعمل بطريقة تعاونية. فأين ينبغي رسم الخط الفاصل؟ هناك مسائل تتعلق بالسلامة والأمن لكلٍ من موظفي المنظمات غير الحكومية والضحايا. وهناك العديد من مدونات قواعد السلوك التي تقدم إرشادات مفيدة للمنظمات غير الحكومية بشأن ما ينبغي وما لا ينبغي لها أن تفعله. فعلى سبيل المثال:

ويصف المثال المبين في الإطار 7 حالة كان فيها لأفعال منظمة غير حكومية تأثير سلبي على حقوق الأطفال ورفاههم.

الإطار 7

المنظمات غير الحكومية في نيبال

تصر السلطات في العديد من البلدان الآن على أن الأطفال الذين يغادرون بلدانهم والذين تقل أعمارهم عن حد أدنى معين للعمر (مثل 15 أو حتى 18 عاماً) يجب أن يحملوا رسالة موقعة من أحد الوالدين أو كليهما تمنح الطفل إذن رسمي منهما لمغادرة البلاد. إلا أن ذلك الإجراء من المرجح أن يؤدي إلى منع قيام أحد والدي طفل ما بأخذه إلى الخارج، بعد الانفصال أو الطلاق، بدلاً من منع المتجرين من نقلهم عبر الحدود، وذلك لأن المتجرون يستخدمون حيل مختلفة.

كما تمنح الإجراءات الحدودية موظفي الهجرة فرصاً مختلفةً للحماية، ومنها مثلاً تسجيل الأطفال الذين يدخلون البلد في ظروف قد تشير، حتى ولو بشكل غامض، إلى أنهم قد يتم استغلالهم لاحقاً وترتيب زيارة لاحقة إليهم من أخصائي اجتماعي للتحقق من رفاهيتهم. ومع ذلك يمكن بسهولة أن تصبح عمليات الاعتراض هذه متعسفة إذا تم رفض السماح للأطفال غير المتجر بهم بمواصلة رحلتهم.

فعلى سبيل المثال، سمحت السلطات للمنظمات غير الحكومية في نيبال بإنشاء نقاط تفتيش على الطرق التي تعبر الحدود إلى الهند. تقوم هذه المنظمات بتعيين أخصائيين، يُعرفون باسم "physionomists"، من ذوي السمعة الحسنة (في نيبال) ليتمكنوا من التعرف على هوية المراهقات اللاتي يتم الاتجار بهن. وفي الواقع، أعطت المنظمات غير الحكومية المعنية نفسها سلطات الشرطة لمنع المراهقات من العبور إلى الهند ونقلهن بدلاً من ذلك إلى مراكز عبور المنظمة غير الحكومية الخاصة بهم، حيث يتم الاحتفاظ ببعضهن، الأمر الذي يكون في كثيرٍ من الأحيان ضد رغباتهن. ويبدو أن "physionomists" يستخدمون معايير تستند إلى الطبقية والمستوى الاجتماعي للتعرف على هوية المراهقات اللاتي ينتمين إلى فئات اجتماعية تم الاتجار بعدد كبير غير متناسب من الفتيات منها في الماضي. ويُقال إن العديد من "physionomists" يأتون من هذه الفئات ويتصرفون بحسن نية بموجب أوامر من المنظمات غير الحكومية التي تستخدمهم.

والفتيات المحتجزات في مراكز العبور و"إعادة التأهيل" يعتبرن المنظمة غير الحكومية مؤسسة قوية متحالفة مع السلطات ولا يستطعن الطعن في سلطتها. وفي أسوأ الحالات، وُصِمت الفتيات اللاتي تم اعتراضهن وحضرن دورات تدريبية داخلية قدمتها المنظمات غير الحكومية بالعار عند عودتهن إلى ديارهن، لأنه من المعروف أن المنظمة غير الحكومية تشارك في أنشطة مكافحة الدعارة ومن ثم يُشتبه في أن الفتاة متورطة (بدون مبرر) في الدعارة. وتفيد التقارير بأن عمليات الاعتراض هذه قد تقلصت مع زيادة عدد الأطفال الفارين من العنف السياسي. ولا يمكن تبرير الاعتراض القائم على القليل من الأدلة المحددة التي تشير إلى أن الطفل المعني معرض لخطر احتمال إلحاق الضرر به إلا إذا لم يكن الطفل المعني قد بلغ سن البلوغ بعد وكان صغيراً للغاية على السفر بمفرده. ومع ذلك لا ينطبق الشيء نفسه على المراهقين والمراهقات. ففي حالة المراهقين، قد يكون هناك ما يبرر ذلك إذا كان هناك دليل ملموس على أن الغالبية العظمى من المراهقين الذين يعبرون الحدود يتم الاتجار بهم – أي نسبة كبيرة يكون من المعقول أن نفترض أن معظم المراهقين الذين يعبرون الحدود متجهون للاستغلال. ولكن في نيبال، افترضت المنظمات غير الحكومية هذا الافتراض دون حصولها على ما يكفي من أدلة. ولم تقم أي منظمة غير حكومية حتى عام 2005 بطلب إجراء بحث حول أسباب عبور الشباب للحدود واستنتاج وجود العديد من الأسباب الجيدة. وبالإضافة إلى ذلك، يكون الاعتراض مقبولاً عندما ينفذه موظفو إنفاذ القانون مثل الشرطة أو موظفي الهجرة. وإن إشراك المنظمات غير الحكومية في منع المراهقين أو الشباب من ممارسة حريتهم في التنقل هو إساءة استخدام للسلطة، كما أنه يمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان.

International Federation Terre des Hommes, A Handbook on planning projects to prevent child trafficking (2007)

في حين أن المنظمات غير الحكومية تعتبر جزءاً مفيداً وغالباً ما يكون لا يتجزأ من الاستجابة للاتجار بالأشخاص، إلا أن مشاركتها يمكن أن يكون لها أيضاً آثار سلبية في بعض الحالات. ويجادل دي شاليت وفان دير ميولين (2014) بأن المنظمات غير الحكومية تميل إلى التركيز على أنواع معينة من الاتجار، وخاصة الاتجار الجنسي، ومن ثم يمكن أن تحجب الفهم السليم والشامل للجريمة. ويمكن أن تتسبب المنافسة على التمويل التي غالباً ما تكون الدافع الذي يحرك سياسات المنظمات غير الحكومية وممارساتها وتنظيمها في تقويض فعالية جهود مكافحة الاتجار (انظر، على سبيل المثال، فوستر 2009).

