هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين

 

الموضوع الرابع: تحسين الوقاية من العنف ضد الأطفال

 

يجب وضع نهج شامل لمنع العنف ضد الأطفال. ويمكن لنظام العدالة أن يلعب دورًا في تحقيق ذلك، ولكن يجب إشراك العديد من القطاعات الأخرى معه، حيث تكون الاستراتيجيات أكثر فاعلية عند تنفيذها كجزء من نهج شامل متعدد القطاعات. وعلاوة على ذلك، يعمل أصحاب المصلحة في العديد من البلدان على القضاء على العنف ضد الأطفال، لكن جهودهم لا يتم تنسيقها ودعمها بشكل جيد دائمًا.

كما أنشأت منظمة الصحة العالمية إطار عمل وقائي واسع النطاق بالتعاون مع اليونيسف ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وغيرهم من منظمات الشراكة العالمية لإنهاء العنف ضد الأطفال (الاستراتيجيات السبع لإنهاء العنف ضد الأطفال "INSPIRE"، 2016؛ 2018). ويركز على سبع استراتيجيات لمعالجة العنف وسوء المعاملة والاستغلال: (1) تنفيذ وإنفاذ القوانين (مثل القوانين التي تجرم جميع أشكال الاعتداء والاستغلال الجنسي للأطفال، بما في ذلك الإنترنت)؛ (2) المعايير والقيم (تغيير الالتزام بالمعايير النوعية والاجتماعية النموذجية والضارة، بما في ذلك من خلال برامج تعبئة المجتمع)؛ (3) تهيئة بيئات مأمونة (مثل الحد من العنف من خلال معالجة "نقاط الاتصال" وتحسين البيئة التي تم بناؤها )؛ (4) دعم الآباء ومقدمي خدمات الرعاية؛ (5) تحسين الدخل وتعزيز الوضع الاقتصادي؛ (6) خدمات الاستجابة والدعم؛ (7) التعليم والمهارات الحياتية (الاستراتيجيات السبع لإنهاء العنف ضد الأطفال "INSPIRE"، 2016).

وفيما يتعلق بدور نظام العدالة، تحدد الاستراتيجيات النموذجية للأمم المتحدة (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2014/18) الأنواع المختلفة لاستراتيجيات الوقاية: (1) حظر جميع أشكال العنف ضد الأطفال بموجب القانون، بما في ذلك تجريم العديد من أشكال العنف الخطيرة؛ (2) وضع برامج فعالة ومحددة لمنع العنف؛ (3) تحدي السُبل التي يتم بها التغاضي عن أشكال العنف ضد الأطفال أو التسامح معها.

ويُشكل حظر جميع أشكال العنف ضد الأطفال (الإصلاح القانوني وتجريم الأشكال الخطيرة من جميع أشكال العنف ضد الأطفال) حجر الأساس لوضع استراتيجية شاملة، حيث يجب أن يكون هناك إطار قانوني سليم يحظر العنف ضد المرأة ويُمكِّن السلطات من منع حوادث العنف والتصدي لها بشكل مناسب، يجب على المرء ضمان حظر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة للأطفال في جميع الظروف، يجب أن يتضمن القانون حظرًا واضحًا وشاملًا، بما في ذلك التجريم، لجميع أشكال العنف ضد الأطفال. وتدعو الاستراتيجيات النموذجية للأمم المتحدة (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2014/18) صراحةً إلى تجريم مختلف أشكال العنف ضد الأطفال، بما في ذلك: ممارسة أنشطة جنسية مع طفل باستخدام القسر أو القوة أو التهديد، وسوء استخدام الجاني ثقةً أُودِعَت فيه أو سلطةً يملكها، أو تأثير ضد طفل، بما في ذلك داخل الأسرة، وإساءة معاملة الطفل الذي يكون عرضة بشكل خاص بسبب إعاقة عقلية أو بدنية أو في المواقف الاعتمادية، أو ارتكاب العنف الجنسي ضد الطفل، بما في ذلك الاعتداء الجنسي والاستغلال الجنسي والتحرش الجنسي أو تسهيله باستخدام تكنولوجيات المعلومات الجديدة، بما في ذلك الإنترنت؛ بيع الأطفال أو الاتجار بهم لأي غرض وبأي شكل من الأشكال؛ عرض طفل او تسليمه أو قبوله، بأي وسيلة كانت، لغرض الاستغلال الجنسي للطفل، أو نقل أعضاء الطفل من أجل الربح أو إشراك الطفل في السخرة؛ أو عرض أو الحصول على أو شراء أو توفير طفل لبغاء الأطفال؛ أو إنتاج المواد الإباحية عن الأطفال أو توزيعها أو نشرها أو استيرادها أو تصديرها أو عرضها أو بيعها أو حيازتها؛ أو الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق، وعبودية الدَّين، والقنانة، والسخرة، بما في ذلك التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في النزاعات المسلحة؛ وارتكاب العنف المرتبط بنوع الجنس ضد طفل، وخاصةً قتل الفتيات بسبب جنسهم. (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2014/18، المادة 11).

