هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين

 

حرية التعبير

 

الإطار القانوني الدولي

حرية الرأي والتعبير مكفولة بموجب المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وينص هذا الحكم على أن "لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة" (المادة 19 (1))، وأن "لكل إنسان حق في حرية التعبير؛ ويتضمن هذا الحق حرية التماس المعلومات والأفكار بجميع أنواعها وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، دونما اعتبار للحدود، إما شفاهة، وإما خطياً أو في شكل مطبوع، وإما في قالب فني، وإما بأي وسيلة أخرى يختارها" (المادة 19 (2)).

وكما لاحظت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 على المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (2011)، يُقصد بحرية الرأي أنه يحق للفرد أيضًا تغيير الرأي كلما ولأي سبب يختاره الشخص بحرية (CCPR/C/GC/34، الفقرة 9). وتتضمن حرية التعبير الحق في طلب الحصول على المعلومات والأفكار من جميع الأنواع وتلقيها ونقلها بغض النظر عن الحدود الدولية؛ التعبير عن واستلام الرسائل من كل شكل من أشكال الأفكار والرأي القادرة على الانتقال إلى الآخرين، مثل الخطاب السياسي والتحاور ومناقشة حقوق الإنسان والصحافة والتدريس والخطاب الديني. ويمكن التعبير عن الأفكار من خلال اللغة المنطوقة والمكتوبة ولغة الإشارة والتعبير غير اللفظي مثل الصور والأعمال الفنية (لجنة حقوق الإنسان CCPR/C/GC/34، الفقرة 9). وتشمل وسائل التعبير الكتب والصحف والنشرات والملصقات واللافتات والملابس والطلبات القانونية والوسائل المرئية والمسموعة وأساليب التعبير على شبكة الإنترنت (لجنة حقوق الإنسان CCPR/C/GC/34، الفقرة 9). كما تتضمن حرية التعبير عن الرأي الحق في عدم التعبير عن الرأي لجنة حقوق الإنسان CCPR/C/GC/34، الفقرة 10).

وكما هو الحال مع حرية الأديان، لا يمكن تقييد حرية الرأي والتعبير في الضمير الداخلي، بمعنى حرية إبداء الرأي، كما أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العامة رقم 34 على المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (CCPR/C/GC/34، الفقرة 9)، يسمح فقط بالقيود التي تنص عليها المادة 19 (3)، والتي تتعلق بالضمير الخارجي أي حرية إظهار الرأي.

وإلى حد كبير لا يمكن تقييد أو تعليق الحق في حرية الرأي أبداً، ولا حتى في حالات الطوارئ، حيث أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أن:

وعلى الرغم من عدم إدراج حرية الرأي ضمن الحقوق التي لا يجوز تقييدها عملاً بأحكام المادة 4 من العهد، تجدر الإشارة إلى أنه "يوجد في أحكام العهد غير المدرجة في الفقرة 2 من المادة 4 عناصر تعتقد اللجنة بأنه لا يمكن إخضاعها بموجب المادة 4 لعدم التقيد المشروع"، وحرية الرأي أحد هذه العناصر، لأنه لا يمكن أبدًا أن تنتقص منها خلال حالة الطوارئ. (CCPR/C/GC/34، الفقرة 5).

كما يعكس هذا المنهج رأي المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير الذي رأى أن فرض القيود لا ينبغي اعتباره إلا تدبيراً استثنائياً (الجمعية العامة، تقرير مجلس حقوق الإنسان 7/14، الفقرة 49).