 

وسائط الإعلام

يمكن أن يكون لوسائط الإعلام آثار جوهرية على طريقة تفكير الجماهير في الاتجار بالأشخاص وفهمهم له (هيوستون كولنيك وسويباتبان وشاتيل 2017، الصفحة 5). وتبرز التغطية الإعلامية للاتجار بصفة عامة وجهات نظر الحكومة وإنفاذ القانون بشأن الجريمة (غولاتي 2011). ويمكن أن يكون لوسائط الإعلام دور قيّم (كما ذُكر في الوحدات التعليمية 4 و5 و7 من سلسلة الوحدات التعليمية الجامعية عن الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين وكذلك في الوحدة التعليمية 10 بشأن سلامة وأخلاقيات وسائط الإعلام من سلسلة الوحدات التعليمية الجامعية عن النزاهة والأخلاق)، بما في ذلك في:

  • التوعية بوجود الاتجار بالأشخاص وطبيعته ومداه.
  • مساءلة المجتمع الدولي عن مسؤولياته فيما يتعلق بإنشاء استجابة منسقة وشاملة للاتجار بالأشخاص وتمويلها.
  • خلق تعصب شعبي تجاه الجريمة وتثقيف الجماهير بشأن الدور الذي يمكنهم القيام به في مقاومته.
  • فضح أوجه فشل الحكومات في الوفاء بالتزاماتها الدولية المتعلقة بالاستجابة للاتجار ومن ثم خلق ضغط شعبي على الحكومات لتحسين أدائها.
  • فضح فساد موظفي الشرطة والموظفين العموميين الذين هم أنفسهم متورطون في الاتجار أو المتواطئين في أنشطة المتجرين.
  • تأييد الأداء القوي الذي تؤديه الحكومات والمجتمع المدني والإنجازات التي يحققونها من خلال البيانات الصحفية الإيجابية.
  • الإبلاغ عن الاعتقالات، والملاحقات القضائية، والإدانات للمتجرين والموظفين الفاسدين من أجل المساعدة على تصميم الردع الجنائي.

ومع ذلك يجب أن يتم ذلك بطريقة مستنيرة ومسؤولة. فعلى سبيل المثال:

  • الكشف عن البيانات الشخصية للضحايا قد يُعرِّض سلامتهم للخطر ويسبب لهم الحرج ويعيق احتمالات إعادة دمجهم في مجتمعاتهم. وهذا لا ينتهك حقوقهم كضحايا فحسب، بل يعد جريمة جنائية في العديد من الولايات القضائية.
  • وسائط الإعلام غير المسؤولة للمشتبه بهم قد يؤدي إلى الإخلال بحقهم في محاكمة عادلة، وقد يُعرِّض حياة المشتبه بهم وسلامتهم للخطر.
  • نشر ادعاءات مبالغ فيها عن أنشطة الاتجار أو التقدم الذي تحرزه الحكومات والمنظمات غير الحكومية يؤدي إلى نتائج عكسية. ففي كثيرٍ من الأحيان تكون المقالات التحريرية عن الاتجار قائمة على بحوث ضعيفة ولا يتم التحقق من الادعاءات الواردة فيها، وغالباً ما تمثل حملات تسويقية لمصلحة الأفراد والمنظمات المذكورة، بدلاً من أن تكون صحافة مستنيرة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بالسمعة وتقويض المهنية في هذا القطاع.

وقد وجد عدد من الدراسات أن تمثيل وسائط الإعلام للاتجار وضحايا الاتجار يمكن أن تكون له عواقب وخيمة، حيث يؤدي إلى عدم الاعتراف "بتعقيدات الاتجار بالبشر أو الأشكال المتعددة للاتجار، وتشكيل استجابات غير مستنيرة للاتجار أو يساهم في إضعاف آراء الناجين باعتبارهم ضحايا" (هيوستون كولنيك وسويباتبان وشاتيل 2017، الصفحة 5) فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجراها باجنيك (2010) في سلوفينيا عن وسائط الإعلام أن تمثيلات وسائط الإعلام غالباً ما تعرض الاتجار بالبشر على أنه معني فقط بالدعارة والاستغلال الجنسي.

وإذا كانت لدى وسائط الإعلام الفرصة للتفاعل المباشر مع الأشخاص المتجر بهم، فيجب أن تفعل ذلك بطريقة حساسة لا تتسبب في إيقاع ثانوي بالضحايا (انظر، على سبيل المثال، إرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن إجراء مقابلات مع النساء المتجر بهن). ويجب الحصول على موافقة مستنيرة منهم، ويُفضل أن تكون خطية. فيما يتعلق بالأطفال الضحايا، يجب الحصول على موافقة من الوالدين أو الأوصياء. ويُعد التدريب من الأمور الضرورية في سبيل تحقيق هذه الغاية. ويجب على الدولة اتخاذ التدابير المناسبة لضمان حقوق الضحايا وحمايتهم، مع احترام حرية التعبير وحرية الصحافة. ومن ثم يجب مساءلة الصحفيين والمنشورات والقنوات الإعلامية الذين لا يلتزمون بالمعايير المطلوبة.

كما هو موضح في الشكل 2، تنطبق الإرشادات التالية التي نشرها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة:

الشكل 2: إرشادات وسائط الإعلام

Source: UNODC, Toolkit to Combat Trafficking in Persons , Chapter 9: Prevention of Trafficking in Persons (2008)
 
الإطار 8

التوعية في منطقة حوض نهر الميكونغ العلوي دون الإقليمية – منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة

وضعت اليونسكة المنهجية التالية لإنتاج برامج إذاعية بلغات الأقليات، من أجل تثقيف الجمهور المستهدف بشأن مسائل الأيدز وفيروسه والمخدرات والاتجار بالبشر.

  • يأخذ البرنامج شكل مسلسل درامي تواجه فيه بطلة محلية طائفة متنوعة كبيرة من التجارب. ويعرف جمهور المشاهدين المسلسلات جيداً ويحبها عموماً. ويجد هذا الشكل من الاتصال قبولاً أكثر من غيره عند المراهقين والشباب الذين يميلون إلى رفض الأساليب التعليمية التقليدية.
  • يستند مضمون البرنامج إلى تجارب حقيقية. ففي إطاره، تُجمع قصص من واقع الحياة من خلال مناقشات جماعية تشاركية (أفرقة مناقشة) على مستوى القرية، ويدمج ذلك في النص بحيث يحسّ المستمعون بمشاعر شخصيات المسلسل.
  • يكتَب النص بلغة الأقلية المختارة مباشرة، ويكتبه كتاب محليون من الأقلية المعنية لضمان أن يكون مقبولاً ثقافياً للجمهور وكذلك لغوياً.
  • يترجَم النص إلى اللغة الإنكليزية وإلى اللغات الوطنية للتثبت من دقته العلمية.
  • يؤلف موسيقيون محليون موسيقى وأغنيات بلغة الأقلية المحلية تؤكد مواضيع القصة.
  • تجري تجربة للبرنامج للتحقق من أن الرسالة المنقولة مناسبة وفعالة.
  • يذاع البرنامج.
  • يجري استفتاء انتقائي للمتابعة لجمهور المستمعين في القرى، من أجل تقييم مدى ملاءمة توقيت الإذاعة، وكذلك مدى فهم البرنامج وأثر رسالته.
  • يجمع النص والأنشطة ونواتج البرنامج ذات الصلة في مجموعات وتوزَّع لمواصلة استخدامها لأغراض تعليمية أو تثقيفية أو لإعادة إذاعتها مستقبلاً.
  • يُعرض البرنامج على محطات الإذاعة في بلدان أخرى في المنطقة توجد فيها الأقلية المعنية. ويمكن تكييف نص البرنامج وشكله بما يتناسب مع احتياجات محطة الإذاعة أو المجتمع المحلي.

