هذه النميطة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين  

 

المسائل الرئيسية

 

على الرغم من الطابع الجوهري للحقوق في محاكمة عادلة (محاكمة منصفة)، فإن درجة توافق هذا الطابع مع الواقع يمكن أن تتباين في الممارسة العملية بين الدول، ومن ذلك مثلاً عند إجراء التحريات والتحقيقات والملاحقات القضائية بشأن الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية. وعلى سبيل المثال، كثيراً ما أعرب مقررو الأمم المتحدة الخاصون المتعاقبون المعنيون بحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب عن قلقهم في مناسبات عدة من أنَّ "الحقوق في محاكمة عادلة لم تُحترم دائماً في سياق مكافحة الإرهاب" (تقرير الجمعية العامة A/63/223، الصفحة 6) ولهذه الأسباب فإنَّ كيانات أخرى تنضوي في عدة نُظم، ومنها نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كررت على نحو مماثل تأكيد الأهمية والمنافع التي ينطوي عليها التقيّد بالتدابير الأساسية لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك الإجراءات القانونية الواجبة، أثناء مكافحة الإرهاب. وعلى سبيل المثال، شددت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في تقرير مقدَّم إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في عام 2017، على أنَّ "حماية وتعزيز حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب كليهما يعدّ التزاماً على الدول وشرطاً لازماً معاً لأيّ استراتيجية فعالة ومستدامة لمكافحة الإرهاب. ويجب أن تمتثل تدابير مكافحة الإرهاب كلها تماماً للالتزامات الدولية المترتبة على الدول بشأن حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في محاكمة منصفة" ( استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، الركيزة الرابعة). وهذا انعكاس لإحساس عام أوسع نطاقاً مشترك بين جهات كثيرة، ومنها الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، ومختلف الجهات المسنَدة إليها ولايات خاصة، بأنّ حقوق الإنسان ترزح تحت ضغط متزايد على الصعيد العالمي (مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، 2016؛ قرار الجمعية العامة 64/168). وتبعاً لذلك، شدَّدت المفوضة على أهمية "إجراء استعراض منتظم لقوانين وممارسات مكافحة الإرهاب، لضمان امتثالها لحقوق الإنسان، والتأكد بوجه خاص من أنها محددة وضرورية وفعالة ومتناسبة" (قرار الجمعية العامة، تقرير مجلس حقوق الإنسان A/HRC/34/30، الفقرة 14).

والتحديات المرتبطة بالتنفيذ والإنفاذ الفعالين لمعايير المحاكمة العادلة وأصول الإجراءات القانونية الواجبة ليست تحديات تنفرد بها مكافحة الإرهاب؛ بل إنها على الأرجح تحديات يمكن أن تقع في سياق حماية حقوق أخرى، وكذلك في أحوال مختلفة أيضاً. ومع ذلك فإن سياق مكافحة الإرهاب - من جرّاء ما يرافقها من عوامل وما يتصل بها من ضغوط، ومنها مثلاً موجبات الأمن الوطني، وتعالي أصوات الجمهور العام عقب وقوع هجوم إرهابي، والضغوط السياسية الداخلية والدولية معاً، وغير ذلك، بالمطالبة بالتعامل بسرعة وحزم مع مقترفي جرائم الإرهاب - يمكن أن يثير مخاطر احتمال عدم المراعاة الواجبة تماماً لتدابير حماية حقوق الإنسان ذات الصلة بالحق في محاكمة عادلة.

وتبدأ هذه النميطة التعليمية بدراسة الأطر القانونية الرئيسية، الدولية منها والإقليمية، وبعض الأطر الوطنية كذلك، الناظمة للإجراءات القانونية الواجبة والحقوق في محاكمة عادلة السارية في أوقات السلم وأوقات النـزاع المسلح على حد سواء. ثم تدرس عدداً من المبادئ الأساسية المساندة لكل مرحلة من المراحل الرئيسية الثلاث لإجراءات العدالة الجنائية، وهي التحقيق والمحاكمة وإصدار الحكم. وفي جميع أجزاء النميطة، يتمحور التركيز في المقام الأول على الحقوق الموضوعية، وذلك لأن العناصر الإجرائية تُدرس بتفصيل في مواضع أخرى (انظر لمزيد من القراءة في الموضوع نمائط منهاج التدريب القانوني على مكافحة الإرهاب ، الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة عن التعاون الدولي في المسائل الجنائية، وحقوق الإنسان، وتدابير العدالة الجنائية في التصدي للإرهاب).

والصفحات الفرعية في هذا القسم تقدم لمحة إجمالية وصفية للمسائل الرئيسية التي قد يريد المحاضِرون أن يتناولوها مع طلابهم عند تدريس هذا المبحث.

 

الرجوع إلى البداية