وفيما يتعلق بالقيود المسموح بها، تنص المادة 19 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه حيثما نص القانون (الفقرات 24-27) وحيثما كان ذلك ضروريًا (الفقرة 33)، يجوز فرض قيود على الحقوق المنصوص عليها في المادة 19 "لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم" أو "لحماية الأمن الوطني والنظام العام أو الصحـة العامـة أو الأخلاق العامة". وبالإضافة إلى ذلك، كما هو الحال مع أي قيد مفروض على حقوق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يجب أن يكون أي قيد بموجب المادة 19 (3) متناسبًا (الفقرة 34). ولا ينبغي أن يعرض الاعتماد على المادة 19 (3) بشكل كبير حقوق المادة 19 للخطر، على سبيل المثال، بموجب المادة 19 (3)، لا يُسمح للدول بحظر مواقع الإنترنت لمجرد أن محتواها ينتقد الحكومة؛ يجب أن تستوفي أي قيود مفروضة على المحتوى معايير المادة 19 (3) لتكون قانونية (الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان CCPR/CO/84/SYR). وعلاوة على ذلك، لا يجوز للدولة بموجب المادة 19 (3) من حيث معاييرها، أن "تضايق أو تخوف أو توصم أحد الأشخاص"، بما في ذلك من خلال أفعال مثل القبض عليهم واحتجازهم أو محاكمتهم، لأسباب مرتبطة بآرائهم (الفقرة 9). ويتمثل أحد مصادر القلق الشائعة هنا في الأثر السلبي لتشريعات مكافحة الإرهاب على حرية الرأي والتعبير إلى جانب حقوق الإنسان ذات الصلة مثل تلك التي تتعلق بالخصوصية (الجمعية العامة، تقرير مجلس حقوق الإنسان 7/14، الفقرة 49).

وبالمثل، فيما يتعلق بحرية التعبير، ينبغي أن يشعر للأفراد بالحرية في "طلب المعلومات والأفكار من جميع الأنواع وتلقيها ونقلها"، حتى عندما يكون من المحتمل أن تكون مسيئة للغاية، طالما أنها لا تقع ضمن معلمات المواد 19 (3) أو 20 القيود التي يفرضها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (آراء لجنة حقوق الإنسان CCPR/C/70/D/736/1997، الفقرات 50- 52). وتحظر المادة 20 الدعاية للحرب، وكذلك "الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف" (المادة 20)، (انظر أيضاً أدناه). ويمكن أن تشكل مثل هذه القضايا تحديات خاصة للدول، لاسيما في جهودها لمكافحة التطرف العنيف (انظر أيضاً الوحدة التعليمية 2)، حيث يمكن أن تكون بمثابة خيطاً رفيعاً للتداول بين ما هو الخطاب المسموح (حتى وإن كان مسيئًا) والخطاب غير المسموح به، وخلال جهود مكافحة الإرهاب، هناك خطر بأن تقيد الدول حرية التعبير دون مبرر على أساس الأمن القومي، بما في ذلك المنابر الإعلامية فضلاً عن ممارسة الحقوق السياسية المشروعة (انظر التعليق العام رقم 34- CCPR/C/GC/34، الفقرات 13-17، 20، 23، 30). وفي المقابل، يمكن أن يكون لهذا تأثيراً سلبياً على الحقوق الأساسية الأخرى، بما في ذلك حقوق التجمع وتكوين الجمعيات المذكورة أدناه، والذي يُنظر إليها من خلال المادة 19 على أنها مترابطة وتعزز بعضها البعض (الفقرة 4). وكما لاحظ المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير: "إن التمتع الفعلي بالحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع السلمي وفي حرية تكوين الجمعيات، هي عناصر أساسية تميز الفرق بين الديمقراطية والإرهاب" (الجمعية العام، مجلس حقوق الإنسان 7/ 14، الفقرة 53).

وإلى حد كبير أيضاً، لاحظ المقرر الخاص أنه لم يتم تلبية متطلبات كل من المادة 4 (1) والمادة 19 (3) فيما يتعلق بالقيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير في كثير من الأحيان، ويعزى ذلك جزئياً إلى سوء استخدام الدول لمشاعر انعدام الأمن لمهاجمة "وسائل الإعلام والصحافة الاستقصائية والانشقاق السياسي ورصد حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها" (الجمعية العام، مجلس حقوق الإنسان 7/ 14، الفقرة 51). وفي المقابل يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على قدرة هذه الكيانات وغيرها لضمان المساءلة المناسبة والحد من مستويات الإفلات من العقاب التي تنشأ غالبًا في سياق مكافحة الإرهاب فيما يتعلق بممارسات الدول. وكما لاحظت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان كذلك في تعليقها العام رقم 34، فإن "حرية التعبير شرط ضروري لإرساء مبدأي الشفافية والمساءلة، الأساسيين، بدورهما، لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها" (CCPR/C/GC/34، الفقرة 2). ومع ذلك، لا يتم تنفيذ و/أو إنفاذ الحقوق والالتزامات المرتبطة بها بشكل كامل في النظم القانونية الوطنية كما هو مطلوب بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (على سبيل المثال الفقرتان 7 و8).