ومن أمثلة أعمال اليونسكو من أجل التوعية باستخدام هذه المنهجية مسرحية "حياة مأساوية"، المكتوبة بلغة الجينغبو، التي فازت بالجائزة الأولى في المسابقة الأدبية والفنية القروية الخامسة، في يونَّان في الصين. وكتب هذه المسرحية الإذاعية المؤلف الجينغبو المشهور يوي جيان. وقدَّم مصرف التنمية الآسيوي دعماَ مالياً ليونسكو من أجل هذا البرنامج. وأذيعت مسرحية "حياة مأساوية" في الإذاعة كم وزعت على أشرطة تسجيل وعلى أقراص مدمجة. وتعالج مسرحية إذاعية أخرى عنوانها "مشهد جبل الثلج"، بلغة الناكسي، مسألتي الأيدز وفيروسه والاتجار بالبشر. كما أنتجت اليونسكو، إلى جانب عملها في مجال البرامج الإذاعية (وبالتعاون مع مؤسسة مركز الحياة الجديدة في تشانغ ماي في تايلند) مجموعة من الأغاني الشعبية اللاهُو تتناول مسألتي الأيدز وفيروسه والاتجار بالبشر، ويغنيها مغنون لهُو المحبوبون في تايلند وميانمار.

UNODC, Toolkit to Combat Trafficking in Persons , Chapter 9: Prevention of Trafficking in Persons (2008)
الإطار 9

حملة على فيسبوك للتوعية بالتجنيد غير العادل – جمهورية سلوفاكيا

شنت الجمهورية السلوفاكية حملة على فيسبوك من أجل تحذير العمال المهاجرين المحتملين من التجنيد تحت ذرائع كاذبة للعمل الذي يكون جيداً للغاية بحيث يمكن تصديقه. وتتألف هذه الحملة من عدة مراحل. وتضمنت المرحلة الأولى إطلاق صفحة مزيفة لوكالة توظيف مزيفة تقدم وظيفة رائعة في الخارج ورواتب جيدة (www.superzarobok.sk). واستهدفت الحملة التي تم إطلاقها على فيسبوك الشباب من مناطق سلوفاكيا المتأثرة بالبطالة وارتفاع معدل ضحايا الاتجار بالأشخاص. وأظهرت الصفحة المزيفة العديد من العلامات الهامة التي تدل على أنها صفحة مزيفة. وبعد تسجيل الدخول في الصفحة المزيفة، يُطلب من الشخص المعني تعبئة نموذج تسجيل للحصول على وظيفة رائعة. ومن شروط التسجيل أن يتم إدراج عنوان بريدهم الإلكتروني وعنوان بريد إلكتروني لشخص مقرب أو أحد الأقارب. وبعد بضعة أيام، يتم إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى العناوين الواردة في نموذج التسجيل تفيد أن الشخص ربما أصبح ضحية للاتجار بالأشخاص. وتحتوي رسالة البريد الإلكتروني أيضاً على وصلة إلى الصفحة الشبكية التعليمية (www.novodobiotroci.sk – متوفرة فقط باللغة السلوفاكية) حيث يمكن العثور على جميع المعلومات المفيدة حول الاتجار والبحث عن عمل بصيغة مفهومة للغاية.

يمكن الوصول إلى الفيديو مع الترجمة الإنكليزية من هنا.

الشركاء المشاركون في التعاون وأدوارهم: تعاونت وزارة الداخلية في الجمهورية السلوفاكية ومنظمة المجتمع المدني التي تُدعى "Brániť sa oplatí" في إعداد الصفحة المزيفة والموقع الشبكي التعليمي. واضطلعت المنظمة غير الحكومية بالتعاون مع فيسبوك.

ما الذي يجعل هذه الممارسة ناجحة: تم عرض الإعلان الخاص بالعرض الذي تقدمه الصفحة المزيفة على نطاق واسع: شاهد الإعلان 700.000 شخصاً وشاهد الحملة 40.000 شخصاً. واستخدم نموذج التسجيل 2.300 شخصاً وزار الصفحة الشبكية الخاصة بالمعلومات 7.000 شخصاً خلال الحملة.

Government of The Netherlands, Manual for experts on multidisciplinary cooperation against trafficking in human beings for labour exploitation, (18 January 2016)
 

المؤسسات الأكاديمية والبحثية

المؤسسات الأكاديمية والبحثية لها دورٌ في تثقيف المجتمع، ونشر المعرفة، والتحليل النقدي لمبادرات مكافحة الاتجار القائمة، وتوجيه النقاش والبحث. وهذا معترف به في إعلان الدوحة والصكوك الأخرى الواردة أدناه. والأهم من ذلك أن معظم المؤسسات الأكاديمية مستقلة عن الحكومات، مما يعني أن البحث الناتج يكون على الأرجح خالياً من التحيزات أو المخاوف السياسية.

تنص اتفاقية مجلس أوروبا على ما يلي :

الإطار 10

اتفاقية مجلس أوروبا

المادة 5 (2): "يضع كل طرف سياسات وبرامج فعالة لمنع الاتجار بالبشر و/أو يعززها بوسائل مثل: البحث، والمعلومات، وحملات التوعية والتثقيف، والمبادرات الاجتماعية والاقتصادية، وبرامج التدريب، ولا سيما للأشخاص المعرضين للاتجار وللمهنيين المعنيين بالاتجار بالبشر."

المادة 6: "ردع الطلب الذي يعزّز كل أشكال استغلال الأشخاص المفضية إلى الاتجار، وخاصة تلك التي تستهدف النساء والأطفال، تكون من كل طرف في الاتفاقية مُلزَمة باعتماد أو تدعيم تدابير تشريعية أو إدارية أو تعليمية أو اجتماعية أو ثقافية أو غيرها من التدابير، بما في ذلك القيام بما يلي: (أ) إجراء البحوث بشأن أفضل الممارسات والأساليب والاستراتيجيات.

Council of Europe Convention on Action against Trafficking in Human Beings (2005)

بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 18 (2) من التوجيه 2011/36/EU الصادر عن البرلمان الأوروبي والمجلس بتاريخ 5 نيسان/أبريل 2011 بشأن منع الاتجار بالبشر ومكافحته وحماية ضحاياه على ما يلي:

"تتخذ الدول الأعضاء الإجراءات المناسبة، بما في ذلك عن طريق الإنترنت، مثل حملات الإعلام والتوعية، وبرامج البحث والتعليم، حسب الاقتضاء، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ذات الصلة وسائر أصحاب المصلحة، بهدف التوعية والحد من مخاطر أن يصبح الأشخاص، وبخاصة الأطفال، ضحايا للاتجار بالبشر."