وفي بعض الحالات، يكون تجريم السلوك أمرًا ضروريًا بالفعل بموجب اتفاقية حقوق الطفل أو أي اتفاقية أو بروتوكول آخر قد تكون الدولة طرفًا فيه. وعلى سبيل المثال، تنص المادة 35 من اتفاقية حقوق الطفل (قرار الجمعية العامة 44/25) على ما يلي: "تخذ الدول الأطراف جميع التدابير الملائمة الوطنية والثنائية والمتعددة الأطراف لمنع اختطاف الأطفال أو بيعهم أو الاتجار بهم لأي غرض من الأغراض أو بأي شكل من الأشكال". وترد متطلبات التجريم المماثلة في المادة 1 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال(A/RES/ 54/263) ، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (قرار الجمعية العامة 55/25)، والمادة 18 من معاهدة مجلس أوروبا بشأن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي (2007)، أو المادة 3 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 فيما يتعلق بحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها (2000).

ويشمل الإصلاح التشريعي أيضًا إزالة أي أحكام قانونية من التشريع الوطني تبرر أو تسمح بالموافقة على الممارسات الضارة ضد الأطفال (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2014/18، المادة 10ب). كما يتضمن التأكد من أن اللجوء إلى أنظمة العدالة غير الرسمية لا يعرض حقوق الأطفال للخطر أو يمنع الأطفال الضحايا من الوصول إلى نظام العدالة الرسمي (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2014/18، المادة 10ج).

كما يؤكد البحوث التي تُجرى بانتظام بأن عدد لا يحصى من الفتيات والفتيان يقع ضحية الممارسات الضارة التي تتم تحت ذرائع أو أسباب مختلفة، بما في ذلك تشويه أو قطع الأعضاء التناسلية للإناث، والزواج القسري، وكي الثدي وطقوس السحر (الممثل الخاص للأمين العام، 2015). وإن بعض هذه الممارسات لها ما يبررها وتدعمها نظم العدالة التقليدية، يجب أن يحظر القانون الممارسات التقليدية الضارة ضد الأطفال، بما في ذلك الأحكام التفصيلية في التشريعات ذات الصلة لضمان الحماية الفعالة للفتيات والفتيان من تلك الممارسات، وتوفير وسائل الإصلاح ومكافحة الإفلات من العقاب.

ويمكن للمعايير أن تتغاضى عن استخدام العقاب العنيف كجزء ضروري من تربية الأطفال، أو العنف كرد مقبول على النزاع في المجتمع. كما تؤثر المعايير أيضًا على المساعدة في البحث عن العنف: "المعايير التي تعزز الاستحقاق والسلطة الجنسية للذكور، أو تعطي الأولوية لخصوصية الأسرة أو سمعتها، يمكن أن تؤدي إلى إلقاء اللوم على الضحايا وتثبيط الفتيات والفتيان عن الكشف عن العنف أو طلب المساعدة" (الاستراتيجيات السبع لإنهاء العنف ضد الأطفال "INSPIRE"، 2018). ولذلك من المهم وضع واعتماد تدابير لمعالجة القبول الاجتماعي أو التسامح مع العنف ضد الأطفال. كما يجب إيجاد مناهج مبتكرة لتحدي الطرق العديدة التي يتم بها التسامح مع العنف ضد الأطفال. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأنشطة المستهدفة مطلوبة لتحدي المواقف التي تتغاضى عن العنف ضد الأطفال أو تُطبِّعه، بما في ذلك التسامح مع العقاب البدني والممارسات الضارة وقبولها أو قبول العنف (مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2015أ). وقد يجد المحاضرون أنه من المفيد التفكير فيما إذا كان هناك دليل على أن الممارسات العنيفة ضد الأطفال لا تزال مقبولة في بلادهم.