الصكوك والمناهج الإقليمية

 

منطقة أفريقيا

في الإطار الإقليمي الإفريقي لحقوق الإنسان، فإن المادة ذات الصلة هي المادة 9 (1) من الميثاق الأفريقي والتي تنص ببساطة على أن "من حق كل فرد أن يحصل على المعلومات" (المادة 9 (1)) وتنص على أنه "يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها فى إطار القوانين واللوائح". وكما هو الحال مع نظام البلدان الأمريكية، كانت حماية الصحفيين مجال تركيز رئيسي، ويتضح ذلك من خلال القرار الصادر بشأن اعتماد إعلان المبادئ بشأن حرية التعبير في أفريقيا (2002) الذي أدانت فيه اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بشدة الاعتداءات على العاملين في وسائل الإعلام على النحو التالي: "الهجمات، من قبيل القتل والاختطاف والترهيب والتهديد، على الإعلاميين وغيرهم ممن يمارسون حقهم في حرية التعبير، إضافة إلى تدمير مرافق الاتصالات، أعمال تعوق الصحافة المستقلة وحرية التعبير ووصول المعلومات الحر إلى الجمهور" (المادة 11 (1)). وبموجب الإعلان، يتم حث الدول على منع الهجمات ضد الصحفيين والتحقيق فيها، فضلاً عن معاقبة الجناة وضمان سبل الانتصاف للضحايا (المادة 11 (2)).

منطقة البلدان الأمريكية

توضح الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، في المادة 13 (1)، بالتفصيل نطاق الحرية على النحو التالي: "لكل إنسان الحق في حرية الفكر والتعبير. ويشمل هذا الحق حريته في البحث عن مختلف أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، دونما اعتبار للحدود، سواء شفاها أو كتابة أو طباعة أو في قالب فني أو بأية وسيلة يختارها"، كانت إحدى القضايا ذات الأولوية في المنطقة (كما هو الحال مع المناطق الأخرى) أهمية حماية الصحفيين والمنابر الإعلامية الأخرى، باعتبارها واحدة من القنوات الرئيسية لممارسة هذه الحرية الأساسية، بما في ذلك كوسيلة مهمة لمساءلة الحكومات حسب الاقتضاء وعند الضرورة. وانعكس ذلك في القرار الذي اتخذته الجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية في عام 2017 والذي كرر التأكيد على أنه "يجب ممارسة الصحافة بعيداً عن التهديدات أو الاعتداء الجسدي أو النفسي أو أعمال التخويف الأخرى" (منظمة الدول الأمريكية، 2017). وفي سبيل القيام بذلك، حثت الجمعية العامة الدول الأعضاء على "تنفيذ تدابير شاملة للوقاية والحماية والتحقيق ومعاقبة المسئولين، فضلاً عن وضع استراتيجيات للعمل لوضع حد للإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين وتبادل الممارسات الجيدة " (منظمة البلدان الأمريكية، 2017، الفقرة 2).

منطقة أوروبا

الحكم الأساسي بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان هو المادة 10 والتي تنص على: "لكل إنسان الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود...." (المادة 10 (1)). وبالمثل، يحظى مجلس حماية الصحفيين باهتمام خاص من جانب مجلس أوروبا، ولاسيما ضمن مبادئه التوجيهية بشأن حماية حرية التعبير والمعلومات في أوقات الأزمات (2007). وكانت أحد المخاوف، بالإضافة إلى السلامة الجسدية للصحفيين، أنه "لا ينبغي أن تطلب أجهزة إنفاذ القانون من الإعلاميين تسليم المعلومات أو المواد (مثل المذكرات والصور الفوتوغرافية والتسجيلات الصوتية وتسجيلات الفيديو) التي تم جمعها في سياق حالات تغطية الأزمة ولا ينبغي أن تكون هذه المواد عرضة للحجز لاستخدامها في الإجراءات القانونية ..." (الفقرة 14)، قد لا تؤثر هذه الإجراءات فقط على سرية مصادر الصحفيين مما يعرض كلا الطرفين لخطر متزايد. ولكن في نهاية المطاف تقوض هذه الإجراءات قدرة وسائل الإعلام على مساءلة الحكومات بشكل فعال، بما في ذلك عندما تتلاشى سيادة القانون في سياقات مكافحة الإرهاب.