وبالمثل، ينص إعلان بروكسل بشأن منع الاتجار بالبشر ومكافحتها، الذي اعتُمد في تشرين الثاني/نوفمبر 2002، على ما يلي:

"يجب تطوير روابط أوثق مع المعلمين ووزارات التربية والتعليم بهدف وضع نمائط تعليمية ذات صلة وواقعية وإدراجها في المناهج الدراسية للمدارس والكليات وإعلام التلاميذ والطلبة بحقوق الإنسان والمسائل المتعلقة بالنوع الاجتماعي.

وينبغي على وجه التحديد ربط هذه المواضيع بتعليم الشباب حول المخاطر التي تشكلها جرائم الاتجار، وفرص الهجرة القانونية، والعمالة الأجنبية، والمخاطر الجسيمة التي تنطوي عليها الهجرة غير القانونية."

ومن الأمثلة المحلية على التأكيد على أهمية البحث، في عام 2003، تم تعديل قانون حماية ضحايا الاتجار في الولايات المتحدة من خلال إضافة القسم 112 أ، الذي يشير إلى أهمية "إجراء بحث (...) يوفر البيانات اللازمة لمعالجة المشكلات المحددة... تتضمن مبادرات البحث هذه، إلى أقصى حد ممكن عملياً، ما يلي:

  • الأسباب والعواقب الاقتصادية للاتجار بالأشخاص،
  • فعالية البرامج والمبادرات التي تمولها أو تديرها الأجهزة الاتحادية لمنع الاتجار بالأشخاص وحماية ضحايا الاتجار ومساعدتهم،
  • العلاقة المتبادلة بين الاتجار بالأشخاص والصحة العالمية."

وفي عام 2005، تم توسيع القسم 112 أ ليشمل إشارات إلى:

  • العلاقة المتبادلة بين الاتجار بالأشخاص والإرهاب، بما في ذلك استخدام الأرباح من الاتجار بالبشر لتمويل الإرهاب.
  • آلية جيدة للكشف عن عدد ضحايا الاتجار على المستويين الوطني والدولي.
  • اختطاف الأطفال واستعبادهم لاستخدامهم كجنود، بما في ذلك الخطوات المتخذة للقضاء على هذه الممارسة وتوصيات بشأن الخطوات الإضافية التي قد تكون ضرورية لسرعة وضع حد لها.

في عام 2008، تم تعديل هذا القسم مرة أخرى ليصبح نصه كما يلي:

"إن الآلية الفعالة لتحديد عدد ضحايا الاتجار على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية يجب أن تشمل، في موعد لا يتجاوز سنتين بعد تاريخ سن قانون ويليام ويلبرفورس بشأن إعادة إقرار قانون حماية ضحايا الاتجار لعام 2008، إنشاء وصيانة قاعدة بيانات متكاملة داخل مركز تهريب البشر والاتجار بهم."

وينبغي ألا تقتصر دراسة الاتجار بالأشخاص على دورات القانون في الجامعات، فهي وثيقة الصلة بالعديد من التخصصات الأخرى ويجب دمجها في الدورات أو العملية التعليمية القائمة، بما في ذلك، عند الاقتضاء، دراسات الأنثروبولوجيا والعدالة الجنائية والتعليم والتاريخ والعلاقات الدولية والعلوم السياسية وعلم النفس والصحة العامة والعمل الاجتماعي وعلم الاجتماع والمرأة والنوع الاجتماعي.

 

المؤسسات الدينية

قد يكون للمؤسسات الدينية دور مهم في دعم الاستراتيجيات الشاملة لمكافحة الاتجار بالأشخاص. وسيعتمد مدى مساهمتها وأهميتها على أهمية الدين ودوره في مجتمع معين. فأولاً وقبل كل شيء، يقوم عدد كبير من المنظمات غير الحكومية العاملة في قطاع مكافحة الاتجار بالبشر على أساس الدين.

وفي بعض بلدان الشرق الأوسط، يمكن لممارسة ما يسمى "قاعدة الكفالة" أن تجعل العامل المكفول عرضة للاستغلال وحالات الاتجار. وقد أصدر العالم الإسلامي البارز الشيخ يوسف القرضاوي فتوى في أذار/مارس 2008 مفادها أن قاعدة الكفالة السائدة في بعض البلدان تتعارض مع تعاليم الإسلام ويجب إلغاؤها: "نظام الكفالة في الوقت الحاضر أنتج سوق للتأشيرات، وجعل عشرات العمال يعيشون في ظروف لاإنسانية حيث يتم إيواء عدد كبير من العمال في مناطق صغيرة. إنه لأمر مخز حقاً وكما أنه يتعارض مع المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى احترام حقوق الإنسان" (جون هوبكنز، مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة، وغيرهم، 2013).

الإطار 11

الدين والاتجار بالبشر – الحرية للأسرى

كيف يمكن للجماعات الدينية أن تعمل مع الجماعات العلمانية لمكافحة الاتجار بالبشر

إلى أي حد يمكن للجماعات التي يدفعها الإيمان أن تتعاون مع الجماعات العلمانية من أجل تحقيق هدف مشترك أو هزيمة عدو مشترك؟ إن حكمنا بالظواهر، فإن ذلك يعمل بشكل أفضل عندما يكون العدو (سواء كان مرضاً أو مشكلة اجتماعية) سيئاً بشكل واضح بحيث يريد الجميع إحباطه. ربما تعتقد أن أحد هؤلاء الأعداء هو الاتجار بالبشر، وبخاصة القاصرين. ولكن ريتشارد فلوري، مدير البحوث في مركز الدين والثقافة المدنية بجامعة جنوب كاليفورنيا، أخبرني أن الهيئات الدينية العالمية التي تعمل في البلدان الفقيرة تخطئ أحياناً في مشكلة الاتجار. فهو يرى أنه بسبب تركيز هذه الهيئات على إنقاذ الأفراد، فإنها تفشل في استيعاب القوى الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع الناس إلى ممارسة الدعارة.

من ناحية أخرى، توجد بالطبع أمثلة ناجحة على التعاون بين الجماعات العلمانية والجماعات الدينية. استفسرت من سارة بوميروي عن الأمور التي دفعتها إلى إنشاء منظمة غير حكومية صغيرة تقوم بحملات لمكافحة الاتجار بالبشر في ولاية فرجينيا الأمريكية، واستشهدت بكتاب إشعيا، وخاصةً الفصل 61 الذي أعلن فيه النبي أنه أرسله الرب "لجبر المكسورين ولإعلان الحرية للأسرى وإطلاق سراح السجناء من الظلام..."