ومن الضروري أيضًا مراجعة وتنقيح جميع القوانين (بما في ذلك قانون الإجراءات الجنائية) للقضاء على جميع الأحكام التي تبرر أو تسمح أو تتغاضى عن العنف ضد الأطفال أو قد تزيد من خطره عليهم (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2014/18، المادة 9). ويشير تقرير الممثل الخاص للأمين العام الذي أعده عن "حماية الأطفال من الممارسات الضارة في النظم القانونية المتعددة مع تركيز خاص على أفريقيا" (2012) صراحةً إلى أهمية حماية سيادة معايير حقوق الإنسان وضرورة أن تضمن الدول أن "التشريعات المحلية ذات الصلة بحماية الأطفال من العنف والممارسات الضارة، المنصوص عليها في القوانين أو العادات أو القوانين الدينية، متوافقة تمامًا مع معايير حقوق الإنسان" (2012، ص 40)، ويوصي التقرير نفسه بوضع تشريع لضمان التحقيق في هذه الحوادث وإقرار مساءلة مرتكبي الممارسات الضارة ضد الأطفال، بما في ذلك أولئك الذين يقدمون المشورة أو يحاولون أو يساعدون أو يتغاضون عن تلك الممارسات.

وأخيراً، يجب تحديد منع العنف ضد الأطفال كأولوية لمنع الجريمة. كما ينبغي إرساء تدابير وقائية وبناء فهم متزايد للعوامل التي تؤدي إلى العنف ضد الأطفال فضلًا عن معالجة مخاطر العنف التي يتعرض لها الأطفال، كجزء من الاستراتيجية الشاملة للقضاء على العنف ضد الأطفال (الأمم المتحدة، 2014، المادة 12). كما أن لهيئات العدالة الجنائية، التي تعمل مع حماية الطفل والرعاية الاجتماعية ووكالات الصحة والتعليم ومنظمات المجتمع المدني، دور مهم في تطوير برامج فعالة لمنع العنف (مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2015أ). وهناك حاجة عامة لتعزيز نظام حماية الأطفال والعدالة الحالي للمساعدة في خلق بيئة وقائية للأطفال. بالإضافة إلى ذلك، يجب تشجيع وكالات حماية الطفل على العمل بشكل تعاوني مع نظام العدالة الجنائية. وفي العديد من الحالات، تكون بروتوكولات التعاون ضرورية لتسهيل التعاون المستمر بين الوكالات.

كما يجب على الحكومات الوطنية والمحلية ممارسة قيادتها في تطوير مبادرات فعالة لمنع الجريمة وفي إنشاء والحفاظ على إطار مؤسسي لتنفيذها ومراجعتها. ولذلك، من الضروري تحديد نقاط الضعف والمخاطر المحددة التي يواجها الأطفال في المواقف المختلفة واعتماد تدابير استباقية للحد من تلك المخاطر واتخاذ الإجراءات المناسبة لدعم وحماية جميع الأطفال. وعلى وجه الخصوص، من الضروري اتخاذ تدابير وقائية محددة لحماية الأطفال الذين ينتمون إلى الفئات الضعيفة بشكل خاص، لمزيد من المواد حول منع الجريمة، بما في ذلك منع الجريمة التنموي، انظر الوحدة التعليمية 2 من سلسلة الوحدات التعليمية الجامعية للتعليم من أجل العدالة حول منع الجريمة والعدالة الجنائية.

ومن الممكن تحديد مجموعات الأطفال المعرضين بشكل خاص لخطر العنف، على سبيل المثال: الأطفال الذين يعملون أو يعيشون في الشوارع، والأطفال ذوي الإعاقة، والأطفال الذين يعانون من مرض عقلي، وأطفال الأقليات، والأطفال غير المصحوبين بذويهم، والأطفال المهاجرين، والأطفال اللاجئين أو طالبي اللجوء، وأطفال الشعوب الأصلية، والأطفال المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والأطفال الذين يعانون من مشاكل تعاطي المخدرات، والأطفال الذين يشاركون في سلوكيات البقاء (مثل الدعارة)، أو أطفال الآباء المسجونين، أو الأطفال المعرضين للعنف والتحرش بسبب هويتهم الجنسية.

يجب أن يكون للأطفال صوت في تطوير استراتيجيات الوقاية، حيث أوضحت لجنة حقوق الطفل ما يلي:

"(...) أصوات الأطفال ما فتئت تشكل قوة كبيرة في مجال منع انتهاكات حقوق الطفل. والأمثلة عن الممارسة الجيدة موجودة، منها في ميادين منع العنف في المدارس، ومكافحة استغلال الأطفال في العمل الخطير والشديد، وتقديم الخدمات الصحية والتعليم لأطفال الشوارع، وفي نظام قضاء الأحداث. وينبغي التشاور مع الأطفال في وضع القوانين والسياسة العامة المتعلقة بهذه المجالات ومجالات أخرى تطرح مشاكل وإشراكهم في صياغة الخطط والبرامج ذات الصلة وتطويرها وتنفيذها" (2009، الفقرة 118).

 
التالي: الموضوع الخامس: تحسين استجابة العدالة الجنائية للعنف ضد الأطفال
العودة إلى الأعلى