منطقة آسيا

في منطقة آسيا، يتم إصدار بعض الأحكام لحماية حرية الرأي والتعبير، والحكم الرئيسي وغير الملزم بموجب إعلان رابطة أمم جنوب شرق آسيا حقوق الإنسان هو المادة 23 التي تنص على أن" لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في إبداء الآراء دون تدخل وطلب المعلومات والحصول عليها ونقلها على شكل مكتوب أو مطبوع أو بأية وسيلة أخرى يختارها". وتجدر الإشارة إلى أنه ليس هناك أي مادة 19 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مكافئة من حيث ما إذا كانت، وإذا كان الأمر كذلك في أي ظروف، هذه الحقوق يجوز تقييدها.

مناطق الشرق الأوسط والخليج

يتم إصدار حكم أيضاً في الميثاق العربي في المادة 30 (1)، والذي ينص على أن: "لكل شخص الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين ولا يجوز فرض أية قيود عليها إلا بما ينص عليه التشريع النافذ". وكما لوحظ فيما يتعلق بحرية الدين، قد تدل الإشارة إلى "القانون" إلى القيود المفروضة بموجب الشريعة، بما في ذلك باعتبارها مصدر للقانون الوطني التي قد يؤثر على معنى حرية التعبير وغيرها في سياقات وطنية. وفيما يتعلق بإعلان القاهرة لمنظمة التعاون الإسلامي، فإن المادة ذات الصلة هي المادة 22 والتي تنص على أنه "لكل إنسان الحق في التعبير بحرية عن رأيه بشكل لا يتعارض مع المبادئ الشرعية" (المادة 22 (أ)). وعلى الرغم من أن إعلان القاهرة يقر بأن "الإعلام ضرورة حيوية للمجتمع" (المادة 22 (ب))، إلا أنه يقيد من الحق في الإعلام الذي لا "يحرم استغلاله وسوء استعماله بالطريقة التي قد تتعرض للمقدسات وكرامة الأنبياء فيه، وتقويض القيم المعنوية والأخلاقية أو إصابة المجتمع بالتفكك أو الانحلال أو الضرر أو زعزعة الاعتقاد". وتبدوا صياغة المادة 22 (ج) مشابهة لصياغة المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في حظر التحريض على "الكراهية القومية أو العقائدية أو .... أي شيء قد يكون تحريضًا على أي شكل أو تمييز عنصري".

القيود المفروضة

فيما يتعلق بتلك القيود المسموح بها على نفس المنوال مثل المادة 19 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن صياغة نصوص الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والاتفاقية الأمريكية ذات الصلة تعكس هذه القيود إلى حد كبير. وعلاوة على ذلك، انعكس ذلك في الاجتهاد القانوني المصاحب لها، على سبيل المثال، رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن أي تدخل في حرية التعبير لشخص ما يجب أن يكون متناسبًا وضروريًا في مجتمع ديمقراطي (فالاكا أوغلو وساجيلي ضد تركيا، 2006)، بما في ذلك لأسباب حماية النظام العام ومنع الجريمة كجزء من مكافحة الإرهاب (مودور دومان ضد تركيا، 2015). وفي عام 2017، حددت المحكمة أنه على الرغم من أنه يمكن تقييد حرية التعبير بشكل شرعي لصالح الأمن القومي والسلامة الإقليمية والسلامة العامة، إلا أنه لا يزال يتعين تبرير هذه القيود بأسباب ذات صلة وكافية والاستجابة للحاجة الاجتماعية الملحة بطريقة متناسبة (دونير وآخرون ضد تركيا، 2017).

 
التالي
العودة إلى الأعلى