ولكن العمل اليومي لمنظمتها التي تدعى "مبادرة ريتشموند للعدالة" متشدد وعملي، ويشمل تحذير الشباب من المخاطر التي يشكلها تجار الجنس الذين يفترسون بأحلام المراهقين المستضعفين وخيبات أملهم، وغالباً ما يكون ذلك باستخدام وسائط الإعلام الاجتماعي. كما ينطوي على صراع لا هوادة فيه، في ائتلاف مع منظمات غير حكومية أخرى، لتشديد قوانين الدولة. وعلى الرغم من بعض التغييرات التشريعية الصعبة التي تم إدخالها في عام 2011، لا يزال تصنيف فرجينيا سيئاً لدى المنظمات غير الحكومية الوطنية التي تتابع أداء الدول في مكافحة الاتجار. يُقصد بالأداء في هذه الحالة وجود قوانين تعاقب المتجرين بلا رحمة وتعامل الأشخاص المتجر بهم، وبخاصة القاصرين، كضحايا ليس كمذنبين. قبل بضعة أسابيع فقط، تغير القانون في فرجينيا لتسهيل التحقيق في حلقات الاتجار التي تعمل في أكثر من مقاطعة.

أخبرتني السيدة بوميروي، التي تصف نفسها بأنها مسيحية غير طائفية، أنها تتعاون بسعادة في هذه القضية مع الروم الكاثوليك، والمعمدانيين، والميثوديين، والخمسينيين، وكذلك مع المنظمات غير الحكومية العلمانية البحتة. ولكن من المبادئ التي تسير عليها منظمتها غير الحكومية "أننا لا نفعل أي شيء بدون صلاة، لأننا نحارب شيء شرير للغاية."

على المستوى الجزئي حيث تعمل جماعتها، يبدو أن التعاون بين جميع الأطراف التي ترغب بإخلاص في وقف الاتجار (النشطاء العلمانيون والدينيون والسلطات الحكومية) يعمل بشكل جيد. إن الجماعات التطوعية، مهما كان مصدر إلهامها، قادرة على التعامل مع الحقائق الإنسانية للاتجار بطريقة لا تستطيع الأجهزة الحكومية، التي غالباً ما تعوقها القوانين السيئة، القيام بها بسهولة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى بعض أوجه التآزر المفيدة.

ولكن عندما تحاول السلطات الحكومية والهيئات الدينية توحيد جهودها على مستوى أكبر بكثير، تبدو النتائج متواضعة إلى حدٍ ما. في الأسبوع الماضي، قدم المجلس الاستشاري للرئيس المعني بالشراكات الدينية وشراكات الجوار بعض التوصيات بشأن كيفية مكافحة "العبودية الحديثة" – والتي أصبحت مصطلحاً شاملاً للاتجار الجنسي (سواء كان ينطوي على نقل الأشخاص أم لا) وجميع أشكال العمل الاستعبادي أو بالسخرة. يضم أعضاء المجلس بعض كبار الشخصيات الدينية الأمريكية، معظمهم من ذوي التوجه الليبرالي. تتمثل إحدى وظائفه المجلس في توفير مدخلات لمكتب الشراكات الدينية وشراكات الجوار، وهو هيئة دائمة تولى رئاستها (كما نشرت سابقاً) رئيساً جديداً رفيع المستوى. يضم أعضاء المجلس كاثرين جيفرتس شوري، رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية الأمريكية التي هي على خلاف مع الأجزاء المحافظة من الكنيسة الأنغليكانية، والأخت مارلين ويسنبيك، الرئيس السابق لمؤتمر القيادة للنساء المتدينات الذي لديه نزاع طويل الأمد مع الفاتيكان. (تلقت الراهبات الأميركيات اللاتي يفتقرن إلى السلوك الفطري هذا الأسبوع توبيخاً رسمياً بسبب اختلاط "النسوية الراديكالية" بتقدير عملهن الإنساني.)

وعلى الرغم من الأسلحة الفكرية المتاحة للمجلس، تبدو وثيقة سياسته غامضة إلى حدٍ ما، فهي تقترح ترقية الأجهزة الاتحادية التي تتعامل مع الاتجار، بما في ذلك مكتب وزارة الخارجية الذي يتعقب المشكلة، وتحث الإدارة على تجنب دعم "العمل بالسخرة" في مشترياتها من السلع والخدمات. ولعل أقسى التصريحات الواردة في الوثيقة هي أن "الناجين من العبودية الحديثة يجب عدم معاملتهم كمجرمين أبداً" وأنه يجب تغيير القانون لضمان "عدم سجن الضحايا أو معاقبتهم على الجرائم التي يرتكبها المتجرين بهم."

لا توجد إشارة تُذكر في الوثيقة إلى أي حساسيات أخلاقية أو ميتافيزيقية معينة قد تجلبها الهيئات الدينية إلى مسألة الاتجار. ربما كان من الأمور التي لا مفر منها بالنظر إلى السياق أن يتم تقديم التقارير إلى إدارة ترى سلبيات ضخمة والقليل من الإيجابيات في أي شيء يعيق العلاقة بين الكنيسة والدولة. وفي تبادل رسائل بالبريد الإلكتروني، استفسرت من الأخت وايزنبيك عن تقسيم العمل بين الجماعات الدينية والعلمانية في مكافحة الاتجار، وكان مضمون جوابها أن بعض المهام في هذا النضال المشترك ضد عدو تم الاعتراف بشجاعته عالمياً من الأفضل تركها للأخوة العلمانيين.

ستصبح المنظمات الدينية دعاة ومعلمين وباحثين عن العدالة، خاصةً بسبب القناعات الأخلاقية لإيمانهم فيما يتعلق بكرامة الأشخاص. العديد من المنظمات غير الحكومية تقوم على أساس ديني... [لكن] تلك التي قد لا تكون مفيدة بشكل خاص عندما قد تكون مبادئ الفصل بين الكنيسة والدولة إشكالية في ممارسة أنشطة معينة. وبافتراض أن المنظمات غير الحكومية العلمانية تعمل على أساس القيم الإنسانية، فإنني أشك في وجود أي شيء في تقريرنا الذي لم تكتبه أي منظمة غير حكومية ذات ضمير جيد. إن العبودية البشرية بأي شكل من الأشكال تستحق الشجب.

The Economist, Freedom from the Captives (19 April 2013)
 

مسؤولية الأعمال التجارية والشركات

إن مجتمع الأعمال التجارية أيضاً له دور في مكافحة الاتجار بالأشخاص، على الرغم من أن شركات معينة فقط هي التي تشارك في هذه المسألة حالياً (انظر الوحدة التعليمية 7 بشأن منع الاتجار بالأشخاص). ويمكنهم القيام بذلك الدور من خلال اعتماد سياسات وقائية تقضي على السلع والخدمات المنتجة باستخدام العمالة المتجر بها. كما أن للحكومات دور في تشجيع مجتمع الأعمال التجارية على التصرف بمسؤولية وتقديم مساهمة أكبر.

المبادرات الدولية

في 16 حزيران/يونيو 2011، أقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "المبادئ التوجيهية الخاصة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان: تنفيذ إطار الأمم المتحدة المعنون "الحماية والاحترام والانتصاف"، التي أعدها الممثل الخاص للأمين العام بخصوص مسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال. وترتكز هذه المبادئ التوجيهية على الاعتراف بما يلي:

  • الالتزامات القائمة للدول المتعلقة باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها وإعمالها؛
  • دور مؤسسات الأعمال بصفتها هيئات متخصصة في المجتمع تؤدي وظائف متخصصة ويتعين عليها الامتثال لجميع القوانين المعمول بها واحترام حقوق الإنسان؛
  • ضرورة مطابقة الحقوق والواجبات مع سبل الانتصاف المناسبة والفعالة عند انتهاكها.

تتعلق المبادئ من 11 إلى 24 من المبادئ التوجيهية بمسؤولية الشركات عن حماية حقوق الإنسان.

وبالإضافة إلى ذلك، أنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة منتدى الأمم المتحدة المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان ليكون بمثابة منصة عالمية لأصحاب المصلحة "من أجل مناقشة الاتجاهات والتحديات القائمة فيما يخص تنفيذ المبادئ التوجيهية ومن أجل تشجيع الحوار والتعاون بشأن القضايا المرتبطة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، بما في ذلك التحديات التي تعترض بعض القطاعات، والبيئات التشغيلية أو المتعلقة بحقوق أو فئات معينة، فضلاً عن تحديد الممارسات الجيدة؛." ويدير هذا المنتدى ويرأسه الفريق العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وهو "يرحب بجميع فئات أصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك الدول، ومنظومة الأمم المتحدة الأوسع، والمنظمات الحكومية الدولية والإقليمية، والشركات، ونقابات العمال، والمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية، وأصحاب المصلحة المتضررين، وغيرهم." يُعد المنتدى "أكبر تجمع سنوي في العالم حول الأعمال وحقوق الإنسان ويشارك فيه أكثر من 2.000 مشارك من الحكومة، وقطاع الأعمال، والجماعات المجتمعية والمجتمع المدني، ومكاتب المحاماة، ومنظمات المستثمرين، وهيئات الأمم المتحدة، والمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، والنقابات، والأوساط الأكاديمية، ووسائط الإعلام."

ويوفر مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان على موقعه الشبكي موارد للأعمال التجارية التي تسعى إلى تحسين أدائها في احترام حقوق الإنسان وحمايتها في عملياتها التجارية. ويقوم المركز بالأنشطة التالية:

  • يوظف 18 باحثاً إقليمياً حول العالم يسافرون إلى المجتمعات المحلية لفهم آثار الأعمال التجارية والتحدث مع رجال الأعمال والموظفين الحكوميين.
  • يصدر إحاطات وتحليلات، ويولف عمل المئات من الدعاة في جميع أنحاء العالم، ويقدم توصيات للشركات والحكومات والمناطق والقطاعات.
  • يتتبع أداء أكثر من 8.000 شركة فيما يتعلق باحترامها وحمايتها لحقوق الإنسان.
  • هو المركز العالمي للموارد وتوجيهات العمل الخاصة بالأعمال التجارية لحماية حقوق الإنسان.

كما أصدرت الأمم المتحدة الاتفاق العالمي بشأن حقوق الإنسان، والذي حددت فيه عشرة مبادئ للمسؤولية الاجتماعية للشركات على الشركات اتباعها في سياساتها التجارية (انظر الإطار 12). وتستند المبادئ إلى أربع ركائز: (1) حقوق الإنسان؛ (2) حقوق العمل؛ (3) المعايير البيئية؛ (4) مكافحة الفساد. وقد اقترح كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، الاتفاق العالمي للأمم المتحدة في خطاب أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في 31 كانون الثاني/يناير 1999. وتم تجديد ولايته في كانون الأول/ديسمبر 2015 بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 70/224: "نحو إقامة شراكات عالمية: نهج قائم على المبادئ لتعزيز التعاون بين الأمم المتحدة وجميع الشركاء المختصين."

الإطار 12

عشرة مبادئ بشأن المسؤولية الاجتماعية للشركات

حقوق الإنسان

  • المبدأ 1: ينبغي لمؤسسات الأعمال أن تدعم وتحترم حماية حقوق الإنسان المعلن عنها دولياً؛
  • المبدأ 2: التأكد من أنهم ليسوا متواطئين فيفي انتهاكات حقوق الإنسان. 

العمل

  • المبدأ 3: ينبغي لقطاع الأعمال التجارية أن يدعم حرية تكوين الجمعيات والاعتراف الفعّال الفعّال بحق المساومة الجماعية؛
  • المبدأ 4: القضاء على جميع أشكال السخرة والعمل الاجباري؛
  • المبدأ 5: الالغاء الفعلي لعمالة الأطفال؛
  • المبدأ 6: القضاء على التمييز فيما يتعلق بالعمالة والحرفة. 

البيئة

  • المبدأ 7: ينبغي لقطاع الأعمال التجارية أن يدعم اتباع نهج احترازي إزاء التحديات البيئية؛
  • المبدأ 8: يتخذ مبادرات لتوسيع نطاق المسؤولية البيئية ؛
  • المبدأ 9: ويشجع على تطوير ونشر التكنولوحيات المواتية للبيئة,

مكافحة الفساد

  • المبدأ 10: الأعمال التجارية ينبغي لها أن تعمل على مكافحة الفساد بجميع أشكاله، بما فيها الابتزاز والرشوة.
United Nations Global Compact, The power of principles. The Ten Principles of the UN Global Compact
 

المبادرات الوطنية

على المستوى الاتحادي في الولايات المتحدة، أنشأ قانون حماية ضحايا الاتجار فرقة عمل مشتركة بين الأجهزة لمتابعة الاتجار ومكافحته. وينظم القانون كذلك مختلف الأنشطة والممارسات التجارية، بما في ذلك تلك التي تخص بائعي التجزئة ومصنعي المنتجات (انظر أيضاً إزيل 2016، الذي يحلل مسؤولية الشركات عن الاتجار في سلسلة التوريد بموجب قانون الولايات المتحدة).

وفي الولايات المتحدة، على مستوى الولايات، يقتضي قانون كاليفورنيا بشأن الشفافية في سلاسل التوريد لعام 2010، الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2012، أن يقوم كبار تجار التجزئة والمصنعين (الذين يبلغ إجمالي مبيعاتهم السنوية 100 مليون دولار أمريكي) بالكشف عن جهودهم من أجل القضاء على الاستعباد والاتجار بالبشر من سلاسل التوريد المباشرة للسلع الملموسة المعروضة للبيع في الدولة. كما سنت المملكة المتحدة تشريعاً مشابهاً من خلال قانون الرق الحديث لعام 2015. ويتم تحليل كلٍ من هذه التشريعات ومقارنتها في مقال نشره بلانيتزر (2016)، حيث يجادل بأنه، بشكل عام، "يجب على الدول سن وتنفيذ تشريعات تلزم الشركات بأن تكون أكثر شفافية في عملياتهم التجارية العالمية. وينبغي أن يشمل ذلك أيضاً تدابير لمنع [الاتجار بالأشخاص]" (الصفحتان 336-337).

الإطار 13

خطر الاتجار بالبشر في سلسلة التوريد

"أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية اليوم تقرير الاتجار بالأشخاص لعام 2015. ويصنف هذا التقرير البلدان حسب الجهود المبذولة للامتثال للمعايير الواردة في قانون حماية ضحايا الاتجار لعام 2000.

وعندما يفكر الكثير من الناس في الاتجار بالبشر، يتذكرون التقارير الإخبارية حول اختطاف النساء والأطفال وبيعهم على يد الإرهابيين في الشرق الأوسط ونيجيريا؛ أو الاتجار الجنسي بالفتيات اللائي يتم إغواؤهن بالسفر من أوطانهم إلى وسط أوروبا؛ أو العائلات الثرية التي استأجرت مربيات أو خادمات وصادرت جوازات سفرهن وحولتهن من "موظفات" إلى عبيد.

ولكن الاتجار بالبشر هو أيضاً مسألة من مسائل سلسلة التوريد. وقد ورد في التقرير قسم بعنوان "خطر الاتجار بالبشر في سلسلة التوريد". وإليكم بعض المقتطفات من هذا القسم:

يمكن للمتجرين استهداف العمال المستضعفين في أي مكان لتعويض عجز العمالة في أي نقطة من نقاط سلسلة التوريد. فمثلاً في قطاع الإلكترونيات، قد يوجد الاتجار بالبشر في المراحل الاستخراجية (التعدين لاستخراج المواد الخام)، وفي مرحلة تصنيع المكونات (حيث يتم إنتاج قطع منفصلة أو دمجها)، وفي مرحلة الإنتاج (حيث يتم تجميع السلعة وتعبئتها في مصنع).

وتبدأ العديد من سلاسل التوريد من مزرعة:

يمكن صنع الملاءات المستخدمة في الفنادق من القطن الذي يتم قطفه بواسطة السخرة... يجب على المجتمع الدولي أن يفهم سلاسل التوريد الخاصة بالمنتجات المستخدمة لتقديم الخدمة (ملاءات الفنادق وأجزاء الطائرات والمعدات الطبية) وأن يدرس أيضاً المخاطر التي يتعرض لها العمال الذين يقدمون هذه المنتجات (عمال تنظيف المنازل ومقدمي الرعاية وعمال غسل الصحون).

وعلى الرغم من وجود الاتجار بالبشر في العديد من الحِرف، إلا أن الخطر يبرز أكثر في الصناعات التي تعتمد على العمالة ذات المهارات المتدنية أو غير الماهرة. وهذا يشمل الوظائف القذرة والخطيرة والصعبة، والتي عادةً ما تكون بأجور منخفضة ويعطيها المجتمع أقل من قيمتها وغالباً ما تشغلها الفئات المهمشة اجتماعياً مثل المهاجرين والأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات.

وقد تكون المخاطر أكبر أيضاً في الصناعات ذات الطبيعة الموسمية أو حيث تكون مدة الإنتاج قصيرة للغاية. وفي هذه الصناعات، يزداد الطلب على العمالة بشكل كبير في وقت الحصاد أو عندما يتم تصنيع منتج جديد – سواء كان هاتفاً ذكياً أو طريقاً – في غضون إطار زمني صارم. فعلى سبيل المثال، يكون العمال المهاجرون من شرق وجنوب آسيا العاملون في قطاع الملابس عرضةً للسخرة والاستغلال في العمل، بما في ذلك ساعات العمل الطويلة والعمل الإضافي القسري، خاصةً خلال فترات ارتفاع طلب المستهلكين.

ويمكن أن تؤدي الحاجة الملحة لتوظيف الموظفين إلى الاعتماد على متعهدي توريد العمال ووكلائهم، مما يخلق بدوره طبقات من الفصل بين صاحب العمل والعامل. وهذا الفصل يعني أن أصحاب العمل يمكن أن يكونوا غير مدركين للممارسات السيئة المتعلقة بالتوظيف في عملياتهم، مما يجعل العمال عرضةً للاستغلال.

وأخيراً وليس آخراً، في الصناعات التي تؤدي فيها المنافسة الشرسة إلى ضغوط مستمرة تدفع الأسعار إلى انخفاض، يستجيب بعض أصحاب العمل لذلك من خلال اتخاذ تدابير لخفض التكاليف من أجل البقاء تجارياً، بدءاً من تخفيض الأجور أو تجاهل بروتوكولات الأمان وصولاً إلى حمل العمال على الخدمة الإجبارية من خلال عبودية الدين أو الاحتفاظ بوثائق الهوية.

ويشير التقرير إلى أنه في حين تحتاج الحكومات إلى بذل المزيد من الجهود لوقف الاتجار، إلا أنها تحتاج إلى دعم الشركات أيضاً:

هناك العديد من الإجراءات التي يمكن للشركات اتخاذها للتخفيف من مخاطر الاتجار بالبشر طوال عملياتها. وفيما يتعلق بالشركات المبتدئة، يمكن لقادة الأعمال وضع سياسات لمكافحة الاتجار تتعامل مع المخاطر المشتركة في عملياتها وسلاسل التوريد...

وقد استجابت العديد من الشركات. وأفاد معهد الحوكمة والمساءلة أن 72% من الشركات المدرجة في مؤشر إس آند بي 500 (S&P 500) تنشر تقارير المسؤولية الاجتماعية للشركات. وتبرز تقارير المسؤولية الاجتماعية للشركات الفلسفة القائلة بأن الشركات لديها مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة – وهم المستثمرون، والموظفون، والموردون، والعملاء، والمجتمع الأوسع – وأن محاولة تلبية احتياجات بعض أصحاب المصلحة على حساب الآخرين تعني أن الشركة غير مسؤولة وقصيرة النظر من الناحية المالية.

كما تقدم المبادرة العالمية للتقارير صيغة إعداد تقارير يتم اتباعها على نطاق واسع تُمكِّن القراء من المقارنة بسهولة أكبر بين أداء الشركات المختلفة في المسؤولية الاجتماعية للشركات. وتبحث أحدث نسخة من تقرير المبادرة العالمية للتقارير، الإصدار G4، في الآثار الاقتصادية والبيئية والمجتمعية للشركات. وتشمل الآثار المجتمعية ممارسات العمل وحقوق الإنسان، والتي تتضمن بالتأكيد تجنب الاتجار بالبشر. وبالإضافة إلى ذلك، يؤمن التقرير بوجهة النظر الموسعة لسلسلة التوريد تجاه حقوق الإنسان. ولا ينبغي أن تكون الشركات مجرد أصحاب عمل عادلين، بل يجب عليهم التأكد من أن مورديهم لديهم ممارسات عمل عادلة.

والإصدار G4 هو أحدث معيار للمبادرة العالمية للتقارير. ومعظم الشركات لا تبلغ أبداً عن ممارسات العمل العادلة في سلسلة التوريد الممتدة، ولكن الشركات الرائدة تفعل ذلك.

ويمكن أن يساعد تقرير وزارة الخارجية الشركات التي ترغب في العمل مع موردين مسؤولين. ويحدد التقرير "قائمة مراقبة المستوى 2" ودول "المستوى 3" حيث يشيع الاتجار بالبشر بشكل أكبر. وفي بعض الحالات، يشير التحليل القطري إلى وجود مشكلات في الصناعات. فعلى سبيل المثال، تقول الصين: "...يتعرض الرجال والنساء والأطفال الصينيون للسخرة في أفران الطوب ومناجم الفحم والمصانع، وبعضهم يعمل بصفة غير قانونية ويستفيد من التراخي في الإشراف الحكومي. يجب على الشركات التي تستعين بعمالة من هذه الدول أن تبذل عناية واجبة إضافية."

Forbes , 27 July 2015

عادةً ما يتم الاستشهاد بالمعايير الستة التالية عند تقييم مزايا برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات:

الإطار 14
  • الوقت: تعمل مبادرة المسؤولية الاجتماعية للشركات منذ ثلاث سنوات على الأقل.
  • التماسك: تتوافق الممارسات الداخلية للشركة مع مبادرة المسؤولية الاجتماعية للشركات.
  • الوعي: تعمل مبادرة المسؤولية الاجتماعية للشركات على التوعية بالقضايا التي يمكن أن تؤثر إيجابياً على المجتمع ككل وليس فقط مجتمع واحد.
  • الملاءمة: تعالج مبادرة المسؤولية الاجتماعية للشركات احتياجات المجتمع المحلي.
  • تجاوز مسائل الامتثال: مبادرة المسؤولية الاجتماعية للشركات أوسع من مجرد الامتثال للقانون.
  • تجاوز مسائل الامتثال: مبادرة المسؤولية الاجتماعية للشركات أوسع من مجرد الامتثال للقانون.
The Protection Project, 100 Best Practices in Corporate Social Responsibility (2015)

والحالة التالية هي مثال على إطار المسؤولية الاجتماعية الموجهة نحو الاتجار بالأشخاص.

الإطار 15

فنادق ماريوت – تدريب الموظفين على منع الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم

"عقدت ماريوت الدولية ومنظمة ECPAT-USA الرائدة في مجال سياسات مكافحة الاتجار بالأطفال شراكة جديدة لمنع الاتجار بالبشر واستغلالهم. تم اتخاذ ذلك القرار في نهاية شهر منع الاتجار بالبشر، وهو يتضمن موافقة ماريوت على توقيع مدونة قواعد السلوك لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي في السفر والسياحة التي أعدتها ECPAT-USA، والمعروفة باسم المدونة.

المدونة هي مبادرة سياحية تحركها اعتبارات الصناعة تهدف إلى التوعية بالاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، كما يوفر البرنامج الأدوات والدعم في صناعة الضيافة لمنع الاستغلال الجنسي للأطفال.

وقال ديفيد رودريغيز نائب الرئيس التنفيذي والرئيس العالمي للموارد البشرية في ماريوت الدولية في بيان له: "لكل فرد دور في مكافحة الاتجار بالبشر ومنع الاستغلال الجنسي للأطفال." "وفي ماريوت الدولية، نقوم بتدريب جميع شركائنا على كيفية تحديد مؤشرات الاتجار بالبشر ونعقد شراكات مع ECPAT-USA والصناعة الأوسع لمنع هذه الجريمة من الوصول إلى أبوابنا الأمامية وإلى مجتمعاتنا."

وقالت كارول سمولينسكي المديرة التنفيذية لمنظمة ECPAT-USA في بيان لها: "يشرفنا أن نتعاون مع ماريوت الدولية في مجال مكافحة الاتجار بالأطفال واستغلالهم جنسياً بجميع أشكاله." "في ظل وجود السياسات والتدريبات التي توفرها ECPAT-USA، سيكون شركاء ماريوت قادرين على تحديد الحالات المحتملة للاتجار والإبلاغ عنها وتوفير الحماية للضحايا. وإن الالتزام العميق من جانب ماريوت الدولي، باعتبارها علامة تجارية مميزة، بحقوق الإنسان والمسؤولية الاجتماعية سيولد وعيًا عامًا ويدعم الحركة المتنامية لوضع حد للاتجار الجنسي." 

وتُعد شراكة ECPAT-USA مع ماريوت هي أحدث سبل التعاون بين المنظمتين، والتي شاركت في عام 2011 في تطوير أدوات تدريبية للتعرف على مؤشرات الاتجار بالبشر. كما تعاونت ECPAT-USA مؤخراً مع الرابطة الأمريكية للفنادق والإقامة لتوفير تدريبات تتعلق بالاتجار بالبشر في جميع أنحاء الصناعة.

وستنفذ ماريوت الدولية، بصفتها عضو في المدونة وفي إطار جهودها لإنهاء الإتجار الجنسي بالأطفال، المعايير التالية:

  • وضع سياسة وإجراءات مؤسسية لمكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال
  • تدريب الموظفين على حقوق الطفل، ومنع الاستغلال الجنسي، وكيفية الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها
  • إدراج بند في عقود الشركاء الأخرى ينص على سياسة مشتركة للتنصل من الاستغلال الجنسي للأطفال وعدم التسامح معه
  • توفير معلومات للمسافرين بشأن حقوق الطفل، ومنع الاستغلال الجنسي للأطفال، وكيفية الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها
  • دعم أصحاب المصلحة والتعاون معهم وإشراكهم في منع الاستغلال الجنسي للأطفال
  • إعداد تقرير سنوي عن تنفيذ الشركة للأنشطة المتعلقة بالمدونة

ويضم الأعضاء الحاليين للمدونة، بخلاف ماريوت الدولية، هيلتون، وفنادق حياة، وفنادق أكور، وريل هوسبيتاليتي جروب، ومجموعة فنادق سونستا الدولية، وويندهام وورلدوايد.

وفي عام 2017، اعتمدت ماريوت شرطاً إلزامياً لتدريب قوتها العاملة في مجال العقارات على الاتجار بالبشر عبر أكثر من 6.500 عقاراً في 127 دولةً وإقليماً. قامت الشركة حتى الآن بتدريب أكثر من 225.000 موظفاً.

كما تحدثت إدارة الفندق مؤخراً مع ميشيل جيلبارت مديرة مشاركة القطاع الخاص في ECPAT-USA حول أكبر المفاهيم الخاطئة المحيطة بالاتجار بالبشر في مجال الضيافة، بالإضافة إلى نصائح لمكافحة هذه الممارسة."

Elliott Mest, Marriott, ECPAT-USA partner to counter human trafficking in hotels, Hotel Management Magazine (30 January 2018)
 
التالي: الجماهير
العودة إلى الأعلى